فيلادلفيا نيوز
لنعرف من سيحرر القدس ويعيدها علينا أن نعرف أولا من سلمها وضيعها وكيف ..؟؟؟.
حرب حزيران (67) هي المحاولة الثانية للإستيلاء على القدس بعد فشل المحاولة الأولى في حرب (48) والأردنيين فقط من أفشلوها , ففي المحاولة الأولى كانت خطة التسليم الإنجليزية حيث كانت الأردن ما زال جيشها يقوده الإنجليز ولم يعرب بعد ,فكانت قيادة الجيش العربي الأردني كاملة إنجليزية حيث كانت كالتالي :
*-القائد العام للجيش العربي الأردني (جون باغوت كلوب)جنرال (فريق أول)
*القائد الميداني (نورمان لاش) بريجاديير (عميد)
*-اللواء الأول ويتضمن الفوجين الأول والثالث (ديزموند غولدي) كولونيل (عقيد)
*-الفوج الأول (بلاكدين) كولونيل (عقيد)
وكانت الخطة تقضي أن تأمر قيادة الجيش الإنجليزية القوات الأردنية المتواجدة في فلسطين بالإنسحاب من مواقعها واعادة الإنتشار بخطة إنتشار جديدة تفسح المجال لعصابات الهجانا لتدخل القدس , وكانت القوات الاردنية ثلاث ألوية قيادتها من الإنجليز بالإضافة إلى لواء رابع هو الوحيد قيادته عربية (عقيد أحمد صدقي السيد ) وهو لواء دعم وكل لواء كان مكون من (افواج ) وهي (الكتائب ) وكانت جميع (الكتائب أو الأفواج ) قادتها من الإنجليز أيضا بإستثناء ( الفوج الرابع أو الكتيبة الرابعة في اللواء الثالث ) بقيادىة (المقدم حابس المجالي ) (الفوج السادس أو الكتبة السادسة في اللواء الثاني ) بقيادة الرائد عبدالله التل .
والهدف من هذه الأوامر لقيادة الجيش طبعا تسليم القدس بإتفاق سري مع العصابات والوكالة اليهودية لكن كل من (قائد الفوج أو الكتبة الرابعة حابس المجالي وقائد الفوج أو الكتيبة السادسة عبدالله التل ) لم ينفذا اوامر القيادة الإنجليزية فقد فهما وعرفا أن في ذلك تسليم للقدس فرفضا الأوامر الصادرة من قيادة الجيش ونفذا خطة اخرى بإعادة أنتشار قواتهما والتمركز في القدس وحولها للدفاع عنها وهذا ما حصل ومن ثم خاض الجيش الأردني حيث أنضم العسكر والجنود من بقية الألوية والأفواج لأخوانهم في كتيبتي حابس وعبدالله فخاض الجيش الأردني ببسالة تفوق الوصف ثلاث معارك كبيرة هي:
1- معركة باب الواد
2- معركة اللطرون
3- معركة القدس
فاستطاع الحفاظ على القدس والضفة الغربية كاملة مع انتهاء الحرب وكانت خسائر الإسرائيليين في هذه المعارك ضخمة، فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي ومؤسس إسرائيل ديفيد بن غوريون في حزيران عام 1948 أمام الكنيست: ” لقد خسرنا في معركة باب الواد وحدها أمام الجيش الأردني ضعفي قتلانا في الحرب كاملة” .
ومع أن حرب (48) اشتركت بها القوات العربية من مصر بأكبر قوة كان من قياداتها (يوزباشي جمال عبدالناصر ) وكذلك العراق وسوريا ولبنان والسعودية إلا أن الجيش الأردني هو الذي حافظ على القدس وحده من السقوط في (48) وأفشل خطة الإنجليز وعصابات الهاجانا والوكالة اليهودية ومن خانوا من الدول العربية .
ثم مرت السنوات بعد (48) والقدس في يدنا وحصلت تغيرات في البلدان العربية ابرزها حصول الإنقلاب في مصر ما سمي (ثورة 23 يوليو /1952) على النظام الملكي في مصر وأطاح الإنقلاب بالملك فاروق الذي عرف بكرهه الشديد للإنجليز وهو صاحب قرار ارسال قوات مصرية للقتال في فلسطين قوامها (10 الاف جندي بقيادة اللواء (احمد علي المواوي ) ثم ترتبت الأمور ليصبح الرئيس المصري هو ذلك (اليوزباشي جمال عبدالناصر) الذي كان من ضمن القوات المصرية في فلسطين في حرب (48) والتي كانت اكبر قوة عربية (بعشرة ألاف ) بينما القوات الأردنية كانت (4500) مجتمعة ونلاحظ أن ما لم تقدر عليه قوات العشرة آلاف فعلته القوات التي عددها اقل من النصف وهي (الأردنية ) والتي هي أيضا أقل تسليحا من (العشرة آلاف ) , فطار وصار (اليوزباشي ) المصري (عبدالناصر ) الرئيس المخلص بعد أن تخلص من قائد انقلابهم (اللواء محمد نجيب) وكل من وقفوا في طريقه لزعامة مصر .
