فيلادلفيا نيوز نجعل الخبر مبتدأ
فيلادلفيا نيوز
في الإدارة هناك هيكلية استبداد كما في السياسة:
للأسف الشديد لقد وصلنا في موضوع الفساد الإداري إلى حالة مشابهة لتلك التي تشهدها الدول التي حدثت فيها تغيرات جذرية وتبدلت فيها انظمة حكم ـ عافانا الله في هذا الوطن منها ـ فعلى المستوى الإداري تشكلت في الدوائر والمؤسسات والوزارات ما يشبه تلك الانظمة ولكنها انظمة إدارية وليست سياسية بحيث كل وزارة أو دائرة قد تكون فيها نظام ادارتها الخاص بشكله الهرمي وهذا النظام الإداري له أركانه وله أدواته في فرض الحالة التي يريدها.
وأهم آليات وسياسات هذه الإدارات هي سياسات التعتيم والتضليل فيما يتعلق في حقيقة وحجم الفساد الإداري وأيضا في ملاحقة من يعترضون أو يحاولون كشف حجم هذا الفساد ، وفي الواقع إن ما قد يرشح أو يظهر من ممارسات أركان وشلة كل إدارة مسيطرة ما هو إلا (رأس الجبل الجليدي) فأسلوب إدارة كل مؤسسة يقوم فعليا على الجهود التي تبذل فقط لإخفاء الأخطاء خصوصا ما تعتبر فضائح تكشف حجم الإهمال من قبل هرم الإدارة.
والواقع والتاريخ أيضا يقول أيضا أن التغيير والإصلاح لأي إدارة إذا كانا حقيقيان لا يمكن أن يحدثا بمجرد تغيير وزراء أو أفراد في موقع من ضمن منظومة إدارة فاسدة أو مهملة ، فلا يكون الإصلاح بذات الأدوات التي افسدت واهملت ، وهنا يكمن التشابه بين تلك الأنظمة العربية التي تغيرت فقط من رأس الهرم ولكن بقية المنظومة بقيت كما هي فأسقطت بعد فترة وجيزة رأس الهرم وكل ما رفع من شعارات للإصلاح والتغيير ، وبين تغيير وزير أو مدير إدارة عامة مع بقاء كامل المنظومة الإدارية كما هي.
يصح أن نسمي هذه الحالة على صعيد الإدارة بقوى الشد العكسي ولكنها في طريقة تكونها وترابطها وسياساتها وعقليتها هي مطابقة لما يحدث في دولة تغلغل في أوصالها الفساد.
أعتقد شخصيا أننا لو غيرنا طاقم الهرم الوظيفي والإداري بالكامل مع ضرورة تغيير مدراء المكاتب والسكرتاريا في مكاتب الهرم الوظيفي ستظهر الحقائق المرة بل المرعبة عما كان يخفى ويغطى عليه من فساد إداري وكذلك مالي.
معلومة: دائما ما تتكون شبكة من مدراء المكاتب والسكرتاريا تكون هي الرابط والفاعل في تماسك أي شلة في وزارة او دائرة وهي بقوتها ما يفرض السيطرة وهي التي عند تغيير الاسماء من تدمج القادمين في النادي أو الشلة المسيطرة دون أن يلحظوا أنهم قد جندوا واصبحوا من ضمن شلة تتحكم في وزارة وفي إدارة.
رأيي الشخصي أن تغيير مدراء المكاتب والسكرتاريا في كل مكاتب أصحاب القرار في المواقع المتقدمة أهم من تغيير من يجلسون في تلك المواقع من وزراء وأمناء عامين ومدراء ورؤوساء هيئات فيجب مع تغيير كل إسم في موقع البدء بتغيير طاقم عمله ومكتبه فهم في الحقيقة من يتخذون القرارات ويوجهونها وما على صاحب الصلاحية في إتخاذ القرار الاصيل إلا التوقيع حيث يشيرون له أين يوقع.
طبعا هذا ليس عذرا لمن يجلسون في مواقع القرار ولا يعفيهم من المسؤولية بل هذه السيطرة عليهم من مدراء المكاتب والسكرتاريا هي دليل فشلهم وإفلاسهم وعدم أهليتهم لتولي مواقع القرار.
هذا غيض من فيض عن الحقيقة والواقع ونأمل أن يعي كل من يأتي للحكومة رئيسا حاملا أجندة إصلاح للجهاز الإداري هذه الحقيقة وأن يبنى خطته مدركا ومنتبها لها.
أبو عناد.
