فيلادلفيا نيوز
عندما اكتمل بناء قصر رغدان العامر عام 1923 أمر المغفور له الملك عبد الله الاول بنصب احد مدافع جيش الثورة العربية الكبرى امام واجهة القصر الأمامية ليكون شاهداً على موقف رجولي لأحد ابطال وقادة هذا الجيش وعلى تضحية نسوة احدى قبائلنا الاردنية العريقة، تتعلق قصة هذا المدفع بالمجاهد العروبي عبد الحميد النعيمي الذي وُلد عام 1894، وارسلته الحكومة التركية مع عدد من أبناء العشائر العربية عام 1916 الى الكلية الحربية في اسطنبول فتخرج منها برتبة ضابط بالجيش العثماني والتحق بعدها بجبهات قتال الحرب العالمية الاولى، وما ان وضعت الحرب أوزارها حتى كان المجاهد النعيمي في طليعة الملبين لنداء الواجب القومي فالتحق بصفوف جيش الثورة العربية الكبرى بقيادة (الامير) عبدالله بن الحسين، وأُسندت اليه مهمة تدريب المقاتلين، بسبب قلة السلاح والعتاد اللازمين لإستمرار القتال وعدم توفر الأموال الكافية لشرائها، ذهب المجاهد الكبير الى مضارب قبيلته وجمع ذهب ومصاغ وحلي نساء عشيرته اللواتي قدّمنه بطيب خاطر وباعه واشترى بثمنه السلاح والذخائر اللازمة لتسليح جيش الثورة العربية ومن بينها هذا المدفع، وعندما علم الملك المؤسس عبد الله الأول بما فعله المجاهد عبد الحميد وتضحية نشميات النعيمات بأثمن ما لديهن قال له : (هذا المدفع يا عبد الحميد يساوي عندي ذهب الدنيا ونساء عشيرتك سيفخر التاريخ بهن كما إفتخر بنساء الصحابة، لقد خسرن مصاغهن وربحن الذكرى الطيبة) ، ما زال هذا المدفع يربض شامخاً امام قصر رغدان الى يومنا هذا شاهداً على موقف وتضحية نساء أردنيات قدمن اثمن ما لديهن وشاهداً على عظمة فعل ذلك الشيخ المجاهد، وموقف هذه القبيلة الأصيلة، هذه الجبال الشامخة تستحق أن تُرفع لها القبعات أحتراماً وتقديراً لتضحياتهم وعشقهم وأنتمائهم لتراب وطنهم، وصمتهم الحزين بعد ان مَسّهم الضر وضنك الحياة، هكذا شعب يستحق أن يحيا حياة أفضل .. لأنهم على الدوام نبض هذه الأمة، وهم اصحاب نخوة وشهامة، من شيمهم الصبر والهدوء، وتغليب مصلحة الوطن، لكني أخشى ثورة الهادئ لانها ليست سليمة العواقب.
د. عصام الغزاوي.