فيلادلفيا نيوز
بمجرد أن وجّه جلالة الملك بضبط النفقات الحكومية حتى سمعنا من رئيس الوزراء عن دمجٍ للوزارات والهيئات الحكومية، وهو- وإن كان يبدو استجابة منطقية- إلا أنه بالنسبة لي بات يثير القلق.
منذ تولى الدكتور عمر الرزاز الرئاسة وهو يعدنا بدمجٍ حكومي ثم يتراجع عنه، ويتحول الدمج فجأة لتغيير في الأسماء أو وزير يحمل حقيبتين معاً ولاحقاً تنفصلان. وهذا ما لا يتفق وغاية ضبط النفقات ولا ترشيدها، بل أخشى أنه سيتحول فقط لكسب الوقت وبعض ذر الرماد في العيون.
في الجزء السلبي من بيروقراطية العمل العام في الأردن نعلم جميعاً كيف تعمل كل وزارة أو هيئة بصورة الجزر المتباعدة، حتى اننا أحياناً نقع ضحايا غياب أقل قدرٍ من التنسيق، ما يجعلني اليوم أقلق وتحديدا على أي دمج سيكون بعد الفايروس حيث مرحلة يفترض ان تهدف إلى إعادة هيكلة المجتمع وإتاحة المجال للمزيد من فرص العمل ومساعدة بعض المستفيدين من وزارة التنمية الاجتماعية ليخرجوا من الحاجة إلى التمكين.
نسمع اقتراحات غريبة تتعلق بوزارة التنمية الاجتماعية، والتي لا اتحدث عنها فقط لأني استلمت حقيبتها، ولكني أتحدث عنها لأنها في أزمة كورونا تحوّلت لعصب إدارة الازمة في بعديها الاقتصادي والاجتماعي وهو ما كنت طوال الوقت أحذّر من الوصول إليه، لكون الوزارة لا تملك عملياً لا المعلومات والآليات التي تمكّنها من تحويل الأزمات إلى فرص، ولا أحد يريد تعليق جرس هذه الحقيقة.
دمج التنمية الاجتماعية بأي وزارة مهما كانت عليه أن يتم بالنسبة لي تبعاً لهدفٍ واضح، هو المساعدة في إنهاء المساعدات التي تمنح من الدولة لاكبر عدد ممكن من الأسر بعد تمكينهم وبعد المساهمة بأن يتحولوا لأسر منتجة. هذا هدفٌ لا تساعد فيه بالتأكيد لا وزارة الشباب وحدها ولا وزارة التنمية السياسية، وهنا أي دمجٍ مع هذه الوزارات قد يضعف المشهد الحكومي أكثر ويرهق الوزارة والوزير.
الحقيقة أن المرحلة الحالية تحتاج نوعاً جديداً من الدمج، قد تدخل فيه وزارة التنمية الاجتماعية مع وزارتين كوزارة العمل ووزارة التخطيط، لصالح بدء التقليل من المستفيدين من وزارة التنمية الاجتماعية، وفقاً لالية تحوّلهم إلى أسرٍ أو أفراد أكثر انتاجاً. هنا طبعاً لا أقول ان تتخلى الدولة عن مسؤولياتها تجاه الأسر غير القادرة على العمل او التي تحتاج رعاية خاصة، بل على العكس، أقول ان مساعدة الاسر القادرة على الاعتماد على نفسها ستسهل على الدولة تقديم رعاية نوعيّة للمحتاجين من المرضى أو كبار السن.
هنا الحديث والأفكار كثيرة، ويمكن فعلا العمل على ذلك ضمن خطة طموحة للارتقاء بشريحة هامة، هي خزان المهمشين والشاعرين بالظلم والغضب في البلاد، وهؤلاء يحتاجون فعلا تغييرا في نظرة الحكومة اليهم وتغييرا في المكانة التي يحظون فيها في المجتمع، وهو الأمر الذي يتطلب جهدا إضافيا وتخطيطا طويل الأمد، وهذا يحصل إذا كان هناك فعلا لدى الحكومة إرادة بالتغيير.
عيد استقلالنا الرابع والسبعون لا يجب أن يمرّ عادياً هذا العام بعد كل الصعوبات التي مررنا بها، عيد استقلالنا يتطلب أن نمكّن مواطنينا من لمس أن الحكومة تعلّمت درسها جيداً، وانهم سيتحولون لأفراد مستقلين غير مطلوب منهم الاعتماد لا على صناديق ولا على هبات.
وكل عام وأردننا بقيادته الحكيمة وشعبه المعطاء بكل الخير.