فيلادلفيا نيوز
الدعوة لوضع استراتيجية ترتكز على تحسين مناخ الأعمال، وتوفير التمويل اللازم والشراكة الفاعلة بين القطاعين
أكد الرئيس التنفيذي لشركة البوتاس العربية، الدكتور معن النسور، أهمية ودور القطاع الخاص في حفظ الأمن الوطني، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال مساهمته الفعالة في تنشيط الحياة الاقتصادية ومن ثم في رفع معدلات النمو والحد من الفقر، مشيراً إلى أن تطوير مكانة وأداء القطاع الخاص يعتبر قضية هامة جداً يتوجب أن ترتكز عليها السياسات الاقتصادية بما ينعكس إيجاباً على النشاط الاقتصادي والأمن الوطني.
وأضاف الدكتور النسور، خلال محاضرة ألقاها اليوم في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، بعنوان ” دور القطاع الخاص في الأمن الوطني ” وذلك للدارسين في دورة الدفاع الوطني 18، بحضور آمر ورئيس وأعضاء هيئة التوجيه في الكلية، أن تطوير ودمج القطاع الخاص بشكل يعكس الفهم الصحيح والتصور الواضح لآليات وسبل تفعيل دوره كأحد خطوط دفاع الأمن الوطني، يستدعي وضع استراتيجية مُثلى ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية وهي: تحسين وضعية مناخ الأعمال، وتوفير التمويل اللازم وتحقيق الشراكة الفاعلة بين القطاعين الخاص والعام.
وقال الدكتور النسور:” إن القطاع الخاص في المملكة يتشارك اليوم وفي المستقبل مسؤولية تعزيز الأمن الوطني مع كل من القطاع العام والحكومة، ويتحمل معها المسؤولية الأمنية في تعزيز السلم الأهلي والمحافظة على الأمن والاستقرار ورفع سقف تحفيز روح المشاركة والتعاون في التنمية الاجتماعية والإنسانية وذلك من خلال جوانب كثيرة تبدأ من المساهمة في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والوظيفي لليد العاملة الوطنية.”
وعرّف الدكتور النسور الأمن الوطني بأنه “تهيئة الظروف لتنفيذ الخطط الاستراتيجية للتنمية الشاملة بغية الحفاظ على أمن الدولة على الصعيدين الخارجي والداخلي، بالقدر الذي يضمن لشعبها حياة أمنة مستقرة توفر له أقصى طاقة للنهوض والتقدم. حيث إنه هاجس وحاجة وغاية لكل دولة، وبالتأكيد هو أيضا معضلةُ كل دولة. ومن أجل ضمان سلامة الأمن الوطني، تحتاج الدولة لدراسة أبعاد المتغيرات المُؤثرة على أمنها الاقتصادي والغذائي وأمن الطاقة بالإضافة إلى أمن الموارد المائية وغيرها من الحلقات والتي بمجموعها تشكل منظومة الامن الوطني”.
ولفت الدكتور النسور، إلى دور القطاع الخاص في الأردن في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والعادل من خلال مساهمته في الإنتاج والتوظيف والريادة والإبداع، موضحاً أن هذا القطاع يُعد الأكثر خلقاً لفرص العمل وخصوصاً الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل النسبة العظمى من الشركات الأردنية.
وحول أثر القطاع الخاص الأردني على أداء الاقتصاد الكلي للمملكة، بين الدكتور النسور أن القطاع الخاص يساهم بنسبة (60%) تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي موزعة على الشكل التالي :% 2.9)) مساهمة قطاع الإنشاءات، و( 3.6% ) مساهمة قطاع الكهرباء والماء، و( 5.6% ) مساهمة قطاع الزراعة، و( 6.6 %) مساهمة قطاع الخدمات الشخصية والاجتماعية، و( 8.7%) مساهمة قطاع الاتصالات والنقل، و( 9.7% ) مساهمة قطاع التجارة والمطاعم، و( 22.4% )مساهمة قطاعات الخدمات المالية والعقارية والأعمال.
وأشار الدكتور النسور، إن القطاع الخاص الأردني هو المشغل الأكبر للعمالة في سوق العمل؛ إذ تشكل حجم العمالة فيه أكثر من ثلثي عدد العاملين في جميع القطاعات أي حوالي (70% ) والتي يبلغ فيها عدد العاملين حوالي مليون ومائة وخمس ثلاثون ألف عامل، كما ويساهم القطاع الخاص في تقديم نصف فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد الأردني.