ثم قام (عبدالناصر ) بسد (مضيق تيران ) وبطبيعة الحال اسرائيل اعتبرت خطوة (عبد الناصر) هذه الغير مبرره اعلان حرب عليها وأستمر (عبد الناصر) فى التصعيد فزار قاعده جويه فى منطقة القناه و أعلن منها أنه مصمم على قفل مضيق تيران فى وجه الملاحه الاسرائيلية بعده ومنع مرور السلع الاستراتيجيه لاسرائيل فى المضيق حتى لو كانت محمله على سفن ليست اسرائيليه, وهذا قطعا إعلان للحرب ودعوة لها ويفترض أن من يعلن حربا أو يدعو لها بأنه جاهز تماما لها من كل النواحي وأولها (الإستخبارية ) ثم جاهزية القوات العالية مع الخطط المحكمة بناء على المعلومات الإستخبارية وهذا أمر بدهي وطبيعي يعرفه العوام حتى لو لم يكونوا (عسكرا أو ضباطا أو رؤساء دول ) ولكن ما حدث ووفق المعطيات التاريخية المثبتة هو الآتي :
أولا : حسب ما كشف لاحقا من وثائق المخابرات المصرية فقد أعلن المصريون ومازالوا لليوم أنهم حققوا نصرا مخابراتيا بزرع العميل (رأفت الهجان ) داخل الكيان الإسرائيلي منذ (1956) وأستمر لمدة (17عاما ) ولم يكشف ,ثم أكدوا وما زالوا ايضا بأن هذا العميل داخل إسرائيل إستطاع معرفة خطة الهجوم وتوقيت الهجوم باليوم والساعة حيث أرسل للقيادة السياسية المصرية من خلال المخابرات المصرية أن الضربةالأولى ستكون ” في الساعة ما بين الثامنة والتاسعة صباح الاثنين الخامس من يونيو/حزيران بغارات جوية على مصر في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل” ,وذلك -حسب ما يؤكده المصريون دائما – وهذه العلومات وصلت القيادة المصرية قبل بدء الهجوم بإسبوعين .
ثانيا : عند اطلال الحرب برأسها تشكلت قيادة قوات عربية مشتركة في القدس وفلسطين لحمايتهما وتحديدا حماية القدس من السقوط بيد (ال ص ه ا ي ن ه ) فقد زار جلالة-المغفور له بإذن الله – الملك الحسين بن طلال القاهرة زيارة مفاجئة وسرية وطوى خلافاته مع جمال عبد الناصر-من اجل حماية القدس – ووقع على اتفاقية الدفاع المشترك التي باتت تضم ثلاث أطراف هي مصر وسوريا والأردن وفي تلك الزيارة سأل الرئيس عبد الناصر ضيفه الملك حسين :
ألم تكن تخشى أن نعتقلك هنا خاصة وان زيارتك سرية ؟
فأجاب جلالة الملك : “مثل هذا الاحتمال لم يزعجني ” (رواية الملك حسين .).
استمرت الزيارة ست ساعات اتفق خلالها على معاهدة دفاع مشترك بين الجمهورية العربية المتحدة والاردن مدتها خمس سنوات، وعلى إنشاء مجلس دفاع مشترك، وقيادة مشتركة وهيئة أركان مشتركة ورضي الملك حسين بوضع قواته العسكرية بأمرة القائد المصري (اللواء عبد المنعم رياض) ودخول قوات عراقية وعربية أخرى للاردن, وفي اليوم نفسه دخلت مفارز من الجيش العراقي إلى الأراضي السورية.
