فيلادلفيا نيوز
لا أختلف مع أحد من الأردنيين على أن مسألة الانتخابات البرلمانية وصلت إلى مرحلة قبل هذا الاستحقاق وهذا الموعد في هذا العام جعلت كافة أطياف الشعب وأغلبيته الساحقة تفقد الثقة تماما بالعملية ذاتها وبمخرجاتها ،ولكن هذا لا يقبل كعذر لأي كان للإستمرار في سلبيته وعزوفه وإدارة الظهر للدستور والقانون ومؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة التشريعية كمؤسسة.
فعندما نقول مؤسسة فهذا يعني أننا نتحدث عن كيان قانوني يوجد لتأدية مهام جسيمة وجليلة لوطن وهذا الكيان وإن تأثر أدائه وفقا لطبيعة الشخوص الذين يتداولون فيه العضوية ومراكز إدارة هذه الكيان إلا أنه يبقى كيانا قانونيا ولد ليبقى وهو مولود شرعي لأب هو الدستور وهو غير مملوك لأحد إلا الدولة والشعب وهذا الكيان قد وجدت له شرايين لتغذيته بأسباب حياته وصحته والشريان الرئيسي الذي يغذيه هو (الإنتخابات) والذي يضخ إليه الدماء من قلب (هو الشعب) .
والشريان أي (الانتخابات) قد يعتريه ما يعتريه من ضعف أو أمراض تصيبه ربما تمنع الدم النقي من الوصول إلى هذا الكيان وربما يضعف ويمرض هذا الشريان فتتلوث من خلاله الدماء فتضعف بدورها هذا الكيان فيمرض لكن الأهم في كل القصة هو القلب (الشعب) الذي يضخ الدماء إلى هذا الكيان (الكيان أو المؤسسة/البرلمان) فهذا القلب (الشعب) لا يموت وإن مرض أو ضعف لأي سبب ، فالشعب هو المبتدأ وهو الخبر في رسم اتجاهات الدولة وحالتها وهذا ما بنيت عليه الدولة في قانونها الأساس (الدستور) الذي قام كله على ” الأمة مصدر السلطات” فالأمة أو الشعب مصدر كل شيء مما يعني أن حالهما بين وعي أو جهل هو ما يترجم في النهاية إلى حالة كيان أو مؤسسة وهنا المؤسسة هي الأهم وهي (البرلمان) .
قد يقول قائل “أن العلة بعدم صلاحية أو نظافة وسيلة تشكيل البرلمان” ولكن هذا القول بكل المقاييس قول جاهل فالوسيلة أداة في يد صانعها ومن يستعملها يستطيع إصلاحها في أي وقت إذا ما أعطاها إهتماما كافيا وركز تفكيره عليها ليجد الخلل ثم ليجد ما يصلحه فالمعروف منطقيا وسياسيا أن المشاركة العريضة لأي شعب في استحقاقات الوطن لابد حتما أن تضعف كل محاولة للعبث لأن العيون كلها تكون مفتوحة وتراقب وتدقق ،بينما إدارة الظهر من الأغلبية تعني ترك الأمر لغير الصانع أو المستخدم في الأساس وترك الأمر لبديل ليتحكم في الصناعة والاستخدام كيفما شاء ،فما دام صاحب الأمر لا يراقب ولا يدقق ولا ينتقد فالبديل كأنه قد أخذ تفويضا كاملا بأن يصنع ما يشاء.
والمنطقي جدا أن أي فرد أو أي جماعة تركا أمرا لغيرهم ليشكله ويتصرف به كما يريد ابتداء لا يحق لهما أن يأتياه بعد فترة لينتقدا ما قام به وما يسير عليه في إستعمال ذلك الأمر المتروك منهما.
إن الانتخابات في كل دورة ما هي إلا فرص تأتينا كشعب كل أربع سنوات ونحن من يستطيع إستغلالها واستثمارها لإحداث بداية حقيقية للتغيير أو نتجاوزها وندير الظهر لنجدد التفويض المطلق لمن يبقى مهتما وخلف ظهورنا التي ادرناها ليفعل ما يشاء.
واختتم بالمثل الشعبي البدوي الذي يقول ” من قدم الرجال وخروه” ومعناه يصلح لإسقاطه على موضوع الشعب والانتخابات فالشعب الذي يقدم غير الأكفياء ويقدم الضعفاء فالطبيعي أن يؤخروه بل أن يهملوه.
أبو عناد/ رايق المجالي