فيلادلفيا نيوز
إن الشعور بالرضا والحمد وشكر الله تعالى نعمة من نعم الله على عباده، وقد أعطى الله عز وجل عباده أرزاقهم كاملة، وعلى صور مختلفة، بحسب الإرادة الإلهية، فمنهم من أُعطيَ رزقه في المال، ومنهم من رُزِقه في الولد، وآخر في الصحة، وغيرهم في راحة البال وطمأنينة النفس والقناعة، ولهذه الأرزاق الربانية حكمة إلهية يعلمها سبحانه، فلعله لو أُعطى أحدهم غير المقسوم لكانت الهَلَكة هي نهاية المطاف، ولربما من رُزِق الصحة وتمنى الولد لكان هذا الولد سبب هلكته، ولربما من رزق الولد وتمنى المال لكان هذا المال سبب فساد الولد، وهكذا، ومن رزق ذلك كله بأمر من الله عز وجل فهو لحكمة أيضا، وقد يكون ذلك سبب في فتح أرزاق الغير، ومفتاح أبواب معينة لعباد الله عن طريق عباد الله.
وهناك من يتتبع خطوات الناس، ويترقب تحركاتهم، وأنهم فعلوا كذا وقاموا بكذا، ويلاحق ويتتبع عوراتهم، وقد يتدخل فيما لا يعنيه من شؤونهم، ويكسر حاجز المسافة الإجتماعية، وقد يتحدثون عن عيوب الناس ولا ينتبهون لعيوبهم هم، ولا يعلمون أن نصف الراحة في عدم مراقبة الآخرين، وأن الوقت الذي يتم هدره في مراقبة الغير أثمن من ذلك كله، وأولى بالاستثمار والتركيز على الذات والعمل، ولقد نهى الإسلام عن مراقبة الغير؛ لأن ذلك يؤدي إلى ضياع تحقيق الأهداف، واستنفاذ الطاقة في أعمال سلبية، ولذلك فقد أمر الإسلام بالعمل والجد والاجتهاد والتكاتف في سبيل العيش بسلام. فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: “”ولاتجسسوا”. وقد قال رسوله صلى الله عليه وسلم: ” يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لاتغتابوا المسلمين، ولاتتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته”. وفي ذلك إشارة واضحة بعدم ترقب الغير، والفضول في التعرف على أسرارهم، ومن راقب الناس مات همًا وغمًا.
وقد أشارت بعض الدراسات النفسية أن الشخصية المترقبة لغيرها، والتي تنشغل بغيرها مصابة بنوع من أنواع الإدمان، وهو الإدمان السلوكي، وتنم عن مشاعر الغيرة المتزايدة، وفقدان الثقة بالنفس والعزيمة، وهوس مراقبة الآخرين، ويعد هذا الإدمان نوع من النقد غير المحبوب، ويخلف وراءه العديد من المشكلات النفسية كالشعور المتزايد بالنقص والدونية، وضعف السلام الداخلي، بخلاف أن من يترقب الغير يصبح محل نقد من الآخرين، ويصبح معرضا للعقد النفسية؛ والتي بدورها تنقله لويلات الاضطرابات النفسية، فما النفس إلا مخلوق هشٌ وضعيف.
وللتخلص من هذه العادة المذمومة يجب على صاحبها التحلي بما يلي:
– بما أن مدمني مراقبة الغير يتصفون بالدونية ونقص الثقة بالنفس، فلا بد من التدريب على معرفة قيمة الذات وقيمة الثقة بالنفس
– العلم بأن المراقبة منها ما هو إيجابي: من خلال مراقبة الذات ومراقبة الله عز وجل ومنها ما هو سلبي: وهو غير محمود يهدر الوقت والجهد، يبغضه الله عز وجل.
– العلم بأن أوقات الفراغ سببا في هذه الملاحقة، وينطبق عليه المثل المشهور” الفاضي يعمل قاضي”: أي يحكم على الناس، ويعرف قضاياهم بأدق تفاصيلها.
– استثمار وإدارة الوقت
فالاشتغال والانشغال بالذات من خلال التكليف ببعض الأعمال المفيدة التي تشغل وقت الأشخاص، وتضمن الإنجاز وتحقيق الذات.
– التدريب على مفهوم القناعة
“فهي كنز لا يفنى”، وكيف يمكن أن تكون أسلوب حياتيا، فتلك هي المفتاح السحري للانطلاق نحو التفرد والنجاح.
– البحث عن نقاط القوة في الشخصية والبدء في تطبيقها،
نقاط الضعف المسببة لمراقبة الغير والعمل على تلاشيها بخطوات إجرائية علاجية وإرشادية.
– لا يمكن إغفال دور التنشئة الأسرية في هذه القضية، فالأسرة إما أن تكون محددة أو مهددة لمستقبل الأبناء، وهي من توجههم لمثل هذه الأمور من الاهتمام بالأمور الشخصية وعدم النظر لما بين يد الآخرين من عدمه، وهي مسؤولة عن ذلك، وكلهم راع وكلهم مسؤول عن رعيته.
![طباعة الصفحة](http://pheladelphianews.com/wp-content/uploads/2017/09/print.png)