الخميس , يونيو 27 2024 | 9:06 م
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب : الانتخابات وإدارة الدولة وسيكولوجية المجتمع الأردني

رايق المجالي يكتب : الانتخابات وإدارة الدولة وسيكولوجية المجتمع الأردني

فيلادلفيا نيوز

بالنظر لواقع الوطن الأردني في مسألة تولي أبناء الوطن لإدارة دولتهم نجدنا كأردنيين نراوح في الزمان الماضي من عمر هذه الدولة ولا نقبل أن ننظر للماضي كمرحلة أو مراحل مرت في عمر الدولة والمجتمع ويجب أن نستخلص الخبرات منها وننظر للمستقبل فنستفيد مما تعلمناه ومما كان لنخلق واقعا ومستقبلا.

فجميل أن يتم الرجوع لذكريات وزمن جميل(واسترجاء امجاد عشائر ورموز من أبناء العشائر) لكن لا ينبغي أن نؤسس فكرنا كأردنيين على فكرة ضياع المكانة العشائرية ووجوب استعادتها كما كانت من حيث تولي المناصب والوظائف لأن هذا سباحة ضد تيار التاريخ والتغير الطبيعي للحياة ولمجتمع الدولة.

ففي بدايات الدولة الأردنية الظروف القائمة هي تأسيس دولة ركيزتها العشائر والمجتمع الأردني كانت قياداته العشائر الأردنية ولكل عشيرة شيوخها وكانت هناك عشائر هي الطليعة بين العشائر ، لذلك كانت الدولة حتى في عهد الإمارة مخزونها في المورد البشري هي صفوة العشائر ولا ننسى أن نسبة التعليم مقابل الأمية انحصرت في عشائر بعينها وعند أبناء الشيوخ والموسرين والتعليم وقتها مجرد اتقان القراءة والكتابة كحد أدنى يعتبر الفرد متعلما لذلك عندما كانت الدولة تطلب الموظفين كانت العشائر كأنها ديوان الخدمة منها تنسب الاسماء عن طريق الاكثر اتصالا بالدولة ،لذلك انحصرت الفئات التي تستمد الدولة منها الطاقات والمورد البشري بنخب عشائرية وبمن تصدرت أيضا من العشائر في زمان ماضي لأن الصفوف الأولى من كل عشيرة هي التي كان أبنائها يمتلكون ادوات تؤهلهم للوظائف وللمناصب.

المعنى أن الزمن تغير تماما وتطورت الحياة ومرت ١٠٠ عام على تأسيس الدولة حدثت فيها نقلات الغت حصرية التواصل مع السلطات وحصرية اكتساب الادوات للأفراد التي تؤهلهم للعمل العام على فئات هي نخبة العشائر ونخبة أبنائها وفتحت الأفق أمام كل مجتهد فصار التعليم لأعلى الدرجات متاح لكل من يطلبه لذلك ساحة التنافس دون قيد أو شرط للجميع وسكان الدولة من نصف مليون او مليون إلى ١٢ مليون ومجتمع الدولة مفتوح على الكرة الأرضية.

لذلك كل ما نراه طبيعي جدا جدا جدا فالزمن لا يرجع للوراء وكذلك ظروف المجتمعات لا ترجع للوراء.

علينا أن نعي قوانين الزمن الحاضر بل قوانين المستقبل وعلى ضوئها نبني طموحاتنا كمجموعات ومكونات اجتماعية (القبائل والعشائر) وكافراد ايضا.

مثال:
كان نائب وممثل شرق الأردن في مجلس المبعوثان في زمن الدولة العثمانية شخص واحد هو توفيق المجالي من الكرك ونائب ممثل الكرك في عهد الإمارة في زمن واحد من عشيرة واحدة هي المجالي ارفيفان ومعارك عندما كان مقعد التمثيل واحد للكرك (اول مجلس تشريعي كان ١٦ عضو) تشريعي تنفيذي ٦ حكومة و ١٠ نواب.

الخلاصة يجب أن لا نبقى عالقين في زمن وماضي وكان لا شيء تغير الا تاريخ السنة الميلادية.

والشاهد على هذا الحديث من قبلي هو أن ما نراه في موضوع الانتخابات البرلمانية وكل انتخابات حتى في اتحادات الطلبة في الجامعات من تنافس عشائري على حصد مقعد أو أكثر مرده أن العشائر الأردنية ما زالت تنكر ما طرأ على مجتمع الدولة وفي العالم من تغيرات جذرية في كل شيء وما زال البحث عن المكانة العشائرية على أشده حتى تقول كل عشيرة أنها في الصدارة وما نعيشه من تطاحن او تناحر ومعارك انتخابية(حتى في اوساط القبيلة أو العشيرة الواحدة ) في كل انتخابات هو فقط لأن الأساس العشائري القبلي كإنتماء أول هو الذي يتمسك به المواطن الأردني وحقيقة الأمر أن هذه حالة من الانكار العام ظاهرة جدا في (سيكلوجيا المجتمع الأردني) .

وتجدر الإشارة أن هذه الذهنية وهذا التفكير لا يقتصران على على التنافس العشائري في مسألة التمثيل البرلماني بل ينسحبان على كل المواقع العامة في الدولة وعلى كل مؤسساتها وقطاعاتها العامة -وللأسف الشديد – هناك فئات عريضة داخل المكونات القلبية والعشائرية كل من زاويته وانتماء لقبيلته أو عشيرته تؤمن هذه الفئات (بخرافة) أن الدولة الأردنية أو النظام الحاكم تقرب البعض وتبعد البعض الآخر استهدافا للقبائل أو العشائر ،حتى أن البعض قد يحللون رؤية الإنتقال للحياة الحزبية ومسألة تطوير الحياة السياسية بأنها حرب على القبائل والعشائرية فنجدهم وضعوا العشيرة في خندق والحزب في خندق مقابل على أنهما عدوان يتقاتلان على الإستيلاء على إدارة الدولة وهذه حقيقة لا أعتقد أن هناك من ينكرها فالواقع دليل ساطع وبرهان لا شك فيه.

واخيرا ليس آخرا استذكر وأذكر بمقولة سيدنا علي بن ابي طالب -رضي الله عنه – كرسالة للمجتمع الأردني: ” ربوا ابنائكم لزمان غير زمانكم”…!

وسلامتكوا.

أبو عناد..رايق المجالي

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com