فيلادلفيا نيوز
أستغرب كثيرا ممن يركزون على قصة أن هناك تجهيل ممنهج للأجيال يستهدف محو قضية الأمتين الإسلامية والعربية من الأذهان وتغيير عقيدة الأجيال وإيمانهم بالقضية الفلسطينية، ووجه الإستغراب أنهم – وهم يفترض من النخب – لم يقرأوا أو يستوعبوا دروسا كثيرة من داخل فلسطين ومن خارجها عندما تصدر الجيل الرابع والخامس من أجيال المقاومة مشهد توجيه الصفعات القوية لهذا الكيان الغاصب، فلم يستوقفهم مثلا أعمار معظم الشهداء ومنفذوا العمليات الإستشهادية ضد العدو الأزلي، ولم يقرأوا الرسالة القوية التي وجهها جيل المقاومة في الأقصى وفلسطين حين كسروا أنف القوة الغاشمة للصهاينة فأمطرت السماء على بني صهيون “حجارة من سجيل” وزلزلت الأرض تحت أقدامهم ونطقت بالعربية الفصحى “فلسطين عربية”…؟؟؟!!!
ولم يقرأوا أيضا أن الطفل الأردني “سوكة” لم يحتاج إلى حضور خطب جمعة بالعشرات ولسنوات أو أن يتمسمر أمام التلفاز ليستمع للبرامج أو المتحدثين ولم يحتاج أيضا أن يتلقى في المدرسة دروسا عن الجهاد في سبيل الله أو أن يحفظ سورا من القرآن الكريم عن خسة اليهود وغدرهم وعن كفرهم بالله وبالإنسانية… ¿! ¿!
” سوكة” الطفل الأردني من قبيلة بني حسن لم يحتاج إلا إلى (كروموسومات) أهله ونخوتهم التي هي فطرتهم وأن يعرف شكل العلم الذي يرمز لعدو أهله ووطنه وأمته، ثم أن يستدعي “مثانته” لتطرد النجس من مخلفات جسمه الطبيعية ليغرق بها أنجس رمز لأنجس كيان، فيبول على كل المخططات وكل المؤامرات وعلى كل يد خطت حرفا أو شطبت حرفا في صحافة أو منهاج خدمة للصهيونية وهو حين بال قد بال على كل الجهود وعلى طائل الأموال التي بذلت بغير حساب لتغيير ثقافة الأجيال وتقزيم القضية وحصر الصراع على مساحة مكتب في صالة مغلقة على بعض الصهاينة ومعهم من العملاء والأعوان يخططون أو يتحدثون أو يتفاوضون على القضية.
وليس “سوكة” وحده من بال على كل المؤامرات والمؤتمرات والإتفاقيات فولدي عناد إبن الرابعة والنصف لم يحتاج أيضا إلا أن يسألني قبل سنة عن مشهد واحد لثواني لفت نظره في التلفزيون فأجيبه ” بابا هذول شباب فلسطين بطخوا على الحرامية اليهود” وهتفت أمامه لمرة واحدة وقتها “فلسطين عربية”، لم يحتاج إلا لسماع بعض كلمات مني حتى جائني بعد شهر من سؤاله الأول وهو يحمل بندقيته (اللعبة البلاستيكية) فيقول لي :” بابا وديني عند شباب فلسطين بدي اطخ الحرامية” ثم أدار ظهره ليلعب في غرفته وهو يهتف” فلسطين عربية” بلكنته الطفولية التي لم تستقم بعد..!
لقد كرر ولدي عناد طلبه “بابا وديني عند شباب فلسطين” بين الفترة والأخرى، وكذلك تكرر على مسامعي صوته يهتف فجأة وهو في غمرة اللعب” فلسطين عربية “..!
و لأنني أعلم أن ذاكرة الأطفال وقدرتهم على تسجيل ما يسمعون ويرون بطاقة وكفاءة هائلة، صرت أردد على مسامعه أنشودة( فرقة بلدنا) للشهيد إبن خالي أحمد دحيلان المجالي – الذي استشهد في ثمانينيات القرن الماضي وهو يقاتل مع المقاومة الفلسطينية في لبنان- كررت على مسامعه ذلك المقطع الذي يقول :” هذي فلسطينك إلك.. هيه إلك… مثل الطفولة وحضن أمك والكرك… هيه إلك” وبالتأكيد قد إنطبع في عقل (عناد) وفي وجدانه هذا المقطع عقيدةََ ومبدأَََ لا يحتاج لغيره لينشأ كركيا أردنيا عربيا أصيلا لن يساوم مهما مورست عليه الضغوط على ذرة تراب من أرض فلسطين والأردن وعلى حرف ينال من كرامة أهله والكرك.
ابو عناد… رايق المجالي.