فيلادلفيا نيوز
النظرة الساذجة والسطحية إلى المشاهد من غزة وفرحة المقاومين والحاضنة الشعبية من أهالي غزة من كل الأعمار تثير السؤال في العقول الصغيرة ” لماذا يفرحون وعلى ماذا والدمار في غزة لم يترك شبرا والقتلى والشهداء بالألاف وإضعاف الأعداد جرحى وأسباب الحياة قد انعدمت…؟!؟!؟؟؟؟ ”
هذا سؤال ساذج يحوم في أذهان من ينظرون إلى الأشياء بسطحيتها ومن تراكمت في عقولهم وقلوبهم مخالفات نفايات الأمم ورسخت لديهم ثقافة (البهيمية) ومفهوم “أن الحياة مجرد أكل وشرب وملبس ومسكن ورفاهية في كل ذلك” وكأن الأوطان مجرد ( حدائق للحيوانات) يجب أن تتوفر فيها للحيوان أسباب الحياة في القفص الذي وضع فيه وأن تتهيأ فقط الظروف التي يتزاوج فيها النوع..؟!؟!؟!
نعم عم الدمار وتحول كل شيء إلى رماد ونعم محيت أسر كاملة من السجلات المدنية ونعم خرج من الأسر أشخاص قضوا ثلثي أعمارهم في السجون الإسرائيلية تحت التنكيل والتعذيب ولم يجدوا عند خروجهم أحد ممن تركوهم عند أعتقالهم ، ونعم أن غزة تحولت إلى ارض جرداء من كل شيء إلا الإنسان ولكن:..
هذه المشاهد وتفاصيل أفراح أهل غزة والمحررين من الأسر فيها شيء ربما لم تعرفه الإنسانية وهو (إشتقاق النور من الظلمة الحالكة واستنباط الحياة من الموت الزؤام وصناعة الأمل من كل أدوات اليأس وبناء الأحلام وترميمها من الفراغ وإيجاد الربيع من القحط والجفاف) ، فالفرحة ليست بتوقف القصف وليست بالخروج من السجون وليست بدخول المساعدات من طعام وشراب ودواء وخيام فهذه لو كانت اسباب الفرح وكل ما ينشده ويتمناه الفلسطيني لما أطلقت رصاصة بإتجاه العدو ، ولكنها فرحة إنتصار الإنسان على كل ما لا يتحمله إنسان وتجاوز هذا الإنسان (مقاوما ،اسيرا ، مواطنا) كل هذا الظلام وكل البشاعة والقسوة والبطش وكسر كل قيد وسحق وإسقاط كل قوة غاشمة لا تصمد أمامها الجبال فالفرحة في (أن كل فرد في غزة تحول -بقدرة الله -الى أسطورة تمشي على قدمين) .
تلك مشاهد تجسد لحظات تسطر في وجدان الفلسطينيين والعالم أجمع وكل الأنسانية معنى أن تكون (إنسان قوي وحر) وهي مشاهد تجسد معنى إنتصار (الإنسان في غزة) في تحدي واجهته فيه كل الدنيا وتكالبت عليه كل الظروف وتحالفت كل قوى الشر والظلام لكنه ربح التحدي ولبس تاج (الإستمرار) .
على الشعوب العربية أن تتعلم هذه الدروس من الذين خرجوا من تحت الدمار ومن وراء قضبان السجون التي هي قبور ومن تحت طبقات الارض وكل ما صب عليهم من ألوان العذاب يرفعون إشارة النصر ويعدون أنفسهم وبعضهم وكل العالم بأنهم سيعيدون بناء غزة وقوتها ليعودوا ليتمطوا صهوة عزتها وكرامتها لمواصلة المسيرة نحو الهدف الاقدس (تحرير أرض فلسطين وتحرير الشعب) .
والشعوب العربية التي يلفها اليأس ولا ترى في بلدانها إلا السواد والبعض يرون أنفسهم في عيشة خراب وفي قمع وتنكيل وخوف لمجرد أن رفاهية الحياة لا تتوفر لهم..؟!؟!؟!
مع أن الشعوب العربية لديها كل شيء وبشكل زائد فلديها دولها وعمرانها ومجتمعاتها ومدارسها وجامعاتها وقطاعاتها آلتي تعمل في كل مجال ولديها الوظائف والأعمال والخزائن والأموال والمزارع والمستودعات والمصانع ولكن ينقص انسانها (الايمان بالله وبالنفس وبأي قضية عادلة) .
لو أن الشعوب العربية تعلمت ربع الدرس من شعب غزة لنهضت وتحولت الشعوب العربية ودولها إلى أرقى الشعوب ولأصبحت الدول العربية هي دول العالم الأول.
أبو عناد.