فيلادلفيا نيوز
تساقط الأفراد في حياتنا حالة طبيعية كتساقط أوراق الشجرة في فصل الخريف، وفي خسارة كل ورقة وانسلاخها تتعرى وتيبس، وعند موعد الإزهار تتجلى من جديد في كل ربيع غانية، يانعة فتطرح نفسها كعروس خضراء فردت جدائلها للحياة فيغلظ جذعها ويقوى ساقها… وبعدها تصيرُ معمرة لها من الحكمة والوقار ما يميزها ويجليها برونق خاص.
وهكذا نحن تتدهور علاقاتنا، وتنهمر ارتباطاتنا، وتتهاوى شراكاتنا في كل خريف موقف لنزهر من جديد في كل ربيع عبرة… كما الشجرة فرحة لولادة الثمار والأبناء محتضنةً في طرحها لهم تلك الأمومة الحانية رغم تطايرهم وتهاويهم عنها إلا أنها تحبهم وتدعو لهم بفيض…. لذا…
لا تحزن لانهمار الكثيرين عنك، ولا تتألم لتخليهم وتسللهم ووقوعهم فربما شغلتهم همومهم وظروفهم وأحداثهم وقضاياهم… إلتمس لهم الأعذار حتى لو ما اقتنعت، بادلهم الإتساع حتى لو انقبضت، انتظرهم عند المفرق إذا استطعت، ولا تضيق عودتهم أو سفرهم إلى غيرك… المهم أن تبقى واقفاً، صلباً، قوياً، عنيداً لتزهر في كل مرة وتكون مثمراً بحق، مليئاً بالبذور والغرس والثمر… فالعشرة لا تهون، والمعروف لا يضيع، والدين سيرجع… بل على العكس كلما مارست دور الحاضن والفارس ستكسبُ الرهان في النهاية… عندها ستكون بطل قصتك وراهب تكيتك، وعُمدة نفسك… عاملهم بما يليق بك لا بما يستحقون، وعاشرهم بكرم الفضل والتغافل، وتقبلهم بالانفتاح ستجد نفسك مزاراً للقلوب التي طالما بعدت أحبتك، وإذا لم تفعل قدرتك واحترمتك لأنك كنت عزيزاً، ندياً، كريماً بما استحققت وبما أيقنت فكل سقوط يقابلهُ درسٌ من النهوض، وكل فعل له رد فالعبرة في الخواتيم… وكما قيل:
#اكتفي_بنفسك_لنفسك_فهذا_زمن_ العابرين”…
والله سيكون معك وهذا يكفيك…
وكما قال مكسيم غوركي:
“الورقة التي لم تسقط في فصل الخريف خائنة في عيون أخواتها… وفية في عين الشجرة… متمردة في عيون الفصول… فالكل يرى من زاويته”.
كن معمراً… كشجرة مضيئة لا تموت.