فيلادلفيا نيوز
” أية حرية نتحدث عنها والوطن مهدد؟ ”
تبذل الدولة الأردنية جهودا كبيرة تفوق قدراتها وإمكاناتها لمواجهة الجائحة والوباء العالمي الذي لم يسلم منه أي من شعوب الكرة الأرضية.
ولم تقم الدولة منذ وقف العمل بقانون الطوارئ في بداية تسعينيات القرن الماضي، بتعطيل القوانين وتفعيل قانون الطوارئ بالرغم من كل ما مرت به من أزمات سياسية عاصفة وخاصة مع مطلع ثورات الربيع العربي، حيث استمرت الحياة على طبيعتها فيما تشتعل الدول والأنظمة السياسية بالجوار.
لقد أجاز القانون الدولي فرض قانون الطوارئ في حالات الكوارث والجوائح كما هو الحال الآن مع Covid-19 حيث قامت الدولة الأردنية بإعلان حالة الطوارئ الصحية ، وفي العادة يتم فرض الطوارئ لأسباب أمنية وسياسية، لكن أن يتم فرضها لأسباب صحية وأوبئة سريعة الانتشار والعدوى ، فهذا يعني الحاجة الوطنية الملحة لتعطيل عجلة العمل والحركة في البلاد.
المفارقة أننا في الأردن ناضلنا جميعا في سبيل وقف العمل بأحكام قانون الطوارئ الذي استمر لعشرات السنين، لكن استخدامه كان ناعما إن جاز التعبير ، حيث لا مظاهر مسلحة تملأ الشوارع ولا تفتيش أو توقيف بدون تحويل للمحاكم المدنية، ولم يكن من ذراع عسكرية واضحة في تطبيق الطوارئ. إلى أن تم توقيف العمل بقانون الدفاع 1935 وحل محله قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992م علما أنه تمت ممارسة الحياة السياسية والنيابية والحزبية في ظل فرض الطوارئ على البلاد. وربما من القوانين القليلة التي تشكل عليها إجماع شعبي قبل الرسمي ، هو إنفاذ قانون الدفاع من أجل مواجهة الوباء، وهذا أعطى دفعة قوية لتطبيق أوامر الدفاع.
“عندما يتم تفعيل قانون الدفاع، فإن جميع القوانين العادية يتم تعطيلها”.
في أوقات الطوارئ الوطنية، غالباً ما تتخذ البلدان خطوات تحد من الحريات المدنية، مثل زيادة المراقبة على المواطنين، وحظر التجول، وفرض قيود على السفر، وتقييد حرية التعبير.
ومنذ التفشي الواسع لفيروس كورونا المستجد في الصين في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أغلقت بكين مدناً بأكملها لوقف انتشار الفيروس، كما فعلت الهند مع الأمة كلها.
يقول أحد الباحثين في منظمة العفو الدولية، إن حالات الطوارئ مسموح بها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكنه حذر من أن الإجراءات التقييدية يجب ألا تصبح ” وضعاً تقليدياً جديداً”. فيما يتخذ القادة في العالم تدابير قاسية وسط تفشي الفيروس، بما في ذلك مراقبة هواتف المواطنين، مع فرض عقوبات بالسجن على أولئك الذين ينتهكون قرارات العزل المنزلي. ويوصي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، أن تؤجل جميع التشريعات على النحو الأمثل خلال فترة الطوارئ العامة لضمان قيام الدولة بدورها في الحفاظ على أمن الوطن.
مفهوم حالة الطوارئ: إن نظام الطوارئ هو نظام قانوني يجيزه دستور الدولة كلما قامت أسبابه ومبرراته وأهمها تعرض الدولة لخطر يهدد أمنها وسلامتها وذلك لمواجهة هذا الخطر بتدابير استثنائية حددها قانون الطوارئ. إن مدة العمل بقانون الدفاع تحدده السلطة التنفيذية مهما طالت هذه المدة وهذا أمر يؤخذ على التنظيم القانوني لحالة الطوارئ في الأردن، حيث يصبح قانون الدفاع وصلاحيات الحكومة بموجبه سيفاً مسلطاً على القوى السياسية والحزبية والإجتماعية والأفراد وحرياتهم لمدة غير محددة، حيث بقيت البلاد تحت قانون حالة الطوارئ منذ عام 1939م ولغاية إلغائه في عام 1992م.
إنه ولكي لا تتغول الحكومة على الشعب في تنفيذ أوامر الدفاع، فهذا يتطلب ضرورة الالتزام بتعليمات الحالة الطارئة خاصة إذا كانت صحية ويمكن أن تؤدي لأضرار وتفاقم للوباء يحسث يصبح عدم الالتزام جريمة مكتملة الأركان.
وفي المجال الإعلامي وقت حالة الطوارئ ، فإنه ينبغي على الإعلام أن يكون داعما وسندا وظهيرا لإنجاح خطة الطوارئ الصحية، ولا تعارض بين فرض حالة الطوارئ وحرية الرأي والتعبير، على العكس باتت مطلوبة أكثر، ولكن الوضع يحتاج إلى المزيد من الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية خلال ممارسة العمل الصحافي. نعم نشير إلى مكامن الخطأ بعقلانية ورشد ودون إثارة المشاعر الطفولية وتهييج المتلقين أو تحريضهم ضد ما تقوم به السلطات الرسمية وبما يؤدي إلى عرقلة الجهود وتشتتها وغرثها في تفاصيل وشؤون قد تصلح في أوقات السلم، لكنها بالتأكيد تسبب الإرباك للعمل الوطني في وقت الأزمات.