السبت , نوفمبر 16 2024 | 5:54 م
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب: التعديل الدستوري على صلاحيات تعيين رؤساء الأجهزة الأمنية

رايق المجالي يكتب: التعديل الدستوري على صلاحيات تعيين رؤساء الأجهزة الأمنية

فيلادلفيا نيوز

قد إمتعض وعارض كثيرون التعديل الذي جرى على صلاحية تعيين رؤساء الأجهزة الأمنية، (المخابرات،الجيش، الأمن العام) ولكنني انا شخصيا نظرت من زاوية أزعم أنها أكثر تعمقا بهذا التعديل وحيث أن التشريعات عندما تسن أو تعدل لابد أن يكون هناك سبب موجب أي سبب أولا مقنع وثانيا يبين الهدف والوظيفة التي من أجلها يسن التشريع او يعدل وعلى هذا فإنني استبشرت بهذا التعديل لأني فهمت أن المقصود أو الهدف المخصص لهذا التعديل هو رفع يد الحكومة عن إدارات الأجهزة الأمنية وتحرير هذه الإدارات من سلطة الحكومة أو سطوة شخوصها لأن هذه المؤسسات والأجهزة الأمنية تضطلع بالمهمة الأساس وهي حماية الوطن بأسره وبكل تفاصيله من كل أنواع الأخطار سواء الخارجية أو الداخلية وهذه مهمة جليلة لا تتم إذا لم تتوفر سمة الحياد عند إدارات هذه المؤسسات فلا تخضع أو تتبع لأي جهة أو سلطة داخلية، فمهمة إدارة أجهزة الدولة المدنية تختلف عن مهمة حماية الأمن الوطني فلكل شأن مختصين ولكل أمر أهله.

وأكاد أجزم بل أنني مقتنع قناعة تامة أن الغاية من هذا التعديل أو السبب الموجب هو ما ذكرت أعلاه وإن كان معظم من عملوا عليه لم يفكروا بهذا الإتجاه وكان لهم فهم آخر، وأيضا أعلم أن التطبيق ربما يبتعد وينحرف كثيرا عن هذه الغاية وهذا الهدف ولكن علينا أن نتمسك بأصل الأشياء وأيضا أن ننظر بإيجابية إلى القرارات العليا للدولة فالأصل “أن المشرع لا يلهو ولا يلغو” وأيضا ” ما لا يدرك كله لا يترك جله” ومثل هذا التعديل ولأهمية وقدسية أدوار هذه المؤسسات التي تقع تحت عنوان (أمن الوطن) علينا أن نتوقف بتمعن عند هذا التعديل وأن نتمسك بالغاية والسبب الموجب الذي إقتضى إجراء هذا التعديل وهذا بالضرورة يرتب عدة أمور أهمها :..

أولا : أن هذا التعديل يرتب مسؤوليات اكبر وأثقل على هذه المؤسسات لأنه يوسع دائرة المهام المناطة بهذه الأجهزة فهي بهذا التعديل قد عززت الثقة بها لحمل أمانة حماية الوطن وهذه ثقة وأمانة غالية ومقدسة.

ثانيا : هذه المؤسسات والأجهزة الأمنية أصبحت تسأل عن هذه الأمانة أمام رأس الدولة مباشرة.

ثالثا : هذه المؤسسات والأجهزة أصبحت تراقب كل شيء وكل الجهات وكل فرد أيضا دون إتهام مسبق فقرينة المواطنة الصالحة ونظافة المقاصد لصيقة بالجميع ولكن هذه الأجهزة هي التي صار من واجبها رصد أوجه التخاذل والتقصير والإهمال حتى لو لم يكن هناك قصد لإرتكاب ما يخل بأمن الوطن.

