فيلادلفيا نيوز
الطبيعي الذي يحدث دائما أن تعلن الدولة الأردنية وقوفها إلى جانب أي دولة تتعرض لكارثة طبيعية لأنه واجب إنساني وهذا ما تقوم به الدولة الأردنية دائما فلا تتأخر الدولة الرسمية عن المشاركة في جهود الإغاثة لأي دولة حسب الإمكانيات المتاحة والمتوفرة لدينا ولا تخضع هذه المواقف وهذه الجهود لأي معيار آخر غير الإنساني الذي أقرته كل المواثيق الدولية فلا مجال لأي تحليل أو تعليق في الإطار السياسي أو على خلفية سياسية مما يعني أن الدولة الأردنية تقوم بهذا الواجب الإنساني بإتجاه سوريا وكذلك تركيا من ذات المنطلق وفقط قد يتحدد حجم المساهمة ويختلف بحكم الموقع الجغرافي الذي يسهل للأقرب ما يصعب على الدولة الأبعد جغرافيا .
والشاهد و/أو سبب الإشارة إلى ما تقدم هو ما نتابعه مثلا عبر وسائل التواصل من تعليقات بعد حدوث الكارثة وإعلان الدولة عن جهود المساهمة هنا وهناك والتي تذهب إلى التحليل وفق أبعاد سياسية وإعتبارات عرقية أو دينية ومذهبية وهذا ما يعبر عن جهل تام بهذا الجانب وبطبيعة تعامل المجتمع الدولي مع هذه الكوارث الطبيعية وعلى صعيد آخر فردات الفعل شعبيا أيضا تتفاوت أيضا إستنادا لمعايير تتعلق بالأفراد والأشخاص فنجد ما ينطلق من مبادرات التضامن تستند إلى خلفيات فكرية وحزبية تعبر عن مواقف بعض الجهات والأفراد السياسية تجاه كل بلد من البلدان المنكوبة وكأن المشاعر تجاه الأرواح التي فقدت جراء الزلزال تختلف عند الإنسان أو أن الإتجاه السياسي ومواقف الدول السياسية تخرج الشعوب من إنسانيتها لتستحق الفناء تلك التي لا تتفق سياسة دولهم مع افكارنا الخاصة كأفراد أو كتيارات سياسية بينما تجعل شعوبا اخرى في نظر المتحزبين والمصطفين سياسيا هي وحدها التي يجب ان توجه لها كل جهود الإغاثة والدعم .
أنا شخصيا لم أعلق بأي إدراج منذ حدوث الكارثة برغم تفاعلي وتعاطفي وألمي كأي إنسان طبيعي تجاه كل من تضرروا من هذه الكارثة أي كان موقعهم ولكنني اتابع بدقة كل ما ينشر عنها وعن آثارها لغاية هذه اللحظة وما دعاني للكتابة اليوم -كما ذكرت سابقا – هو ما رصدت من تفاعلات وتعليقات على مواقع التواصل سواء على جهود الدولة بالنسبة للدول المنكوبة أو تفاعلات ومبادرات الفعاليات الشعبية أو الحزبية للتضامن مع المتضررين في الدولتين من الزلزال والتي يحزنني أنها تعكس مواقف حزبية أو شخصية حسب إختلاف الخلفيات السياسية و/أو الحزبية وبعضها يعلق أحيانا على جهود الدولة أيضا من منطلق سياسي فينتقد هذه الجهود ويسقط عليها أوضاعنا الداخلية ويكيل النقد والجلد للحكومة ضمن سياق المعارضة وعدم الرضا عن كل ما يصدر عن الحكومات وهذا -في الحقيقة – ما يدعو للحزن بالرغم من أنه لا يخرج عن الحالة التي أصابت المجتمع الأردني في كل شأن .
يا سادتي الكرام – يا سامعين الصوت ولمقتضيات الإنسانية وبسبب طبيعة الأمور في مثل هذه الحالات- لا يجب أن يتجزأ الموقف الأردني بالتمييز رسميا بين الجهات المتضررة وكذلك لا يجب أن يتباين الموقف الرسمي مع الموقف الغير رسمي تجاه هذه الكارثة الطبيعية في أي بلد في العالم والمهم أيضا أن تعي الفعاليات الغير رسمية بأن مواقفها وجهودها للتضامن مع الدول والشعوب المنكوبة بهذا الزلزال لا يجب أن تتجاوز أو تخرج عن الأطر القانونية في الدولة الأردنية فهذا مما يندرج تحت (إدارة الظهر للدولة ومؤسساتها ) وهو مخالف للدستور وللقانون فمثلا لا يجوز جمع التبرعات من أي جهة ولأي جهة داخليا أو خارجيا إلا وفق التشريعات الأردنية الناظمة لهذه المسألة ,فلا يأتي غدا من يقول أن الدولة الأردنية منعت جهة من التضامن مع أشقاء أو أصدقاء ليتحول الأمر إلى شأن سياسي يطرح ما يطرح من صدامات وصراعات ربما تخلق أزمة بحد ذاتها في وقت لا تنقصنا الأزمات .
والله والوطن من وراء القصد .
ابو عناد