فيلادلفيا نيوز
توضيح قانوني بحت لموضوع الحريات العامة على ضوء ما يجري على الساحة الداخلية (المظاهرات تحت عنوان دعم غزة) :….
الحقوق والحريات العامة في التشريعات الأردنية،:
يتألف النظام القانوني للحقوق والحريات العامة في معظم الدول من النصوص التشريعية التي تنظم ممارسة المواطنين لحرياتهم العامة والحريات التى تسمى عامة هي التي تتعلق بنشاطات الشخص في تعاطيه وتعامله مع محيطه ومع المجتمع وتختلف عن الحريات الشخصية والحريات الأساسية وحقوق الأفراد الشخصية .
وتفرق التشريعات في العصر الحديث بين الحريات العامة والحريات الشخصية ولكن كلا النوعين يخضعان لضوابط وقيود يفرضها القانون وينص عليها في تشريعات الدولة ، فحرية التملك -مثلا – ليست مطلقة تعطى للأفراد دون أن ينظمها القانون وإلا لتحول المجتمع لغابة لا يعيش فيها إلا الاقوى ففي هذا المثال عن حرية التملك للأشياء لو كانت مطلقة لأقتتل الأفراد على تملك الاشياء ،لذلك لا توجد (حرية) دون ضوابط وعدم وجود ضوابط يجعلها (فوضى) أو (شريعة غاب) .
وعن الحريات العامة في الأردن فقد كفلها الدستور الأردني والذي كان في نسخته أو الذي وضع سنة ١٩٥٢ دستورا متقدما على معظم الدساتير في العالم حين تم وضعه وخصوصا في تناوله لتنظيم الحريات العامة وحقوق الإنسان الأساسية والحريات الشخصية ، وقد جرت تعديلات عديدة على هذا الدستور لم تنال من قواعد ومباديء الحرية بشقيها ،بل جاءت التعديلات للتعزيز والتنظيم الاكثر تفصيلا.
فييعتبر الأردن من الدول التي خطت خطوات واسعة ومتقدمة في زمن قياسي في مجال الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق الإنسان، وقد أنجزت الدولة الأردنية التعديلات الدستورية التي طالت قرابة ثلث مواد الدستور الأردني، كما تم سن التشريعات التي شملت قوانين الأحزاب، والانتخاب، والاجتماعات العامة، وقانون المطبوعات والنشر، وقانون محكمة أمن الدولة، بالإضافة إلى إنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب كجهة مستقلة تشرف وتدير العملية الانتخابية، وتعزز نهج النزاهة والشفافية، كما شهدت السنوات السابقة انضمام الأردن إلى ست من اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع المعنية بحقوق الإنسان .
وواقع الحال تشريعيا ودستوريا في الأردن واتخاذ الخطوات التى تضمنت ما اشير إليه أعلاه من سن التشريعات المتعلقة بالانتخابات وبالاحزاب والمطبوعات والنشر مما يعني ان الدولة الأردنية نظمت طرق قانونية لممارسة المواطن لحرياته العامة وحرياته الخاصة ، وبالنسبة لممارسة الحريات العامة:
فأولا: نص الدستور الأردني على حق الأردنيين في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من شؤونهم الشخصية وشؤونهم العامة وفقا للقانون وذلك يعنى مخاطبة السلطات العامة بكافة الطرق الشرعية من حيث عرض القضايا أو المظالم أو المطالب وعندما قال النص الدستوري “وفقا للقانون” فقصد المشرع الدستوري هو ” أن الخطاب الموجه للسلطات العامة لا يخالف أي تشريع وقانون نافذ فلا يجوز ارتكاب ما جرمه نص في قانون او تشريع عقابية كأسناد التهم وكيلها من مواطن لجهات أو لأشخاص بأن تلقى التهم بالفساد وبتقصد الجهات أو الأشخاص الأضرار بالافراد أو بالمجتمع ” لأن هذا الأسلوب في الخطاب يتضمن إرتكاب جرائم متعددة مثل الذم والتحقير وأغتيال الأشخاص أو إثارة الفتن أو التحريض ضد الجهات أو الأشخاص من خلال ما يتم اتهامهم به من قبل من يوجه الخطاب المعلن بأي وسيلة اعلان” .
وثانيا : فسن التشريعات المتعلقة بالحياة السياسية من قانون الانتخاب للتمثيل البرلماني وكذلك قانون الأحزاب وقانون الادارة المحلية هو إيجاد لأطر قانونية يمارس أفراد الشعب من خلالها حرياتهم العامة وهذا يعني أن التعبير عن الرأي للأفراد وللجماعات يكون من خلال هذه الأطر القانونية وآليات عملها ، فمجلس النواب هو مجلس تمثيلي أي أنه ينوب عن الأفراد والجماعات فيما لديهم من آراء بالشأن العام وهو مجلس ينتخب أعضاءه بشكل مباشر من الشعب ، والأحزاب هي أطر قانونية أيضا تمثل حرية الأفراد في اتجاهاتهم الفكرية والسياسية والبرامجية وهي الوسيلة المنظمة لممارسة الإفراد لحرية التعبير عن الرأي وهي التي تترجم إتجاه اراء الأفراد وتجمعها تحت فكر حزب ومبادئه وبرنامجه ، وأيضا فأنتخاب المجالس البلدية هو ممارسة للأفراد في المجتمع لحرياتهم العامة بأنتداب وانتخاب من يتولون الإدارات المحلية وتقديم الخدمات العامة ، وقد وجد أيضا في الأردن منذ فترة مجالس المحافظات (اللامركزية) .
