فيلادلفيا نيوز
حذرت دراسات مائية جديدة اعدتها مؤسسات دولية مختصة من خطورة وتدهور واقع المياه الجوفية في الاردن بشكل كبير في ظل الظروف التي يعانيها الواقع المائي منذ عدة عقود وازدياد الطلب الذي تجاوز موارد المياه المتجددة بأكثر من ضعفين خلال الفترة من العام 1995-2018 نتيجة للاستخدامات القانونية وغير القانونية.
واكد وزير المياه والري المهندس رائد ابو السعود هذه التحذيرات التي تتوافق مع نتائج دراسة كشفها مؤخرا المعهد الفيدرالي الألماني لعلوم الأرض والمصادر الطبيعية BGR وهي مؤسسة حكومية المانية ذات خبرة دولية واسعة في مجال المياه الجوفية وتعمل على تحليل ودراسة واقع المياه الجوفية في المملكة منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي مبينا ان كميات المياه الجوفية المتوفرة تشهد تراجعا حادا بسبب الضخ الجائر منها حيث سجلت المناطق الشمالية والشمالية الشرقية والوسطى الأكثر تأثراً وتبعث على القلق الشديد.
واضاف ان الدراسات الهيدروجيولوجية التي اجريت لسطح المياه الجوفية بناء على خرائط الخطوط الكنتورية للخزانات الجوفية الرئيسية في المملكة بشكل عام ان المناطق التي يوجد فيها عدد كبير من الابار سجلت انخفاضا يفوق مثيلاتها التي يوجد فيها عدد اقل من ابار ضخ المياه والتي سجلت انخفاضا غير ملحوظ حيث تبين ان منطقة وادي العرب في شمال المملكة سجلت هبوطا حادا بلغ 170 مترا وكذلك بينت ان الاحواض المائية في مناطق الجنوب (الكرك والطفيلة) سجلت تراجعا زاد على (100) متر في مستوى المياه الجوفية ويمكن اعتبارها جافة خاصة مناطق جنوب الطفيلة والكرك اما في مناطق معان فقد اظهرت ان انخفاض المياه الجوفية في حدوده الطبيعية خاصة شمال معان خلال الـ (20) عاما الماضية مع مؤشرات تؤكد أن امتداد خزان المياه الجوفية غير المتجددة في اقصى الجنوب يغطي مناطق اكبر.
كذلك كشفت الدراسة ان المناطق حول عمان سجلت انخفاضا كبيرا في مستوى سطح المياه الجوفية يترواح بين 50-100 متر وتصنف كمناطق جافة حاليا وفي المنطقة الواقعة بين عمان ومادبا تفاقم تدهور الاحواض الجوفية وسجل هبوطا تراوح بين 50-75 مترا في سطح المياه الجوفية مما يؤكد جفاف اجزاء من الحوض المائي في تلك المنطقة فيا سجلت المنطقة الممتدة من مادبا – القطرانة هبوطا باكثر من 50 مترا فيما تشير النتائج الى احتمالية جفاف المناطق الواقعة غرب وجنوب شرق القطرانة بشكل تام.
وبين وزير المياه والري ان كافة التفاصيل التي كشفتها الدراسة خطيرة للغاية حيث تدنت انتاجية الابار وتراجعت مناسيب المياه الجوفية في مناطق شرق المفرق والضليل والحلابات بشكل كبير ووصلت الى 95 متر مضيفا انه وبسبب الضخ المتزايد في المنطقة الشمالية و الشمالية الشرقية فقد تغيرت مسارات حركة المياه الجوفية في مناطق شمال اربد نحو غرب المملكة باتجاه وادي الاردن بعد ان كانت باتجاه شمال غرب المنطقة مما ادى الى تشكل انخفاض واسع النطاق في مستوى المياه الجوفية وكذلك الحال في مناطق شمال غرب المفرق لتصبح المياه الجوفية تتدفق من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي وفي منطقة جبل الدروز وشرق المفرق تغيرت الحركة من الشمال الى الجنوب الغربي لتصبح الى الجنوب الشرقي وفي منطقة الازرق تغيرت حركة مسارات المياه باكثر من 180 درجة من الجنوب الشرقي الى الشمال الغربي كنتيجة لعمليات الضخ الجائر في تلك المناطق .
