فيلادلفيا نيوز
لم يكن العمل الشرطي في الأردن ضمن منظومته الأمنيه الا عملا مميزا واحترافيا وبيت خبرة متراكمة يبني اليوم على الأمس مسقطا هفوة او هنة هنا أو هناك من سجله المشرف والنظيف، فطبيعة الحياة واختلاف وسائل العيش وظروفها في الرخاء والشدة، وطريقة فهم المتلقي لرسائل ولي الأمر وآليات تفسيرها وتنفيذها ومتابعة العمل عليها والسعي الدؤوب ليلا قبل النهار تسهم في ظهور مايشوب ويعكر صفو الصورة الناصعة لمنظومتنا الأمنية بكل كوادرها وأفرادها ويضعها في كل مرة في تحت عين السؤال والاستفهام.
الحادثتان اللتان جرت في الأيام الأخيرة طرحت كثيرا من الاسئلة عن مكامن الخلل والخطأ في السلوكات والتصرفات الفردية، فهذه سلوكات تنبيء بما نادينا به على الدوام من أخذ توجيهات صاحب الجلالة عن تطوير المنظومة الأمنية تطويرا يضع في سلم أولياته عنصره البشري، فقد باتت الحاجة ملحة كل يوم أكثر من ذي قبله لتطوير وتأهيل أفراد الأمن العام تأهيلا يحقق رؤى سيد البلاد من احترام حقوق الأنسان والسعي لأعلى درجات الانضباط في العمل الأمني والشرطي على وجه الخصوص والأخذ بكل ماهو جديد في أساليب العمل والتعامل مع الأفراد والأشخاص من كل الفئات والأعمار والثقافات والأطياف، بطرق حضارية وواعية عينها اليمنى على الأنسان واحترام حقوقه وكرامته وعينها الأخرى على تحقيق رؤية ورسالة وهدف رجل الأمن العام.
ماحدث في مركز اصلاح سواقة ربما كان ثغرة أمنية في آليات وأساليب الادارة الحصيفة داخل مراكز الأصلاح والتأهيل، فالتعامل داخل أسوار مراكز الاصلاح يحتاج لفهم عميق وواع لخصوصية وخصائص هذه الفئات من الناس الذين لن يدخر أي منهم وسيلة شرعية أو غير شرعية في سبيل فك حجز حريته. ولعل هذا ليس مبررا لما حصل فالخلل لم يكن ابن يومه بل مبيتا ومتراكما وذلك الذي ربما غاب عن الادارات المتعاقبة في تطوير وتغيير أساليب وأدوات العمل داخل مراكز الاصلاح التي تحتاج الى تفوق على أساليب من هم خلف قضبان المراكز .
أما ماجرى من قبل بعض عناصر الأمن العام مع أحد أبناء الوطن من الأكاديميين الذين نعتز بهم ونفخر بما يقدمون للوطن في مواقعهم العلمية الهامة، فهو ليس من أعراف أو تقاليد أو مباديء العمل الشرطي المنضبط الذي يملي على رجل الأمن العام العمل ضمن معايير احترام الأنسان وكرامته مهما كان خطأه او جرمه فالهدف هو تقويم سلوكه وتصحيحه وليس هدر كرامته أو امتهانها خاصة أمام الناس فديننا الحنيف تعلمنا منه مبدأ أن ( النصيحة في عرض الملأ فضيحة) فكيف بسلوكات مرفوضة وغير مبررة أمام الناس، وفي هذا الأمر يجب ان لانغطي أنفسنا بالرمل فعمل الأجهزة الأمنية البحثية والمعنية بالتحري مازالت تقف عند أساليب تقليدية وبعضها عفا عليها الزمن رغم ابداع بعضها الا أن هذه الأجهزة بحاجة الى الكثير من التأهيل والتدريب والأخذ بمعايير وضوابط جديدة لضم عنصر أمني الى هذه الفئة دون غيرها، فالبعض الذي يصلح للموقع ( أ ) لايصلح للموقع ( ب ) والعكس صحيح.
ان المراقب لحادثتي سواقه واربد يجد أن توجيهات سيد البلاد التي كررها على الدوام والتي جلها تطوير العمل الشرطي والمنظومة الأمنية واحترام حقوق الفرد والسعي نحو تحقيق أمننا الشامل لو أخذت على تفاصيلها ومفاهيمها وتوجهاتها لزاد اشراق اجهزتنا الأمنية التي طالما كانت في خندق المواطن وأمنه واستقراره، الا أن تشوه الفهم للرسائل الملكية السامية وحسن استقبالها ربما هو مايحتاج الى اعادة تأهيل أيضا وحسن تعلم، فليس مطلوبا من سيد البلاد ان يكون مفسرا لما يرسل أو يوجه فالحر من طرف الطعام يذوق كبر منصبه أم صغر فاستقبال الرؤى والرسائل السامية تؤخذ بالعموم وتنفذ بالتفصيل وتتحقق بالعمل الدؤوب والانتماء للوطن أولا وللقيادة ابدا، ووفق الله قيادتنا وحماها ورعاها وأعانها في ظروف لانحسد عليها داخليا وخارجيا.
العميد المتقاعد د. محمد سند العكايله