رابعا : هذا الدور في الرقابة ورصد التخاذل أو التقصير والإهمال يفرض على هذه المؤسسات الأمنية بذل جهود نوعية وجديدة وليست بطريقة التدخل المباشر والمسبق في أعمال الحكومة وبقية مؤسسات وأجهزة الدولة المدنية بل بطريقة الرصد والمراقبة والتقييم السليم والدقيق وتزويد أعلى مرجعية للقرار بتقرير شاف وواف عن (حالة البلاد) وهذا يعني أن مراقبة أداء الحكومات وبقية السلطات وتقييم كافة السياسات العليا والقرارات المنفذة لهذه السياسات (اي النهج العام) صار من مهام هذه المؤسسات الأمنية.

خامسا : والأهم أيضا أن الرقابة على رأس هرم كل جهاز من هذه الأجهزة أو المؤسسات قد تشددت حيث أصبح جلالة الملك هو الرقيب عليها دون تدخل أي جهة أخرى.

وعلى ما مر أعلاه فإن هذا التعديل من وجهة نظري يعتبر إيجابيا ويشكل نقلة نوعية في تطبيق مفهوم الأمن الوطني الشامل إذا ما وضع تطبيقا في ذات السياق الذي رسم من القيادة العليا لإجراء الإصلاحات على كل صعيد وهذا يقتضي أيضا أن نتمسك نحن الشعب بهذا التعديل لنطالب هذه المؤسسات والأجهزة بأن تستكمل ما كانت عليه دائما من حمل أمانة حماية الوطن وقيادته بأن تنتقل هي أيضا إلى مرحلة جديدة في عملها وتضيف إلى منهجياتها وعقيدتها أن أمن الوطن لا يتعلق فقط بالأفعال المقصودة للإخلال بالأمن الوطني بل إن الأخطاء حتى لو كانت بريئة قد تشكل خطرا أعظم على الوطن والقيادة من كيد ومؤامرات الأعداء وعلى قاعدة “إذا تعلق الأمر بالوطن فالخطأ والخيانة سيان لأن النتيجة واحدة” وهذا برأيي تطور في مفهوم الأمن الوطني تحت قيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين – حفظه الله ورعاه – وولي عهده الأمين.

وعليه أيضا فعلى الحكومات وكافة السلطات والإدارات المدنية في الدولة أن تقرأ الرسالة من هذا التعديل وأن تلتقط الغاية والهدف وتفهمهما جيدا لتحرص جميعها على تولي المسؤوليات “بأمانة وإخلاص” وهي العبارة التي تعتبر جوهر القسم الوظيفي الذي يؤديه كل من تولى موقعا أو منصبا في الدولة وهذا يقتضي بالضرورة أن يخشى غير الاكفاء التقدم إلى مواقع المسؤولية في الصفوف الأولى لإدارات الدولة جميعها فقد ارسلت رسائل كثيرة وكثيفة من لدن القيادة في كل المناسبات منها وعلى رأسها قول جلالة الملك المفدى – حفظه الله – في أكثر من خطاب وبالاردنية المحكية الفصيحة :” المسؤول اللي بخبص يروح يقعد في بيته”…!

هذا فهمي ورأيي في إيلاء صلاحية تعيين رؤساء المؤسسات الأمنية لجلالة الملك المعظم وكما اطالب هذه الإدارات وكافة الإدارات في الدولة أن تلتقط الرسالة وتعمل بها فإنني اطالب الشعب بأن نتمسك بهذا التعديل ونطالب بتحقيق أهدافه حرفيا دون انزياح أو انحراف لا أن نعارضه ونقلل من أهميته ونطالب بتغييره وقطعا كما بينت أعلاه فرقابة هذه المؤسسات ليست رقابة التدخل السابقة بتوجيه الإدارات بل هي رقابة رصد الأداء ورصد التقصير والإهمال والأخطاء وفض شبكات التضليل والتعتيم على المرجع الأعلى في الدولة.

حفظ الله الوطن وقيادته الهاشمية في علو وكرامة وشموخ وإنتقال دائم من مرحلة إلى أخرى بمنعة وسداد وتوفيق مالك الملك رب العزة جل في علاه.

ابو عناد… رايق المجالي.

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com