فيلادلفيا نيوز
وقد سيطرت على الرأي العام حالة ليست- مفاجئة طبعا – من إنتشار إشاعة كاذبة وتافهة تتعلق بمطعوم الحصبة شككت أعدادا كبيرة من المواطنين بصلاحية وأمان هذا المطعوم الذي يستخدم في العالم والأردن جزء من هذا العالم منذ عشرات السنين , فإن الأمر لا يجب السكون عنه لأن القصة تتعدى مسألة تشكيك او خوف من انتهاء صلاحية منتج طبي او من آثار جانبية لمطعوم أو دواء بل هي أخطر وأكبر فهذا يعد أتهاما للدولة الأردنية بأنها إما تتقصد أذية المواطنين والأطفال تحديدا أو أنها تهمل في حماية الأرواح لدرجة أنها تقوم بحملات غير مدروسة وغير آمنة ,وكأن المشككين يريدون القول بأن هناك مشروع إبادة جماعية أو مشروع تشويه أجيال صاعدة ورميها بمطاعيم هي عبارة عن سموم .
إن السكوت على هكذا نوع من الإشاعات أو التعامل معها على انها مجرد أشاعات تظهر وتختفي لهو نوع من التخلي عن المسؤوليات الوطنية من الجميع ,فهكذا إشاعة إنما تضرب العمق الأمني والعمق السياسي وكذلك العمق الإجتماعي والإقتصادي وبرأيي أن هكذا إشاعة تدخل تحت بند أو عنوان (تقويض الدولة وتقويض النظام ) لهذا يجب التعامل معها كقضية أمن دولة بإمتياز .
فهكذا تشكيك أو هذه التهمة للدولة الأردنية لم تطلق أو تصيب الكيان المحتل (قتلة الأنبياء وقتلة الشعب الفلسطيني ) على مر زمان إحتلال أرضنا غربي النهر ,مع أن هذا المحتل هو عبارة عن كيان قاتل يبحث عن كل وسيلة منحطة وجبانة لقتل الشعب الفلسطيني بهدف تفريغ الأرض المحتلة من أهلها , هذا الكيان الغاصب لم تطلق ضده مثل هذه الإشاعات أو الإتهامات بأنه يستعمل طريقة تسميم الأطفال الفلسطينين وهم مع شعبنا الفلسطيني يرزحون تحت سطوة هذا الإحتلال الغاشم القذر والبذيء .
فكيف إذا يصدق عاقل أو حتى مجنون أن الدولة الأردنية ومؤسساتها الصحية قد تقدم قصدا أو قد تهمل في هكذا مسألة خطيرة وتسمح بأن يستعمل دواء أو مطعوم فيه نسبة لو بسيطة من الخطر على حياة المواطن وخصوصا الأطفال .؟؟؟!!!؟؟؟؟
ولا يهون المسألة القول أن السر أو السبب هو (إنعدام الثقة بالحكومة ) وليس هذا مبرر لأن يتجه تفكير إنسان بهذا الإتجاه إلا إذا كان فقط من الحاقدين على هذه الدولة وكان من العملاء والخونة ومن الطابور الخامس الذين ينخرون جميعهم من داخل الدولة كالسوس بهدف إسقاط دولة .
قد لا نثق بتصريحات مسؤولين في شدة منخفض جوي قادم أو قد لا نثق بتصريحات حكومة عن جدية خطط اصلاح سياسي أو اداري أو إقتصادي ,ولكن أن يبلغ الأمر بأن تتهم الدولة الأردنية بهكذا أمر وكأنها دولة قاتلة ونحن بهذا الوصف لكيان هو عدونا لم نتهمه أو يتهمه عربي أو غير عربي بهكذا مسلك ضد الشعب المقاوم والمقاتل ضده وهو الشعب الفلسطيني ..؟؟!!؟؟
وإنني هنا لا أبريء الحكومات ولا أبريء المسؤولين من جرم سماحهم لهدر الثقة بهم لهذا الحد ,فها نحن نرى كيف إنحدرنا في هذا السياق إلى هذه الدرجة التي صارت الساحة الأردنية سداحا مداحا للجهلة وللأغبياء إن حسنت النوايا أو للعابثين والمخربين والعملاء والطابور الخامس المتربصين بهذا الوطن و فالأمر على كل صعيد كارثة حقيقة ..!