وثالثا: وسائل التعبير وممارسة الحريات الأخرى مثل التظاهر السلمي بأشكاله لم يجرمها أو يحرمها المشرع الأردني ،وكذلك لم يجرم التعبير عن الرأي من خلال المطبوعات والنشر بكافة الوسائل ما لم تتضمن طرق التعبير عن الرأي وممارسة الحرية مخالفات لما جرمته التشريعات النافذة كقانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية وأي تشريع أو نص عقابي في تشريعات أخرى نافذة ، فلا يجوز أن تمارس تحت عنوان التظاهر السلمي افعالا مجرمة بالقانون كذم جهات أو أشخاص أو التحريض ضدهم أو زرع وتحريك الفتن وما يشكل عبثا أو شرخا في النسيج الوطني ، وكذلك لا يجوز استخدام وسائل النشر والمطبوعات لذم جهات أو أشخاص أو التحريض ضدهم أو العبث بالنسيج الوطني وزرع الفتن وتحريكها.
وخلاصة القول وللتوضيح للكافة فإن الدولة الأردنية من خلال الدستور والتشريعات النافذة لم تجرم أو تحرم يوما وسائل ممارسة الحريات العامة ولم تجرم أو تحرم وسائل التعبير عن الرأي بحد ذاتها مثل التظاهر السلمي أو المسيرات أو الكتابة والنشر عبر كافة وسائل الإعلام والنشر وأيضا الوسائل الإلكترونية الحديثة ،بدليل أن المواطنين الأردنيين قد مارسوا كل الوسائل السابقة للتعبير عن الرأي ومارسوا حرياتهم العامة ولم يتوقفوا يوما عن ذلك من السير في مظاهرات ومسيرات ووقفات احتاجاج ولكل الأسباب ،فلو أحصينا عدد الوقفات والمظاهرات والمسيرات التي جرت في العاصمة عمان منذ انطلاق ما يسمى الربيع العربي لوجدناها بالالاف ، وكذلك لو احصينا عدد المظاهرات والوقفات والمسيرات منذ السابع من أكتوبر أيضا لوجدناها بالالاف ، ولكن عظد ما تم فضه بالقوة من تلك الفعاليات أو منع اقامته أو عدد من تم ضبطهم من الأفراد (وإحالتهم للقضاء) وفقا للقانون لا يذكر وكل من تم ضبطه أو إعتقاله فبإجراءات قانونية وضبوطات وتمت إحالتهم للقضاء لأنهم قاموا بأفعال مادية خلال تلك الفعاليات تشكل مخالفات وجرائم وفقا للقانون .
إذا فممارسة الحريات العامة بوسائل التعبير عن الرأي العام وتعبير الأفراد عن آرائهم تكون بأتباع ما شرعه القانون وعدم مخالفة القانون وهنا لا توجد ذريعة للسلطات العامة لمنع أي من الأفراد أو منع الجماعات من تنظيم الفعاليات السلمية وممارسة التعبير عن النفس وعن المشاعر والاراء ، وعندما يتم الالتزام بعدم ارتكاب المخالفات والجرائم من خلال وسائل التعبير عن الرأي فأي جهة أو سلطة أو أي فرد وعنصر من عناصر الأجهزة المعنية يكون هو من خالف القانون أو تكون السلطة من يخالف الدستور الأردني والقانون وهذا لم ولن تفعله أو تقوم به السلطات الأردنية.
وكدليل أيضا مهم ذكره على أن من لا يخالف القانون لا يتعرض لأي نوع من المسائلة أن المظاهرات والمسيرات يشارك بها عشرات أو مئات أو آلاف ولكن الذين يتم ضبطهم إذا ما خرجت هذه الفعاليات عن القانون وحصل خلالها أي مخالفات يكونون فقط عدد قليل قد لا يتجاوز عدد اصابع اليد ولا يتم إعتقال وضبط عشرات ومئات وألاف مشاركة لأن السلطات والاجهزة المعنية بحفظ النظام والقانون تطبق القانون فقط على من تتم مشاهدته يرتكب فعلا مجرما ،اما بقية المشاركين فيتم الطلب منهم أن يتفرقوا ولا يتم استخدام القوة مع الجموع إلا لإجبارهم على التفرق وانهاء الفعالية.
هذه هي الدولة الأردنية وهذه هي دولة القانون ولكن مع تهديد أمن الدولة ومع تهديد السلم الأهلي وزعزعة الأمن السياسي والأهلي فلا يجوز التذرع بالمفاهيم العامة وعناوينها لتبرير مخالفة القانون ولشيطنة السلطات العامة والدولة ، ولا يجوز الاختباء خلف الشعارات الرنانة والأهداف النبيلة ،وعلى الدولة أن تطبق القانون بكل حزم وبكل صرامة لضبط الأمن وضبط كل مخالف للقانون والنظام العام.
أما ما تسلط عليه جهات خارجية أو داخلية وكذلك بعض الأفراد من عملية فض المظاهرات أو اعتقال افراد مشاركين بها فتلك وبطريقة التناول هي (بروبغندا) معادية للوطن الأردني بكل عناصره ، وتستهدف زعزعة الاستقرار السياسي والمجتمعي وتصوير الدولة الأردنية على غير حقيقتها.
المستشار القانوني رايق المجالي أبو عناد.