ودعا ابو السعود الى انتهاج سياسة اكثر صرامة في التعامل مع واقع المياه في البلاد محذرا من خطورة الواقع المائي على مستقبل الاجيال واستمرار تدهور أوضاع الآبار الجوفية الذي يهدد سلامتها واستمراريتها وبما يفوق قدرتها الطبيعية وتجددها بحوالي 200% مما ينذر بكارثة حقيقية اذا لم يتم اتخاذ اجراءات فاعلة توقف الواقع المؤلم للمياه الجوفية في المملكة مؤكدا على ضرورة توفير الاموال اللازمة لتمكين قطاع المياه من خفض نسبة فاقد المياه وتطوير شبكات ومرافق المياه والتوسع في شبكات الصرف الصحي وكذلك ضرورة اتخاذ القطاعين الزراعي والصناعي خطوات عملية تكفل استخدام انظمة تشغيل وتقنيات موفرة للمياه والتوجه الى زراعة المحاصيل الاقل استهلاكا للمياه وتشديد الرقابة على عمليات الحفر المخالف من خلال تكاتف جميع الجهات المعنية بذلك وخفض حجم المياه المستخرجة والمرخصة من ابار المياه .
وكذلك حماية المصادر المائية المختلفة من التلوث والاخذ بدراسة حساسية المياه الجوفية للتلوث- 2018 عند تخطيط المدن والاسراع بتحديد مصادر مياه بديلة مثل تحلية مياه البحر او المياه الجوفية ذات الملوحة العالية ودراسة الجدوى الاقتصادية لهذه المصادر لاستخدامها كمصدر لمياه الشرب وبديل للمياه الجوفية التي اصبحت كلفتها عالية وفق اخر دراسة بينت أن التكلفة تزيد عن (3,28) دولار للمتر المكعب الواحد .
واضاف انه بالرغم من الاجراءات التي تقوم بها وزارة المياه والري ومؤسساتها لحماية مصادر المياه من خلال حملة احكام السيطرة على مصادر المياه وكذلك تطوير القوانين ومن ضمنها نظام المياه الجوفية الا ان الاستنزاف الجائر ونقص كمية تغذية المياه الجوفية بسبب تراجع معدلات الهطول المطري ومواسم الجفاف المتتالية ادت الى نضوب العديد من الينابيع وانخفاض اعدادها ومعدلات تصريف بعضها وجفاف البعض الاخر حيث تراجعت اعدادها من (690) ينبوعا عام 1980 وبطاقة إنتاجية تصل (224) مليون م3 الى (441) نبعا في مختلف مناطق المملكة وبتصريف أقل من (100) مليون م3 .
كما أن ارتفاع ملوحة عدد من الاحواض والابار جعل مياه هذه الاحواض غير صالحة للشرب أوحتى للاستعمال الزراعي في مناطق متعددة من المملكة.
وفيما يتعلق بحجم المياه المتجددة السنوية في الاردن لكافة الاستخدامات كشف وزير المياه والري م. رائد ابو السعود حوالي (780) مليون م3 منها (505) مليون م3 حسب احصائية 2017 مياه سطحية و(275) مليون م3 مياه جوفية. علما بأن المياه الجوفية تشكل حوالي 70% من مصادر مياه الشرب في المملكة مشيرا الى انخفاض حصة الفرد من (3400) متر مكعب سنويا عام 1946 من المياه العذبة المتجددة الى اقل من (100) متر مكعب بحلول العام 2017 ليدخل الاردن الى قائمة الدول الاكثر فقرا بالمياه عالميا .
فيما بلغت الاحتياجات لعام 2017 (1356) مليون م3 في حين سجلت كميات المياه المستعملة في 2017 لكافة الاغراض (1,053) مليون متر مكعب بعجز (303) مليون م3 منها (907) مليون م3 من مصادر تقليدية ( سطحية وجوفية ) و(146) مليون م3 غير تقليدية ( مياه عادمة معالجة) منها للاغراض الزراعية (51,7%) وللشرب(44,6%) وللصناعة (3%) والمناطق النائية (1%).