فيلادلفيا نيوز
من خلال خدمتي في القطاع العام لاحظت أن معظم الوزارات والمؤسسات العامة يوجد لدى كوادرها فكرة خاطئة عن طبيعة الوظيفة العامة وكيفية عمل أجهزة الدولة الرقابية ، ووجدت ان معظم الموظفين يعتقدون أن حل المشاكل داخل كل وزارة أو مؤسسة هو بنفس الطريقة والقنوات التى تحل بها مشاكل طلبة مدرسة في مدرسة حكومية بحيث يشتكي الطالب من زميله او من أحد المعلمين فتقوم إدارة المدرسة باتخاذ الإجراء في نفس اليوم وقبل نهاية الدوام.
في القطاع العام هناك إدارة لكل مؤسسة أو وزارة ولكل إدارة أفرع ومديريات تتبع لمرجع أعلى هو الوزير أو المدير العام أو رئيس الهيئة وهذه المؤسسات ضخمة وكوادرها بأعداد كبيرة فمن الطبيعي أن تكون الإجراءات في كل معاملة تأخذ زمنا بين مستويات الوظيفية وإدارات ومديريات وأقسام كل مؤسسة.
ثم أن هناك أجهزة ودوائر في الدولة وهي مؤسسات دورها تكميلي رقابي للدوائر والمؤسسات تمارس صلاحيات وفق تشريعات وقوانين مثل (هيئة النزاهة ومكافحة الفساد) و(ديوان المحاسبة) و(هيئة الخدمة والإدارة العامة) وهذه في نفس السلطة التنفيذية ودور هذه المؤسسات رقابي ولكنه رقابة لاحقة فهي تدقق على انحرافات الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية في تطبيق التشريعات النافذة وهذه المؤسسات لا تمارس الرقابة من تلقاء نفسها بل بناء أو استنادا إلى ما يحال لها من شكاوى عن وجود مخالفات للأنظمة والقوانين فهي لا تتدخل ابتداء في ممارسات أي إدارة فلكل إدارة صلاحياتها وهذه المؤسسات الرقابية تعمل بناء ما تنص عليه التشريعات من طرق وقنوات التقدم إليها بشكاوى من جهات متضررة من ممارسات خاطئة للإدارات.
ثم هناك سلطة دستورية هي (السلطة التشريعية) التي لها دور رقابي أساسي ومهم إضافة للدور التشريعي وهذه السلطة تمارس الرقابة على السلطة التنفيذية ومدى امتثال السلطة التنفيذية في كل مؤسساتها للقانون والتشريعات الناظمة لأعمال السلطة التنفيذية ولهذه السلطة ادواتها الرقابية وهي (اللجان الداخلية) وكذلك ( الجلسات الرقابية) بالإضافة إلى (ادوات النائب من توجيه اسئلة للحكومة عن أي قضية وأيضا استجواب الوزراء والمسؤولين في مؤسسات القطاع العام) ، وسلطة مجلس النواب تعطيه صلاحية حجب الثقة وإسقاط الحكومة.
مما يعني أن كل أدوات الرقابة موجودة في الدولة ولكنها لا تعمل على طريقة (الخط في الرمل أو قراءة الفنجان) بل إن كوادر المؤسسات من الموظفين وكذلك كافة المواطنين هم من يفعلون رقابة هذه المؤسسات من عدمه فعندما يتوجه كل مواطن أو موظف وجد انحرافات أو وقع عليه ظلم وتسبب في ضرر له إلى هذه الجهات فستتراكم الشكاوى والمظالم وستقوم هذه المؤسسات بدورها ومسؤولياتها وتتفعل التشريعات التي تحكم عملها فتراقب وتدقق على ممارسة الإدارات العامة.
كذلك هناك السلطة الأهم وصاحبة الولاية في تطبيق القانون على كل مواطن وكل مؤسسة في الدولة وهي تطبق سلطة القانون ولا أحد أو جهة فوق سلطتها وسلطة القانون وهي (السلطة القضائية) وهذه السلطة أيضا لا تعمل من تلقاء نفسها وتفتش عن حقوق الناس وعن الجرائم التي ترتكب بل هي السلطة التى تفصل وتحكم في كل دعوى وشكوى تسجل لديها ،لذلك فيملك كل مواطن أو كل موظف أن يتوجه مباشرة للقضاء بأنواعه وحسب نوع القضية ليسجل دعوى أو شكوى ليحصل حقوقه التي تم الاعتداء عليها وكذلك ليكشف أي اعتداء على حقوق المجتمع والدولة.
إذا نحن في دولة وجدت فيها كل قنوات وطرق تحقيق العدالة وفرض تطبيق القانون والتشريعات بشكل سليم وهذه كلها جهات وطرق تحصيل الحقوق وحمايتها وطبعا قد تكون هذه القنوات والطريق طويلة نسبيا لكنها الطرق المضمونة لأن نهايتها واحدة عندما تكون المظلمة أو الشكوى جدية.
لذلك فأهيب كل كوادر القطاع العام وبكل المواطنين بضرورة إتباع كل الطرق القانونية والتوجه إلى الجهات آلتي أوجدها القانون في الدولة لوقف أي ممارسات خاطئة أو أي فساد إداري يجدونه أو يطلعون عليه ،لا أن ينتظروا أن تأتي هذه المؤسسات والسلطات إلى المكاتب أو المنازل لتسأل كل شخص عن مظلمته ،كما أن هذه المؤسسات لا تعمل من خلال متابعة وسائل التواصل الاجتماعي لتتابع ما ينشر من شكاوى ومظالم.
صاحب كل حق هو الذي يحرك الدعوى أو الشكوى وكذلك الحق العام لابد للجهة المسؤولة عن تحصيله من ورود بلاغات لها عن اعتداء على حقوق عامة.
إن وعي المواطنين وكوادر الوظيفة والقطاع العام وتفاعلهم مع مؤسسات الدولة الرقابية وعدم السكوت على كل انحراف هو الذي يضمن نجاح مؤسسات الرقابة وهو ما يكفل إعادة الحقوق لأصحابها والعكس (أي الصمت والسلبية) ذلك فهو مساهمة في الفساد وفي تغول أفراد على القانون وعلى حقوق الدولة والمجتمع وعلى حقوق الضعفاء.
اللهم هل بلغت..اللهم فاشهد.
أبو عناد.
