فيلادلفيا نيوز
حسم لجدل طال ..؟!؟!؟!!
مطالعة سريعة توضيحية للمواطنين الأردنيين من غير أهل القانون والمحامين فيما يتعلق بقانون التنفيذ ونفاذ وسريان النص الوارد في تعديل القانون قبل ثلاث سنوات كاملة والمتعلق بحبس المدين ، وكذلك رفع الحماية الجزائية لورقة الشيك:
أولا: (الشيك) : كان الشيك وهو ورقة تجارية في الأساس تقوم مقام النقد وليس أداة أئتمان أو ضمان قد حماه المشرع الأردني بالنص على عقوبة السجن إذا حرر بدون وجود رصيد قائم قابل للصرف حال تقديم الشيك للبنك ، وسبب هذه الحماية في الأصل هو منع التعامل بهذه الورقة التجارية كأداة إئتمان وحتى تبقى تقوم مقام النقد.
واقع الحال ومع الايام ومرور الزمن مارس الجميع التعامل مع ورقة الشيك كأداة إئتمان وضمانة قوية للمسحوب لأمره بسبب العقوبة الجزائية المترتبة على إصداره بدون وجود رصيد ، فأصبح الجميع من تجار أو غيرهم يصرون هم على تقديم أي متعامل معهم يترتب عليه التزام بدفع مبلغ ولأي سبب بأن يحرر شيكات بما يطلبه (الدائن) من (مدينه) وهذا ما رتب أمرين:
١-تحرير الشيكات فعليا لم يعد بسوء نية وبقصد إيهام الشخص المقابل أو المتعامل معه بوجود مبلغ أو قيمة الشيك قائمة وتصرف حال تقديم الشيك للبنك مما يعني( انتفاء الركن المعنوي وهو القصد بإرتكاب جرم إصدار شيك بدون رصيد أو لا يقابله رصيد) ,- وبالتناوب – وإذا بقي اصدار الشيك بدون رصيد مجرما فالمسحوب عليه الذي يعلم عدم وجود رصيد قائم عند تحرير الشيك يعتبر شريكا أو محرضا على ارتكاب الجرم ، لذلك فقد أصبح واقع التعاملات بورقة الشيك قد افقد نص الحماية الجزائية وظيفته آلتي وضع من أجلها وهي ( حماية الورقة التجارية الشيك من التعامل بها كأداة إئتمان وليس أداة وفاء) ومع انتفاء وظيفة النص فتنتفي الحاجة للنص لأن نصوص التجريم يجب أن تدور وجودا وعدما مع (وجود فعل يراد منعه ومع وجود وظيفة الردع عن الجرم ) ،لذلك أصبح رفع الحماية أمرا صحيحا وسليما لانتفاء الغاية وهي حماية الورقة ولأنفتاء تحقق النتيجة اقتصاديا من حماية الورقة التجارية (الشيك)؛
٢-الشيك وحسب ما بيناه أعلاه من واقع التعاملات به في الأردن شكل حالة من حركة المال أو تداوله وهميا أو ما يعرف بالاقتصاد الوهمي حيث يتم تداول الشيكات بين المتعاملين وتجيبرها والدفع بها وهي مجرد أرقام ومبالغ على ورقة الشيك وليس لهذه المبالغ وجود في أرصدة محرري هذه الشيكات فالقيمة المالية ليست حقيقية وهذا الاقتصاد الوهمي هو ما يشل الإقتصاد الحقيقي في الدولة عن الحركة الطبيعية والحقيقية ، لذلك فالغاء الحماية الجزائية عن الشيك خطوة هامة وضرورية جدا في إتجاه تصحيح البوصلة أولا في مسيرة أو توجه الإصلاح الاقتصادي أو البدء فيه لأن إلغاء الوهم وما يشل الحركة الطبيعية ، ونحن في الأردن الاقتصاد الوطني مشلول منذ زمن ولا يتحرك إلا الاقتصاديات الخاصة لفئات وأفراد شكلت طبقة محدودة تعيش في بلد لا نعرفه اسمه (Jordan ) ..؟!؟!؟!
ثانيا: (حبس المدين والديون المدنية) فالحبس في قانون التنفيذ أصلا هو وسيلة تنفيذ تهديدية ويسمى (حبس تهديدي) وليس عقوبة لها وظيفة (الردع العام والردع الخاص) وتم النص عليها في الأصل حتى يجبر الدائن المتأخر عن السداد أو الوفاء الكلي أو الجزئي على الوفاء أما كليا ومرة واحدة وأما جزئيا أي بالتقسيط وهو ما يسمى ( السداد من خلال تسوية بدفع اقساط ميسرة يستطيع المدين الالتزام بدفعها على مدة متفق عليها مع الدائن) .
