فيلادلفيا نيوز
الدولة الأردنية مملكة تتجدد ويمكننا القول اننا في عهد أو عصر المملكة الرابعة ، والتجدد لا يعني تبدل العهود -اي المواثيق والمباديء والثوابت -أو تغير السردية الأردنية للدولة الإمارة والمملكة التي بدأت مع ارسال الحصان الأشقر وهي كلمة السر لإنطلاق الثورة العربية الكبرى على يد شريف مكة الحسين بن علي طيب الله ثراه..
لكن الدول وفي العالم كله وعبر التاريخ تمر- كحتمية تاريخية -بمراحل أو عصور تتجدد وتتغير فيها اشكال الحكم أحيانا وتتغير الرؤى وآليات الحكم بحسب تغير الزمان وأدوات العصور لتواكب الدول متغيرات العالم وتبدل الظروف التاريخية وتلاطم الأحداث الكبيرة التي توجد المنعطفات التاريخية في مسيرة الشعوب كافة والتي تتغير معها البشرية جمعاء.
هذا ما أوردته أعلاه ليس وجهة نظر بل حقيقة كونية وليست هذه الحقيقة نظرية أو اختراع بشري بل سنة في الكون وسمته فالبشرية بدأت بسيدنا ادم وبذريته الأولى التي نتخيل حياتها ونسميها (حياة الإنسان الأول حياة الكهوف) دلالة على بدائية ادوات الحياة للإنسان على الأرض ، فسنة التغير هي سنة التطور فمن الإنسان الذي لم يعرف (النار) ولا يعرف استخداماتها وفائدتها إلى إلى طفل اليوم إبن الثالثة أو الرابعة الذي يستطيع استخدام الهاتف الذكي وتطبيق يتحكم بمنزل والده عن بعد ومن قارة أخرى ليشعل أضواء المنزل ويشغل جهاز الأمان والتدفئة أو التكييف.
ما بين ما قبل اكتشاف النار للإنسان وبين طفلي الذي صار يعلمني أنا استخدام بعض التطبيقات لا ولم يبقى على حاله كائن أو شئ إلا خالق كل شيء -جل في علاه – الذي علم الإنسان مالم يعلم فأنعم عليه ليعمر الكون بأداة العقل الذي هو أداة التغيير والتطوير.
وعودا على بدء المقال عن مملكتنا الأردنية الهاشمية والتي اسميتها المملكة الرابعة فمنطلق السرد السابق أنني اقرأ في المشهد العام في بلدي أو العقل الجمعي ما زال يتجه الى تطبيق قواعد وقوانين عصر أو عصور سابقة كقواعد الحكم في عهد الإمارة أو في عهد بداية تأسيس مملكة اردنية هاشمية على الحاضر فأجد أن هذا العقل الجمعي ما زال يستهجن أو يرفض سياسات عامة أو قرارات مصيرية أو يستهجن تبدل هذه السياسات العامة فيقارن دائما بين سياسة ما -على سبيل المثال – في ( ١٩٤٧ أو ١٩٥٢ أو ١٩٧٠ أو أو أو..) وبين آخر قرارات أو سياسات عامة تم اتخاذها وإعلانها في الدولة ، وكأن شيئا في الحياة لم يتبدل منذ تلك التواريخ فنجد الإبن لنسل من أجدادنا اليوم الذي أصبح مواطنا أردنيا بالغا عاقلا وكهلا يحمل أعلى المؤهلات العلمية يطالب الدولة أن تطبق عليه وعلى ابنائه ما كانت الدولة في عهد الإمارة تطبقه في التعامل مع جد جده (الشيخ فلان) وعلى عشيرته أو قبيلته (الفلانية) ما كانت تطبقه في التعامل مع شيوخها وأفرادها في ذلك العهد والزمن الغابر بكل ظروفه وتفاصيله وعناوينه.
وأقرأ أيضا أن العقل الجمعي -للاسف – يفسر تغير السياسات أحيانا بأنه مؤامرة أو استهداف لمكونات معينة في هذا الوطن بقصد إنهاء وجودها أو تهميشها.
وإن جادلني البعض أو الكل ورفضوا قرائتي وتحليلي فأحيلهم فقط لمثال واحد ساطع من يومياتنا في الحاضر يعبر عن هذه الذهنية وما استقر عليه العقل الجمعي وهذا المثال هو (قبل الثمانينيات من القرن الماضي وحتى نهايتها أيضا كانت الدولة بحاجة للمورد البشري لاستكمال بناء قطاعات الدولة وتحديدا القطاع العام وأجهزة الدولة وادارتها فكانت الوظائف من كل صنف تنتظر المنتج التعليمي الأساسي والمتوسط والعالي لرفد القطاع العام والأجهزة بالكوادر البشرية في كل مستوى وظيفي ،فاتجه الأردنيون إلى تعليم أبنائهم مهما كلف الأمر ليتخرجوا وينخرطوا في وظائف الدولة ،فمر الزمان واكتفت الدولة بقطاعاتها العامة بشاغلي الوظائف ثم استقلبت فوق المطلوب حتى بلغ الترهل والزيادة في المورد البشري حدودا كسرت ظهر الدولة فأختفت الشواغر الوظيفة تماما وتبدل العالم وتبدلت ادوات كل وظيفة وعمل ومع ذلك ما زال العقل الجمعي يركز على تعليم الأبناء مهما كلف الأمر لتبدأ رحلة المطالبة بوظيفة في القطاع العام وعلى وجه السرعة بمجرد تخرج الابن أو الابنة ،فإذا تأخرت الدولة في توظيف الأبناء فهي دولة فاسدة ومارقة) …؟؟؟!!!؟؟؟
هذا حالنا في الحقيقة والواقع ولا أظن أنني بحاجة لسوق امثلة وادلة وبراهين أخرى على أن ذهنية تطبيق قواعد وقوانين عصور سالفة على حاضر دولتنا ومملكتنا التي تعيش عصرها أو عهدها الرابع كمملكة اردنية هاشمية في كرة أرضية تعيش عصر السرعة وعصر التكنولوجيا وعصر العملة الرقمية والوظيفة الرقمية وحتى عصر الطبابة او التداوي عن بعد عبر وسائل التكنولوجيا.
ما زلنا رغم علمنا ويقيننا أن خط الفقر في الأردن هو ١٥٠٠ دينار نحارب الدولة وأحيانا نحارب بعضنا لتأمين وظيفة لإبن أو إبنه راتبها في أول التعين (٤٠٠ دينار) وفي نهاية الخدمة عند التقاعد ( ٧٠٠ دينار) … والباقي عندكوا…؟؟؟!!!؟؟؟
أبو عناد