فيلادلفيا نيو
د. سماره سعود العظامات
إنّ اطلاق منصة ” حقّك تعرف ” الحكومية، شيء جيد بقدر ما؛ ولكن ليست ذات أولوية، ولا مجدية اقتصاديًا؛ لأنّ وسائل التواصل والاتصال والمواقع والقنوات جمّة، قسم منها واقعي يبث الواقع كما هو صوتًا وصورةً تاركًا المواطن والمشاهد للحكم والمصداقية، وبعضها مُسيّس موجّه، ومنها ما يبث الخبث والسموم في الفضاء العالمي؛ ليحقّق ما يصبون إليه .
ومن ناحية أخرى، فالمنصة المشار إليها لا تزيل الهم ولا تخفف الغم، ولا تعالج الفاقة، ولا المجاعة ،ولا تشطب جزءًا من جبل الضرائب الجاثم على صدر المواطن. فعندما أرى دولة الدكتور عمر الرزاز الأكرم يعمل الشاي على نار الحطب في وادي الموجب فهي حقيقة، وليست إشاعة، ولا تحتاج إلى خمس خطوات عبر المنصة لإثباتها. وحجم الخام الطبيعي المذهل في بلدتي أم القطين، الذي لو أحسن استثماره لسد متطلبات الضريبة، ولو اطّلع عليه دولة الرئيس عن كثب بزيارة خاطفةٍ سَيُذْهَلُ! وهذه حقيقة وليست إشاعة ! فالشواهد كثيرةٌ لا تحتاج إلى إثبات المنصة بخطواتها الخمس. فالشعب الأردني ذكي يعرف الغث من السمين، ولا تنطلي عليه الإشاعات المفبركة بشكل عام، وإنّما يريد واقعًا ملموسًا محسوسًا، له الأثر الإيجابي في حياته ومعيشته، فالموطن أصبح حيرانًا ضجرًا يقترب من حافة جرفٍ هارٍ.
ولهذا، لا تبقى في عمان يا دولة الرئيس، فالأردن ليست عمان وحدها، وأنت أعلم مني وأكبر قدرًا وعمرًا. عليك بالخروج إلى القرى والبلدات والضواحي والمخيمات. ادخل الأزقة والممرات، هنا وهناك، وعليك الدخول إلى بيوت الناس واطلع على ثلاجاتهم ـ إن وجدت ـ لتعرف الواقع المرير في معيشتهم، وأنا على ثقة أنّ قلبك ليحزن وعينك ستدمع من هول الحال.
يا عمر ـ مع حفظ اللقب ـ تحسس أحوال الناس واستمع إليهم بزيارات غير رسمية، وبدون موكب . عشْ يا عمر دقائق من المعاناة والألم التي يعيشها المواطن. عالج ما تستطع علاجه، وخفف من معاناة الناس، فأنت الوالي المباشر في مرحلة حرجةٍ من مراحلَ حرجةٍ مستمرةٍ، والمواطن قابض على الجمر من أجل الوطن وكرامته وقيادته.
دولة الرئيس، أقول بأمانة هناك فجوة كبيرة من ناحية التواصل والاستجابة بين الديوان الملكي ودار الرئاسة، فمقسم الرئاسة جربته مرات عدّه (مشغول، مشغول ، مشغول)، وكذلك الخدمة الموجودة على موقع الوزارة تستقبل المعلومات، ولا ترد لا سلبًا ولا إيجابًا .
أما الديوان الملكي رغم مسؤولياته السياسية والوطنية الجسام بقيادة الأمين الوفي المخلص البشوش معالي يوسف العيسوي أمد الله بعمره وغفر الله لوالدته، الذي يعمل طيلة أيام الأسبوع بما فيها يومي السبت والجمعة، وجانب كبير من ساعات الليل من أجل أداء الأمانة التي كلفه سيد البلاد بها على أحسن وجه، فتجد ابتسامته تسابق يده مرحبًا مستمعًا مصغيًا يحترم كرامات الناس ، هكذا أراد مليكنا ،وهكذا كان معالي يوسف العيسوي عند حسن ظنه.
وأخيرًا ، فهناك فجوة بين الحكومة والمواطن بدأت بالاتساع كلما مرّ يوم ، ومنذ استلامها لم يشعر المواطن بتحسن ملحوظ، بل توالت الضرائب، ولا زيادة على الرواتب رغم حجم الضغوطات وتوالي الشدائد والمحن، ولا حين مناص.