السبت , نوفمبر 16 2024 | 3:39 م
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب: خواطر مع الذات،،،

رايق المجالي يكتب: خواطر مع الذات،،،

فيلادلفيا نيوز

التصالح مع النفس :

الإنسان خطاء بطبعه وهذا طبيعي لأن البشر لا يعلمون الغيب وقراراتهم للمستقبل ولو كان الساعة القادمة تخضع لتقديراتهم اللحظية وفق اداركهم معطيات الواقع والنجاح في التقدير واتخاذ القرار لمستقبل الزمن بدقائقه وساعاته وايامه مهما ارتفعت نسبته فلا يمكن لبشر أن يأتي بالعلامة الكاملة لأن هناك نسبة ثابتة لعامل النجاح تتعلق بالاقدار ولكن الكيس الفطن هو من يدرك معطيات الواقع ويبني قراراته مدركا أن هناك هامش أو نسبة لا يمكن أن يسيطر عليها لكنه يعقل ما يدركه ويرجو ما لا يدركه أن يأتي على ما يوافق مبتغاه.

و التصالح مع النفس يعني أن يدرك الإنسان انه أخطأ وأن لهذا الخطأ حتما نتائج وأثر فيتحمل مسؤولية هذا الأثر وهذه النتائج وتحمل المسؤولية هنا يعني عدم تعليق الخطأ على القدر بشكل كامل أو على الحظ مثلا وكذلك عدم تعليقه على الآخرين لأن هذا يحجب سمة العقل أو أن يعقل ويدرك ما هو الخطأ وأين ولماذا وقع وبالتالي لن يتجه التفكير إلى مراجعة الأخطاء ومحاولة التصحيح لأن التصحيح يتطلب ذات الطريقة التي تطلبها القرار الخاطيء قبل وقوع الخطأ في الزمن المستقبل بل إن التصحيح يكون أسهل لأن هناك تجربة وقعت والتجربة خبرة والخبرة أداة للدقة أكثر تجعل القرارات اللاحقة أقرب للصحة.

و إدراك أخطاء الذات ليس فقط يمكن المرء من المراجعة بل يجعله أكثر قدرة على التكييف مع واقع حدوث الخطأ ويعطي القدرة على استيعاب الأثر السلبي وتحمله إلى حين التخلص من هذا الأثر.

التصالح مع النفس يصلح الأنفس ويلغي كثيرا من التصادم بين البشر فعندما يركز الإنسان على تصحيح ذاته وقراراته هو بالنظر إلى المعطيات التي كانت لديه واستيعاب ما لم يكن في يده وتحت سيطرة عقله وحواسه فهو بالقطع لن يعلق أخطاءه على الآخرين ولن يبقى في حالة غضب او عتب على غيره والبعض لن يركز على الانتقام من غيره لأنه أعتقد أن ما حل به سببه الآخر فقط وأنه هو لا يأتيه الباطل لا من خلفه ولا من أمامه.

طبعا هناك أخطاء غير قابلة للتصحيح لأن الزمن لا يعود للوراء فتصبح هذه الأخطاء قدرا قد وقع وهذه أول ما يجب التصالح معها بالتكيف ومحاولة التخفيف من اثرها بإيجاد الحلول ومعالجة النتائج إعتمادا على النفس بينما ينصب التصحيح على ما يستطيع البشر تغييره أو الرجوع عنه من الأساس.

التصالح مع النفس حجر أساس في التصالح بين البشر وأيضا في أكتساب الناس خبرات فعلية في الحياة فإذا تعممت حالة التصالح مع النفس وانتشرت بين أفراد المجتمع لنسبة عالية بالضرورة وجد المجتمع المتصالح ووجد السلام بين الناس وانتشرت الحكمة والحكماء في مجتمع واحد وكل هذا يصبح ضابطا مهما وحارسا لهذا المجتمع من الإتجاه إلى المجهول بل إن تفاعلات الحياة من وقوع الخطأ والصواب تصبح رافعة للتطور والتقدم وبهذا اثبت تاريخ الشعوب ما آلت إليه أحوال بعض الشعوب فكانت العلاقة طردية مع حالة التصالح مع النفس من عدمه.

و الخلاصة أن ما ينطبق على النفس الواحدة وعلى الفرد ينطبق على الدول والمجتمعات فإنكار اخطاء الذات بالضرورة سيوصل الدولة إلى مستنقع الأوهام فتبقى هذه الدولة تصارع نفسها وتتخبط في هذا المستنقع فلا هي تصوب أخطاءها ولا هي تقتص بشعرة من رؤوس أعدائها.

الحمدلله على كل حال والحمد لله على ما فات وعلى المآل ونسأل الله صلاح العقل والأحوال.

ابو عناد.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com