ثالثا : باشرت قيادة القوات العربية المشتركة يقيادة (اللواء عبدالمنعم رياض ) مهامها في القدس وما تبقى من فلسطين بعد حرب (48) لوضع خطة الحرب وصد أي هجوم إسرائيلي على القدس , وكان (اللواء الأردني عاطف إرفيفان المجالي ) عضو (قيادة القوات العربية المشتركة عن الجيش الأردني ) فوضع خطة أسماها (طارق ) لحماية القدس من السقوط وإحتلالها من قبل الإسرائيلين لأنها بالتأكيد (الهدف الإستراتيجي ) لليهود فكانت خطته أن حماية القدس من السقوط هي الأولوية والهدف الإستراتيجي للقوات العربية لذلك رسم خطة تمركز هذه القوات في القدس وحولها وفي الطريق اليها من كل الإتجاهات لصد أي محاولات وأي هجوم بأي شكل وطريقه ومن أي جهة تقوم به القوات الإسرائيلية , وقدم هذه الخطة المتكاملة للقيادة المشتركة ووضعها على طاولة مجلس القيادة وأمام قائد القوات العربية المشتركة (المصري عبدالمنعم رياض ) وشرحها بأدق التفاصيل لكن قائد القوات العربية (رياض) رفض هذه الخطة رفضا تاما مما جعل (اللواء المجالي) يضرب على الطاولة -وقيل انه ضرب عبدالمنعم رياض – ورمى كوفيته على طاولة الإجتماع للقيادة وخرج غاضبا , لأن خطة (المصري ) كانت ابعاد القوات العربية وأولها المصرية وإعادة نشرها واتجاهها إلى جهات بعيدة عن القدس خصوصا إلى الخليل .
وكان مما قاله (اللواء عاطف المجالي ) لقائد القوات المصري (رياض ) :”يا رياض انت تعرف فلسطين فقط من خلال خارطة امامك وانا اعرف فلسطين كاملة شبرا شبرا لأني مشيت على اقدامي على ارضها أيضا شبرا شبرا ” .
رابعا : بدأت الضربة الأولى في الحرب والهجوم الإسرائيلي على جبهة مصر في اليوم والساعة والأمكنة والطريقة التي وصلت للقيادة السياسية المصرية من خلال (العميل المصري داخل الكيان ) وقبل إسبوعين , وأستغرقت عملية تدمير المطارات وكامل القوة الجوية المصرية فقط ثلاث ساعات ,فقد كان كل شيء على الأرض -في أمكنة الضربات الأولى -على حاله وكأن لا وجود لعدو ولا وجود لحرب قادمة مع أن الذي أعلنها صاحب الأرض وقائد البلد والقوة التي ضربت ودمرت قواتها الجوية في (3 ساعات فقط ) .
خامسا : عندما بدأ الهجوم الإسرائيلي على القدس لإحتلالها وكان (المصري قائد القوات العربية المشتركة عبدالمنعم رياض ) قد رفض خطة (طارق ) التي قدمها (اللواء الأردني عاطف إرفيفان المجالي ,قد قام بتنفيذ خطته وخطة المصريين بإبعاد القوات العربية عن محاور دخول القدس ومحاور الدفاع عنها ولم يبقى في القدس وعلى اسوارها إلى الجيش الأردني الذي لم يستطع وحده أن يمنع إحتلالها , فأستبسل الجيش الأردني وقدم الملاحم والتضحيات على اسوارها وفي أحيائها فصمد الجندي الأردني بالسلاح الأبيض وقاتل به بعد تدمير آليته أو نفاذ ذخيرته لكن قوة وحجم الهجوم كان هائلا فسقطت القدس وأحتلت بل هي في الواقع ووفق المعطيات الثابتة السابقة سلمت من قائد القيادة العربية المشتركة (المصري رياض ) -عن سبق اصرار وتصميم -والذي طبعا يأتمر بقائده وزعيمه (الرئيس جمال ) فكانت خطة ابعاد القوات العربية هي خطة إفساح المجال (لليهود ) لينجحوا في محاولتهم الثانية بعد أن فشلوا في الأولى ,لأن الجندي الأردني(حابس وعبدالله ) وإن كان تحت قيادة الإنجليز إلا أنه رفض أوامر القيادة المتآمرة ودافعا حابس المجالي وعبدالله التل وجنود الجيش الأردني تحت قيادتهما عن القدس وقد كانت قوة العدو في تلك الحرب(48) أقل بكثير منها في (67) وكذلك وجدت الخطة والقيادة البطلة المخلصة في الميدان في (48) بينما تعرض الأردني والفلسطيني وكل العرب لخيانة القيادة في الميدان في (67) ..
ذات الخطة التي كانت في (48) لتسليم القدس والتي كان يريد تنفيذها الإنجليزي كقائد للجيش الأردني في حينه قام (القائد عبدالمنعم رياض المصري ) بتنفيذها في (67 ) لتسليم القدس , وكانت ذات الخطة التي دافعا بها (حابس وعبدالله ) قادة للجيش الأردني عن القدس في (48) هي ذاتها خطة (طارق ) التي قدمها (شقيق حابس اللواء عاطف إرفيفان المجالي ) للقيادة العربية المشتركة لتنفذها في (67) , لكن المؤامرة والخيانة وقدرات العدو في (67) كانت أعظم وأكبر من قدرة الجيش الأردني ليدافع وحده عن القدس .