والحبس في واقع الحال في الأردن تحول إلى ضمانة وحيدة يعول عليها جميع الناس في تعاملاتهم المالية مع غيرهم من الأشخاص ، وحتى المؤسسات الماليه أصبحت تعول عليه كضمانة في منح القروض أو التسهيلات المالية ونشأ أيضا إقتصاد وهمي حيث صارت المبالغ المالية المطلوبة من مدينين ومع الأيام مجرد أرقام في أوراق وأحكام تصدر بحق الأشخاص وبسبب الأوضاع الاقتصادية وبسبب عدم وجود ضمانات مسبقا للدائنين إلا (الحبس) فالدائنين أولا تحولوا لمتعثرين في أعمالهم بسبب وجود ذمم مالية لهم محكوم بها أشخاص آخرين ليس لديهم أموال كافية للسداد ، وتحولت حقوق الدائنين (المبالغ المحكوم لهم بها) مجرد كلام وأرقام وأحكام في (ملفات) ، والإصرار على التنفيذ بالحبس قد ثبت أنه أسلوب تنفيذ غير مجدي في تحصيل المبالغ المالية بنسب وبزمن كافيان وفقط رتب الاصرار على الحبس وصدور مئات الآلاف سنويا من أحكام الحبس أعباء مالية وأعباء لوجستية على خزينة الدولة والأهم أن اقتناع الدائنين أن (الإصرار على الحبس) وسيلة للتنفيذ جعل النسبة الأعلى من الدائنين يغلقون أبواب التسويات وبالنتيجة لا توجد تسويات حقيقية سواء قصيرة الأمد أو طويلة الأمد ، وبالنتيجة أيضا فحركة مال حقيقية مهما ضعفت متوقفة وبالتالي فهناك مبالغ طائلة في المجموع في طيات الملفات في دوائر التنفيذ فقط وأكوام أعلى من الجبال من تعاميم قرارات الحبس دون أن تكون هناك حركة طبيعية مالية حقيقية مما يعني أيضا شلل في حركة اقتصاد حقيقية ولو بسيطة أو ضعيفة.
وعن إتهام وتعميم تهمة (الاحتيال الذي نسميه ” نصب” ) على وصف (, مدين أو مدينين) فهذا وصف جرمي ورد في قانون العقوبات الأردني ومعاقب عليه وفقاً لنص المادة (٤١٧) من قانون العقوبات الأردني وقانون العقوبات عرف جرم الاحتيال ( بأنه الاستيلاء على مال الغير بوسائل احتيالية) أي أنه يجب أن يستخدم الشخص الجاني وسائل وهمية تقنع الآخرين وتدفعهم إلى تسليم الأموال لهذا الشخص فيستولي عليه لنفسه بوسائل خداع وإيهام) ولا توجد قضية مدنية يحكم فيها شخص بدفع التزام مالي ينطبق عليها الوصف الجرمي لجرم للإحتيال حسب ما عرفه قانون العقوبات الأردني ، ولو كانت المحكمة الحقوقية قد وجدت شبهة ارتكاب جرم الاحتيال أثناء نظر الدعوى المدنية لكانت وفقا للقانون أحالت القضية إلى القضاء الجزائي المختص ، وعليه فمن يتعرض لجرم الإحتيال عليه أن يتجه للمحكمة الجزائية وليس المحكمة الحقوقية المدنية ودائرة التنفيذ .
أما تعميم وصف جرمي اخر (تهريب الأموال) وبأن المدينين يرتكبون هذا الجرم وتعميم هذا السلوك على الأغلبية وعلى وصف (مدين أو مدينين) فهو أيضا ذر للرماد في العيون ممن يقولون بهذا القول ،لأن ( تهريب الأموال) كما قلنا هو جرم جزائي معاقب عليه وفقا لقانون العقوبات الأردني منصوص عليها في المادة (٤١٩ ) من القانون وحددت المادة أشكال وصور تهريب الأموال (١- من وهب أو أفرغ أو رهن أمواله أو تسبب بقصد الاحتيال على دائنيه ، ٢-من باع أو نقل أي قسم من أمواله بعد صدور حكم أو قرار يقضي عليه بدفع مبلغ من المال وقبل تنفيذ ذلك القرار أو الحكم أو خلال شهرين سابقين لتاريخ صدورهما قاصدا بذلك الإحتيال على دائنيه) ، وبذلك فالمشرع الجزائي أيضا جرم أفعال تهريب الأموال أضرارا بالدائنين وأعطى الحق لكل دائن بأن يتوجه للقضاء الجزائي إذا سلك مدينه مسلك وأفعال (تهريب الأموال) ويستطيع أولا سجنه أكثر من مدد (حبسه التهديدي) فتتراوح عقوبة تهريب الأموال بهدف الإضرار بالدائنين من ثلاثة أشهر إلى سنتين وفي حالات أكثر خطورة تصل العقوبة إلى اشغال شاقة مؤقتة أو مؤبدة إذا ارتكبت الجريمة من قبل عصابة أو باستخدام أسلحة أو في حالات غسل الأموال ، وثانيا وهو الأهم يسترد دينه من الأموال التي هربها المهرب لأمواله وفوقها ما يعوضه عن الضرر من تهريب أموال من قبل مدينة إن وجد.