فسبب الحملة هذه هو رصد الأجهزة المعنية لعدد بلغ 160 حالة من إصابات بالحصبة وسبب الإهتمام الشديد وتنظيم الحملة هو السبب الطبي والعلمي الذي يقول أن سرعة إنتشار الحصبة تواازي أو تزيد على سرعة انتشار فايروس كورونا لذلك فرصد حالة واحدة يقتضي أخذ التدابير الفورية لمنع تفشي هذا العدوى والتي تنتشر بين الأطفال ويزيد إنتشارها أن الفئة التي تنتشر بينها هم أطفال المدارس بسبب الإحتكاك والإكتظاظ لأكثر من مليوني طالب , والمضحك في الأمر أن هذا المطعوم هو الآمن والمستخدم منذ ما يقارب مئة عام وفي كل العالم لهذه العدوى وهذا المرض وهو الذي أوقف وأنهى تماما ما كان يعتبر (الموت الأصفر ) الذي كان يجتاح البوادي والقرى قديما فيحصد ثلثي مواليد (العرب أو المضارب ) أو (القرية ) وكلنا سمعنا من آبائنا وأمهاتنا عن موجات الموت الجماعي التي كانت بين الحين والحين تجتاح التجمعات السكانية البدائية فيه حينه حيث لا وزارات صحة ولا مستشفيات ولا مكافحة أوبئة ولا طب وأطباء ..؟؟؟!!!؟؟؟
وهذا المطعوم أيضا نستخدمه في الأردن منذ عشرات السنين وهو ايضا موجود دائما على برامج التطعيم للأطفال حديثي الولادة وإبني (عناد ) -حفظه الله – من الذين تلقوه رضيعا ومثله كل أقرانه وكل الأطفال الذين يذهب بهم أهلهم (للمراكز الصحية المسؤولة عن برنامج التطعيم ) .
وفي النهاية إنني أكرر القول بأن إطلاق الإشاعة هذه وما تتضمنه من تهمة قذرة للدولة الأردنية طعنة في قلب الدولة وتصديقها وتداولها كذلك لهذا يجب التعامل معها بحزم من جهة ومن جهة أخرى يجب أن نستنفر جميعنا أفرادا ومؤسسات بأنواعها دون إستثناء لوأد هكذا نوع من الإشاعات , فمعنى بقاء الرأي العام أو جزء منه يصدق هذه الإشاعة التافهة والغبية أن تبقى حالة العزوف عن تلقي المطعوم بالتالي إنتشار عدوى الحصبة كالنار في الهشيم فنعود وكأننا في جائحة محلية تحصد الأرواح ونعود أيضا وكأننا في عشرينيات القرن الماضي يدخل هذا الداء أو هذه العدوى كل بيت ليحصد من فيه من الأطفال ولا ينجوا إلا نسبة هي الأقل …؟؟؟!!؟؟؟
والأهم أيضا فمسألة (إنعدام الثقة ) بين السلطات الرسمية والرأي العام أيضا لم تعد مما يدار الظهر له ويتم السكوت عنه لأننا كما نعيش ونشاهد (أزمة الثقة ) أصبحت (تنتج كوارث غير طبيعية ) بل من أيادينا .
في النهاية للشعب الأردني أقول : أنا واحد منكم وأستقي معلوماتي الطبية وغير الطبية كما تستقونها وربما أتمكن من الإستماع أحيانا للمتخصصين من ابناء الوطن أكثر من غيري وكلهم أبناء وطن وأهل علم وثقات منتمون ووطنيون يؤكدون بأن هذا المطعوم أكثر من آمن وأن من الحمق والغباء تصديق مثل هذه الإشاعات التافهة والغبية , والأرقام والإحصائيات والسجلات والتاريخ والدولة كلها لا تكذب , فهل يهزم تسجيل صوتي لشخص أمي مجهول الهوية كل ما مر ذكره ومعهه عقولنا نحن الشعب الذي يفاخر العالم بنسبة المتعليمين والمثقفين ؟؟؟!!!؟؟؟
والله والوطن من وراء القصد .
ابو عناد .