فيلادلفيا نيوز
تطالعنا كل يوم عشرات المقالات والأفلام الوثائقية واليوتوبات والآراء المسجلة بأصوات وصور أصحابها عن أسباب ومفاعيل وتأثير كورونا على البيئة والطبيعة، منها ما يُجمع أن هذه الوباء مفتعل لإيقاف كارثة كونية ستجتاح كوكبنا ابتداء من العام 2042 ولن يوجد لها ساعتئذٍ أي حل، بل ستكون تدميرية صرفة ( apocalyspse)؛ لذا وبمبادرة استباقية افتُعل الوباء الحالي تحسّباً وتداركاً لإنقاذ الكوكب الأزرق. والسؤال: هل لتفادي كارثة حُدّد زمنها بعد عشرين سنة يستبق حدوثها أصحاب القرار والسلطة منذ الآن بمحاربتها بوباء أشد فتكاً مما ستكون عليه هي نفسها…؟ هل هكذا يكون الحل؟
وفي فيلم وثائقي عن “كورونا الطفل” الذي يسأل أباه لماذا أرسله الى بني البشر لإبادتهم، يردّ الأب السبب لعدة عوامل أهمها حماية الأرض والطبيعة وكائناتها من جور البشر وأفعالهم التدميرية في حق الحياة… والسؤال: أليس البشر هم أيضاً من المخلوقات، أم لم يعد يُرى فيهم إلا دخلاء وأعداء ومدمّرين ومفسدين ومتآمرين وجهلة …؟ برأينا المتواضع، ولسوء الحظ، المخترع نفسه لكورونا هو مؤلف هذا الفيلم وغيره من الأفلام والدعايات والترويجات، لا بل تُصرف الملايين من الدولارات يومياً لإنتاج هذه الوثائق ونشرها بشكل دوري ومتسارع وأهدافه من وراء ذلك واضحة وهي وضع البشر كلهم في سلة المسؤولية الواحدة، بحيث تعاقب ملايين الأرواح بجريرة السلوك غير المسؤول لحفنة من الأشخاص ذوي الميول المدمّرة وحيتان الجشع والسرقة والخراب. هل فكرنا بملايين البشر الذين ما زالوا هم نفس ضحايا هؤلاء الجلادين بدون أو مع كورونا؟
للأسف، للمرّة الألف تعاد صياغة أسطورة “طوفان نوح” أو المنقذ نفسه ويحّمل الملايين المسؤولية على حد سواء، جراء خطيئة حفنة من الأشرار “الأبوكالبسيين”، ولكن هذه المرة الطوفان الموعود أكثر تدميراً من أي وقت مضى… أما عن المسرورين بعودة تنفّس الكوكب والحيوانات والانتعاش الحاصل حالياً من جراء توقف الحياة الصناعية وشل الحركة الجنونية العصرية والتي كانت قبل كرورنا حالة أكثر من طبيعية، فبرأينا المتواضع، لا يغرّن أحدٌ من وضع الهدنة هذه، فنحن نجهل ما يحاك تحت الطاولات وما يُختبر تحت الأرض وفي مجاهل الأرض وفضائها، وكذلك فإن العودة سيكون فيها الإنتاج الصناعي مضاعفاً لتعويض الخسائر والانهيارات المالية والاقتصادية الضخمة، ولكن هذه المرّة لصالح ذلك الذي قلب موازين القوى رأساً على عقب، كما أنه لن يعود هناك من رادع يوقفه بفعل قضائه على القوى الأخرى وتفرّده وتسلطه وتحكمه الأحادي بقرار مسك العالم بيده وحده.
د. فيفيان الشويري -لبنان