وعليه فمن يقول من الدائنين ووكلائهم بأن من لهم في ذممهم أموالا وقد مارسوا تهريب أموالهم بهدف عدم الوفاء والأضرار بدائنيهم ،فقولهم هذا مجرد استعطاف لرأي عام فلا صحة لهذه الادعاءات في واقع الحال والإ فلماذا لم يتوجه إلى المحكمة الجزائية ليأخذ حقوقه وبالصاع الوافي..؟!؟!؟!
اخيرا ( استيفاء الحق بالذات) يقول من اعترضوا بشدة على تعديل قانون التنفيذ ومازالوا بأن (إلغاء حبس المدين) سيؤدي إلى لجوء الدائنين لاستيفاء حقوقهم أو ديونهم بالذات ، ولكن قد نسي أصحاب هذا القول أو هذه الحجة بأن (استيفاء الحق بالذات) جرم جزائي وفق قانون العقوبات الأردني حيث ورد النص على هذا الجرم في المواد (٢٣٣ و٢٣٤و٢٣٥ ) وهي من الجرائم المخلة بالإدارة القضائية لأن هذا الجرم يعني تحول المجتمع إلى شريعة الغاب ولا توجد دولة أو حتى دويلة ضعيفة لا تجرم هذه الأفعال ، مما يعني أن الدائن الذي بسبب عدم حبس مدينه مدة لا تزيد عن شهرين أو بسبب عدم وفاء المدين المعسر له سيلجأ إلى استيفاء حقه بالذات فهذا يعني أنه سيتعرض لدخول السجن إضافة إلى دفع ما يترتب على إدانته بجرم استيفاء الحق بالذات للمجني عليه (مدينه سابقا) وقد يكون مبلغ التعويض مضاعفا عشرات أو مئات المرات وهذا غباء صرف يتهم به أصحاب هذا القول الدائنين ، فهم بهذا القول يسيئون لهذه الفئة ولا ينتصرون لها.
هذا هو ملخص حقيقية موضوع إلغاء حبس المدين والغاء الحماية الجزائية وفائدة ذلك على المجتمع والدولة والقطاعات والاقتصاد الأردني وهذا الملخص أردت توضيح الأمر فيه للكافة لرفع الغشاوة التي تسبب بها تضليل (غير مقصود وآخر مقصود) للمجتمع الأردني ولعوام القانون وللأسف هذا التضليل بنوعيه قد لعب على أوتار حساسة هي مصالح وارزاق لفئات من الناس فجعلوا هذه الفئة تعتبر فئة أخرى (ضعيفة ومسحوقة/المدينين المعسرين) عدوتهم اللدودة وهذا نوع من زرع الفتنة بين فئات المجتمع.
وعليه فكل ما مر بيانه هو ما نصت عليه التشريعات الأردنية وما طرأ من تعديلات على التشريعات موضوع الجدل ما هي إلا خطوات صحيحة في الاتجاه الصحيح لتحقيق مصالح عليا للمجتمع أولها الإصلاح الاقتصادي ، فلا تسمعوا لأي صاحب رأي آخر تضللكم صفته أو لقبه لأنه فقط يتحدث من زاويته الخاصة وهي مصلحته الشخصية فقط كدائن أو كوكيل لدائن يهتم فقط بمصلحة خاصة آنية وعلى قاعدة المثل الشعبي:” احييني اليوم وموتني بكرة” ولا توجد أدنى نظرة عامة أو لمصلحة فئات أو مجتمع ، وقد أغفل وتناسى أو لم يعلم من يصر على جلد التشريعات والقوانين النافذة بأن التشريعات في الدول لا توضع وتسن للتدخل في معالجة حالات او مراعاة لمصلحة فئة أو بعض فئات فقط أو لحل مشكلة أو أزمة قائمة بشكل فوري ومباشر ، بل وجدت التشريعات لتنظيم مجتمع دولة وتصويب أوضاع عامة ومراعاة مصالح عليا مستمرة وابدية وأن تضررت فئة أو فئات بشكل محدود ومؤقت.
المستشار القانوني رايق المجالي أبو عناد.
