فيلادلفيا نيوز
د. خالد حسين العمري
تقديم موعد اختبارات المدارس
تويتر وما أدراك ما تويتر، هو واحة المغردين، ووزراءنا غدوا مغردين وبألحان شجيّة وصوت عذب، أما مضمون التغريدة فتكاد لا تقارب من قريب ولا من بعيد الشجن والعذوبة. غرد وزير التربية والتعليم تغريدة تفيد بأن بدء الاختبارات المدرسية النهائية للعام الدراسي الحالي يوم 18 / 5 / 2019 وتنتهي في 30 / 5 / 2019 ، بحيث يبدأ الاختبار في تمام الساعة العاشرة للفترة الصباحية، والساعة الثانية عشرة ظهراً للفترة المسائية”.
ثلاثة أسابيع دراسية ألغيت بتغريدة، مخالفا القانون الذي يقول بأن عدد أيام دوام الطالب من 195-197 يوما حسب ما أفادنا قبل سنة الناطق الإعلامي للوزارة السيد وليد الجلاد وأقتبس من كلام الجلاد (وأضاف الجلاد في تصريح لسواليف إن عدد أيام الدوام بموجب القانون 195-197 يوما ولا يجوز تقليصها تحت أيّ ظرف من الظروف) ويبدو أن التمسك بالقوانين من عدمه يقرره معالي الوزير أو هوى الوزير، وإن نُوقش الوزير بذلك لنسبها إلى تنسيب لجنة التخطيط بالوزارة أو غيرها من اللجان، وعادة ما تهوى اللجان هوى الوزير.
من حقي أعرف، أين كانت لجان التخطيط منذ بداية العام الدراسي؟ ألم يكن التقويم الذي بين يدي المدارس هو من تلك اللجان؟ هل جاء رمضان على حين غرة كما جاءت سيول عمان التي أغرقت وسط البلد؟ هل حدث أمراً مفاجئا لتعود تلك اللجان عن خططها؟ من حقي أعرف، هل التخطيط لتقويم لعام دراسي كان صعبا على لجان التخطيط ليغيب عنهم قدوم رمضان؟ من حقي أعرف، هل أصبحت آلية التصويت وأخذ آراء الناس عبر تويتر هي آلية الوزارة في قياس رأي الناس؟ فمعالي الوزير وعبر تويتر فتح آلية تصويت للأهالي والطلبة لمعرفة هل يؤيدون تقديم موعد الاختبارات النهاية أم لا، فهل ستفعلها العام القادم؟ وهل تقود الوزارة الأمر أم ستخضع لرأي الناس؟ من حقي أعرف، هل دُرست الآثار المترتبة على القرار هذا يا معالي الوزير؟
إن أول أثر كان هو تداعي الإدارات المدرسية لاجتماعات طارئة من أجل وضع خطط للتعامل مع هذا القرار وما سيترتب عليه من إلغاء لوحدات دراسية كاملة، نعم فإلغاء ما يقرب من ثلاثة أسابيع دراسية يعني إلغاء وحدات دراسية كاملة من المناهج كافة للصفوف كافة، وإن أصرت الوزارة على عدم إلغاء أي من الوحدات أو أن من يحذف شيئا سيقع تحت طائلة المسؤولية فسيقوم المعلمون والمعلمات بتدريس الطلبة بلا أدنى درجات المهنية في التدريس وستكون الأمور (شلفقة)، فهل كان هذا في الصالح العام؟؟ أما الأثر الثاني أن هنالك تهميش لدوائر ومؤسسات الوزارة، وظهرت دائرة التخطيط بمظهر غير القادر على التخطيط لعام دراسي، وظهرت دائرة البحث بأن لا دور لها فالتصويت عبر تويتر كفّى ووفّى، والأثر الثالث تكريس مفهوم صعوبة المذاكرة في رمضان، وغيرها من الآثار. معالي الوزير، الأصل أن تقود الوزارة -لأنهم أهل الاختصاص- المجتمع لما فيه مصلحة عليا لطلبتنا، والأصل أن تطلب من دوائر الوزارة المتعددة تداعيات هذا القرار لا أن يكون تصويتا عبر تويتر فابن البادية والقرية لا يملك حسابا في تويتر بل حسابه في الوزارة. والأصل أن يبدأ الطلبة التعوّد على المذاكرة في رمضان لا أن نوصل لهم رسالة تحمل في مضمونها أن المذاكرة في رمضان أمر صعب ومستحيل مما يجعل قدوم رمضان عبئا في أذهان الأجيال القامة، فالمسلمون في دول العالم خارج العالم العربي يصومون رمضان ويمارسون حياتهم الطبيعية سواء مذاكرة أو عملا فلماذا نسعى لتكريس صعوبة ومشقة العمل والمذاكرة في رمضان!! معالي الوزير، من سيحمل خطيئة الغاء مواد ووحدات دراسية لحوالي مليوني طالب؟؟؟ القيادة يا معالي الوزير لا تعني مراعاة المجتمع ومتطلباتهم بل الأخذ بيدهم لما فيه صالحهم وإن كان فيه مشقة وتعب وإقناعهم به، بس الدنيا عنا عكس عكاس … ومن حقي أعرف ليش؟
خبير القياس والتقويم