فيلادلفيا نيوز
يشمل لفظ الخيانة في حد ذاته قسوة في مفهومه ومضمونه، فالخيانة بصفة عامة من أصعب الأمور التي يتعرض لها الإنسان، وحدوثها بمثابة صدمة تقع على قلب من تمت خيانته، حيث ان من يتعرض للخيانة يشعر بألم وبخيبة أمل، ومن ثم؛ فإنه من الأهمية بمكان توضيح الوعي بدوافع سلوك الخيانة، ومحاولات تفسير هذا السلوك غير السوي.
ومن أقسى أنواع الخيانة هي الخيانة الزوجية، ونقصد بها العلاقة المحرمة شرعا التي تنشأ بين فردين، وهي خيانة الزوج لزوجته أو خيانة الزوجة لزوجها، فالأمر ليس مقتصرا على أحدهما وفقط، ويحدث هذا من خلال اتصال الرجل المتزوج بإمرأة متزوجة أو غير متزوجة أو اتصال المرأة المتزوجة برجل متزوج أو غير متزوج، وهي حدث جمَ يحدث خارج نطاق العقد الشرعي، ويضرب بالميثاق الغليظ والمقدس عرض الحائط، ولتوضيح قيمة وخطورة هذا الأمر، فقد حدثنا الشرع الحنيف عن النهي حتى مجرد التفكير في هذه الأمور وتصورها، ولا حتى تخيلها والاستغراق فيها، أو النظر إلى المحرمات والمفاتن فقال تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم) سورة النور
وفي الآية التالية مباشرة (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن)، سورة النور
وقد عبر سبحانه في الآية الكريمة عن النظر بالبصر، فالنظر طارئ ويزول سريعا، أما البصر فهو تعبير عن التدقيق في النظر، وفي ذلك دلالة على عدم التدقيق والتمعن في المحرمات والتركيز عليها، لكي لا يستدخل الإنسان الشهوة، ومداخل الشيطان وبداية الخيانة الزوجية وهلاك النفس وخراب البيوت والأسر والمجتمع ككل.
وقد تحدث الخيانة الزوجية بسبب العديد من الأمور التي تمهد للخيانة الزوجية وانزلاق الطرفين نحوها، وجذب الجنسين لبعضهما، وهي إما اختلالات نفسية أو شرعية أو جنسية أو تكنولوجية، أو غيرها، وهي تعد أسبابا للخيانة الزوجية، وفي نفس الوقت فإن تجنب هذه الأمور يعد علاجا لهذه القضية الشائكة، وهذه الأمور تتضح من خلال:
1- ضعف الوازع الديني، والتفريط في الدين والثقافة والقيم الدينية، وضعف مقاومة النفس والشهوات.
2- النقص العاطفي والجنسي، وانعدام الاحتواء والتوافق الزواجي، والتقاء الفكر، والكفاءة من الناحية الفكرية والاجتماعية والنفسية وتحمل المسؤولية.
3- التباعد الزائد عن الحد بين المتزوجين، إما بسبب سفر أو خلافات أو غيرها.
4- اقتحام المسافة الاجتماعية، والسماح بالقرب الزائد عن الحد الطبيعي في علاقة الرجل بالمرأة والعكس، وكسر الحواجز الشخصية، والتحدث في غير الأمور الرسمية.
5- الشكوى من الخلافات والمشكلات النفسية والأسرية وخصوصا بين الأزواج، والبحث عن التنفيس عنها خارج البيت والأشخاص، وهذه بداية الطريق الخاطيء، ومداخل الشيطان، وتقلد البعض لقلادة وعباءة المعالج النفسي والمرشد الحكيم، واتخاذ أدوار في ظاهرها تحقيق الراحة النفسية، وفي باطنها دوافع خبيثة تؤدي إلى الخيبة والحسرة.
6- الفضول العاطفي والجنسي، وكذلك تحقيق الرغبات الجنسية والغرائز والمكبوتات النفسية، خصوصا إذا كانت حبيسة الأدراج، ولم يُفصح عنها بالطرق الشرعية، ولم يتم التعامل معها أسريا بفعالية ووعي وإدراك.
7- سوء استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي الذي فتحت قنوات وأفق تكنولوجية افتراضية مهدت الطريق لتقريب المسافات، وأحدثت ثورة حقيقية في الاتصال بين الأفراد بصورة صوتية أو مرئية.
وفي النهاية يمكن القول بأن اتباع الفطرة السليمة والتربية الصحيحة وفق القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هي أساس البعد عن مثل هذه القضايا الخطيرة التي يتوقف عليها المجتمع، ولعل اتخاذ المجتمع لعدد من المبادرات مثل ندوات الإرشاد الزواجي والتأهيل النفسي للمتزوجين والمقبلين على الزواج، والدروس الدينية المستمرة من العوامل التي تحافظ على دوام هذه الفطرة القويمة، وضمان عدم الانجراف وراء الشهوات والملذات المحرمة دينًا ومجتمعًا وتقاليدًا.
*إستشاري العلاج النفسي*
