فيلادلفيا نيوز
في الأردن، الوطن الذي تتقاطع الجغرافيا مع التاريخ، والتحديات الداخلية والخارجية لا تغيب يومًا، يظل الجيش العربي – القوات المسلحة الأردنية – واحدًا من أعمدة الاستقرار والسيادة، ومع ذلك، فإننا بين الحين والآخر نُفاجئ بأصوات نشاز تحاول أن تسيء لهذه المؤسسة الوطنية العريقة، وتشكك في حضورها ومكانتها وكان آخرها ما رُدد في الشارع من هتافٍ: “واحد، اثنين، الجيش العربي وين؟”، وكأن الجيش غائب عن الميدان أو لا يقوم بواجبه!
لكن الحقيقة التي يعرفها كل الأردنيين أن الجيش العربي لا يرد على الهتافات، بل يرد بالفعل، وبالصمت المليء بالشجاعة، فوجوده لا يقاس بالصوت العالي، بل بالحضور الثابت والراسخ في كل أزمة، وكل خطر، وكل لحظة كان فيها الوطن بحاجة إلى من يحميه.
هذا الجيش الذي لم يُولد من فراغ، بل خرج من رحم الكرامة، وارتوى بدماء الشهداء؛ جيش خاض معارك فلسطين، ووقف في وجه العدوان، وصان حدودنا على مدار الساعة، دون ضجيج أو منّة، وهو ذاته الذي كان إلى جانب الناس في جائحة كورونا، يحمل الدواء ويُنظّم الصفوف بيد تحمل السلاح ويد تداوي المرضى، ويؤمّن الخبز للمواطنين في وقت خافتت فيه أصوات كثيرة. وهو من كان أول الواصلين في في كل الأزمات، لا يسأل من المصاب ولا من المنكوب، لأن الجميع في نظره “وطن”.
حين يقال “الجيش العربي وين؟”، يكفي أن نلتفت إلى حدود الوطن الشرقية والشمالية والجنوبية، حيث يقف جنود لا يعرفون النوم، في الصقيع والحر، يسهرون كي ننام، ويكفي أن ننظر إلى مساهماته في قوات حفظ السلام حول العالم، وإلى الاحترام الدولي الذي تحظى به قواتنا المسلحة، أليس هذا هو الجيش الذي يُسأل عنه بفخر، لا بسخرية؟
ولعلّ الكلمات الصادقة التي جاءت على لسان جلالة الملك عبد الله الثاني في خطاب العرش السامي، كانت أبلغ ردّ على من يجهل أو يتناسى:
“هؤلاء هم أبناؤكم وبناتكم، أدوا التحية للعلم ولبوا الواجب بكل شرف، وسيبقى جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية مصدر فخر واعتزاز لوطنهم وأمتهم. أنتم على العهد النشامى، النشامى.” انتهى الاقتباس
نعم، قد نختلف في السياسة، وقد ننتقد هنا أو هناك، فهذا حق مشروع في دولة مثل الأردن، لكن أن يصل الأمر إلى المساس بالجيش، فهذا خط أحمر، لأن الجيش ليس فقط مؤسسة أمنية، تحمي حدود الوطن إنما وجدان وكرامة الأردنيين، وعنوان عزتهم وفخرهم.
من يهتف “أين الجيش؟”، ربما عليه أن ينظر إلى مرآة الوطن بتجرد، ليرى الحقيقة: الجيش كان دائمًا هنا، حيث يجب أن يكون، حاضرًا بشجاعة، وغائبًا عن الأضواء بتواضع، يلبي النداء ببساله دون تقصير.
فإلى كل من حاول أن يُسيء، نقول: نحن لا نزاود، ولا نغالي، لكننا نعرف من نحب، ومن نثق به، ومن نحتمي خلفه في الشدائد، وهذا الجيش، جيشنا العربي، سيبقى كما كان دائمًا: رمزًا للفخر، وسياجًا للوطن، ودرعًا لا يصدأ.
وسيبقى الهتاف الأصدق:
تحيا القوات المسلحة الأردنية… ويحيا الجيش العربي.
