فيلادلفيا نيوز
في هذا الصباح وفي طريقي إلى عملي توجد إشارة ضوئية على شارع ياجوز والتي تقع على نهاية الشارع القادم من دوار التطبيقية /شفا بدران /ابو نصير ( تحت وزارة التعليم العالي /إشارة السويلميين ) وقد تعودت في كل صباح أن أجد عجوزا في نهاية الستين وربما في بداية السبعين يبيع (صحيفة الدستور الورقية ) ولكنني اليوم لم أجد ذلك العجوز وكان الشخص الذي يبيع الصحيفة تحت هذا المطر والبرد شابا يافعا ولكن عليه علامات البؤس .
وعندما توقفت السيارة على الإشارة الحمراء تقدم ذلك الشاب ليعرض الجريدة فسألته عن العجوز فأجاب والدموع في عينيه :” أنا إبنه الأصغر وقد توفيت والدتي البارحة ” -رحمه الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته ..!!!
دفعت ثمن الجريدة كالعادة دون أن آخذها لكنه أيضا كوالده العجوز يأبى إلا أن يعطي الجريدة لكل من يعطيه أي قرش ولو كان قرشا واحدا …؟؟!!!!
يا الله …ذلك العجوز وهذه الأسرة بالرغم من فقدان الأم ليلة البارحة لا تسمح لهم الظروف بأن لا يخرج أحدهم ليقف على هذه الإشارة طلبا للرزق الحلال مهما كان قليلا ببيع الجريدة الورقية ..؟؟؟!!!!
يا الله ..ذلك العجوز وإبنه الذي فقد أمه البارحة يصرون على إعطاء الجريدة وتوزيعها للمارة وحتى لو لم يتلقوا بالمقابل أي نقود وكأنهم يملكون هذه الجريدة وكأنهم يصرون على عدم إندثار الصحافة الورقية فهم لو أرادوا لجعلوها وسيلة للتسول وجني النقود ثم قاموا ببيع النسخ المتراكمة لديهم بالوزن لأي جهة قد تستعمل تلك الجرائد ..؟؟؟!!
هذه أسرة فقيرة ومعدمة لكنها برغم الظروف لا تحيد عن مباديء وقناعات لأن المعتقد الراسخ هو (الحلال الزلال ) الذي لا تشوبه شائبة ولم يفتوا لأنفسهم أو يساورهم خاطر بأن يبرروا لأنفسهم أن يحيدوا عن المهمة وهي البيع والتوزيع كما هو الإتفاق مع من يزودهم بنسخ الجريدة ..؟؟!!!!
رحم الله الأم التي رحلت البارحة من هذه الأسرة ورحم جميع أمواتنا وفرج على هذه الأسرة العفيفة وسترها بالحلال إنه أكرم الأكرمين .
قسما أن هذا العجوز وأسرته أكثر تأثيرا وإهتماما بالصحافة والإعلام من هيئة الإعلام ومن نجومه وأباطرة مكاتبه .
والأهم ..لا تصدقوا كل ذلك الترويج لقصص المتسولين الأثرياء وإرتفاع عددهم وضرورة مكافحتهم فهذه قصص خرافية وخيالية لتبرير ما نشاهده في شوارعنا من الفقراء الذين تقطعت بهم السبل وعضهم الفقر حتى إضطر العجوز والطفل أن يقف في البرد القارص أو الحر الشديد ليجني بعض قروش , وإن وجدت قصص تساق كأمثلة على كذب المتسولين فالنسبة لا تتجاوز( 1%10000) ولا تحدث إلا كل ثلاثة عقود , أما من نشاهدهم وبكثرة ويزدادون يوميا فوراء كل طفل أو عجوز قصة يشيب لها الولدان ولم يدفعهم لبيع العلكة أو الجريدة أو أي شيء بخس الثمن إلا عفة النفوس ومباديء رسخت في الأعماق تعصمهم عن أبواب الكسب الحرام فلن تجدوا نصابا أو لصا يتحمل أن يقف تحت المطر دقائق ليجني المال حتى لو كان في يده (مظلة للمطر ويرتدي بالطوا إنجليزي ) فهؤولاء يستسهلون السرقة والنصب ولا يحتملون أدنى مشقة أخرى لجني المال .
حسبنا وحسبهم الله ونعم الوكيل .
ابو عناد .