والخلاصة من هذا التركيب والتجميع للحقائق الدامغة والتي لم أخترعها أو أؤلفها من عندي بأن حرب (67) وما سمي (النكسة ) كانت مؤامرة من البداية لتسليم القدس والضفة الغربية للإسرائيلين وبطل هذه المؤامرة قيادة أكبر قوة ودولة عربية , فإغلاق المضيق وما تلاه مما يعد اعلانا للحرب لم يكن مبررا وإن برر فلم يكن هناك أي جاهزية لدخول الحرب وإن كانت هناك أي جاهزية إستخبارية على الاقل ومعرفة سابقة بخطة الضربة الأولى لأكبر قوة ودولة عربية وتوقيتها وأمكنتها فلم يحرك ذلك (القائد والزعيم ) ساكنا ولم تتم حتى محاولة إفشال اي جزء من خطة العدو , ثم إذا كان -وقد كان بالفعل – هناك خطة للقوات العربية تمنع إحتلال وسقوط القدس – وهي خطة طارق للواء عاطف المجالي – فلم يؤخذ بها بل رفضت بشدة وعن قصد ونفذت خطة اخرى لا يفكر بها حتى من لم يعرف العسكرية يوما .
وبعد إنتهاء الحرب الخاطفة التي نفذت بها خطة المؤامرة والخيانة بدقة وفي الثلاثين من تموز سنة سبعة وستين (67) وعندما كان (اللواء الأردني الثائر ) على خيانة (القيادة العربية المشتركة ) يهم في القاء محاضرته في معهد حوارة في اربد عن الحرب وما جرى بالفعل فيها ليكشف الحقيقة المرة وقبل أن يبدأ عرضه ومحاضرته التي كانت ستكشف الحقائق كاملة داهمه إعياء ودوار وسقط على الأرض فنقل لإسعافه لكن المنية كانت قد انشبت أظفارها ففارق الحياة قبل أن ينطق بالحقيقة وكان قبل بدء المحاضرة قد تناول دواء يحمل دائما وصف له لعرض ما عنده , فكانت المنية في هذا الدواء قد دست من قبل من أرادوا أن لا يكشف خيانتهم وهم من ثار عليهم وأهانهم فانتقموا منه وأسكتوه في ذات الوقت , لكن الرواية التي أعلنت هي أنه فارق الحياة نتيجة (ذبحة صدرية ) وليس ذلك بالتأكيد تواطئا من الأردنيين وقيادتهم ولكن للسياسة أحيانا ضرورات تجعل اقفال بعض الملفات هو الأفضل والأصلح للقضية الأهم , فجلالة الملك الحسين -رحمه الله وغفر له – قد تعرض لمحاولات اغتياله مرات ولم تنجح ومع أن المدبر والمخطط معروف لدى جلالته ولدى الدولة الأردنية إلا أن المصالح العليا إقتضت إقفال الملفات وعدم فتحها , فهكذا كان الأردن دائما يتجاوز ويترفع على المعارك الصغيرة من أجل المعركة الأهم وهي معركة الأمة ..
فهل عرفنا من الذي سلم القدس …؟؟؟
وهل عرفنا من الذي دافع وضحى في سبيل القدس دائما ولم يساوم أو يخون وقدم الملاحم العظام في التضحية ..؟؟؟
يا سادتي هذه رواية كما قلت مركبة ومجمعة من حقائق ثابتة بكل أنواع الإثباتات وبكل الأدلة التاريخية ومنها (أفواه المصريين وما زعموا وكذلك ووثائقهم وإعلامهم ) وكل توثيقات حرب (67) وما قبلها وما رافقها وهي تبين من المتآمر والذي سلم القدس على طبق من (دم الأردنيين والفلسطينيين ) .
هذه روايتنا الصادقة والحقيقية ونتحدى المتآمرين أن يستطيعوا دحض أدلتها ..!!!
علينا ووفاء للقدس وفلسطين ولكل شهيد سقط ارتقى من اجلها أن نكتب الرواية الصحيحة لنكمل رواية (اللواء الثائر الشهيد عاطف إرفيفان ) كشاهد على الحقيقة من قلب الميدان والمعركة والتي لم يتمكن من أن يتلوها لأنهم إنتقموا منه وأسكتوه .
رايق عياد المجالي /ابو عناد .