وبحسب الدكتور النسور، يعتبر القطاع الخاص المصدر الأساسي لزيادة ثروات الأفراد وخصوصاً الشركات المساهمة التي تجاوزت قيمتها السوقية قيمة الناتج المحلي الإجمالي في العديد من السنوات إلا أنها تراجعت إلى (14.5) مليار دينار ما بين العامين (2019) و(2020)؛ مبيناً أن الشركات المساهمة تعد مصدراً لزيادة ثروات الأفراد (من خلال توزيعات الأرباح والأرباح الرأسمالية ) ومعززاً للاستثمار في السوق المالي كبديل استثماري ذو عائد أعلى بدلاً من إيداع الأموال وانتظار العائد الأقل. وبذلك يساهم القطاع الخاص على المحافظة على التوازن بين الطبقات الاجتماعية، ويدعم بقاء الطبقة الوسطى التي تعتبر المحرك الأساسي للطلب الاستهلاكي والمكون الأساسي للطلب الكلي في الأردن.
كما أن القطاع الخاص في الأردن والمتمثل بقطاع الخدمات المالية هو المصدر الرئيس للتسهيلات التي تساهم في تمويل المشاريع الاقتصادية الاستثمارية وهو المصدر الرئيس للمدخرات التي تعزز الاستقرار المالي والنقدي في الأردن. ويبلغ رصيد الائتمان المحلي (37409.2) مليار دينار في شهر كانون الثاني 2020.
وشدد الدكتور النسور، على أن تنفيذ خطط التنمية المستدامة يتطلب تمويلاً ضخماً لا تفي به مستويات الاستثمار المتوفرة حالياً في المملكة. ورغم أهمية تمويل الحكومي المباشر لتنفيذ الخطط المشاريع، إلا أن على الحكومة أن تسعى بشكل جاد إلى تحريك القطاع الخاص الذي يمكن أن يلعب دوراً بالغ الأهمية للإسهام في تمويل وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
ولفت الدكتور النسور، إلى أن جائحة كورونا سببت تراجعاً عالميا ومحليا في معدلات النمو، يصل إلى الحد الذي يمكننا تعريفه بأنه انهيار وسببت حالة عدم التأكد والقلق في ظل انتشار هذا الوباء ضرراً كبيراً لحق بمستويات الطلب العالمية وسببت سياسات الإغلاق تعليق سلال التوريد والإخلال بقدرتها على الإنتاج والنقل، موضحاً أنه ومنذ تسجيل الحالة الاولى على الأراضي الأردنية، أكدت الحكومة من خلال العديد من الإجراءات على أنها ستلعب دوراً فاعلاً في التصدي للجائحة وتبعاتها، مثل الإجراءات الضامنة لتوافر السيولة الفورية وإجراءات ضبط تكلفة التمويل لمختلف القطاعات المتضررة بالإضافة إلى حزم دعم لحماية الأسر الأقل حظاً.
وقال:” على الرغم من فعالية السياسات والتدابير إلا أنه من المرجح أن يكون لحالات الإغلاق الداخلي والتباطؤ الاقتصادي العالمي واضطرابات التجارة وتعليق السفر الدولي تأثير كبير على الاقتصاد الأردني، حيث إن الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة المصاحبة لانتشار الوباء أدت إلى تفاقم نقاط الضعف الهيكلية الحالية في الاقتصاد وتعاظم وطأة التحديات الاجتماعية التي لم يتم حلها والضغط على مؤشرات الاقتصاد الكلي الهشة للبلاد، وعلى إثر التبعات الاقتصادية التي رافقت جائحة كورونا سُلطت الأضواء على أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات الاقتصادية بشقيها الخاص والعام في حفظ الأمن الوطني واستدامة النمو والتنمية”.
د. النسور : توفر الإطار التشريعي والمؤسسي ضروري لمواجهة تحديات الأمن الوطني
وحول تحديات الأمن الوطني، أوضح الدكتور النسور أنها قد لا تنحصر عند الخصوم التقليديين من دول أخرى وحسب، بل قد تشمل جهات غير الحكومية مثل جماعات الإرهابية، والشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية الفاسدة، كما تشمل الكوارث والأحداث الطبيعية ويعتبر توفر الإطار التشريعي والمؤسسي الملائم الذي یتیح القیام بالإجراءات الضرورية في الوقت المناسب أھم متطلبات مواجهة الأزمات مع توفر المصادر المادية والكوادر البشرية القادرة على التنفيذ وتجسيد القرارات بشكلٍ واقعي وعملي وفي الأردن، مبيناً أن الاطار التشريعي المهيأ لإدارة الأزمات على درجة مُرتفعة من الحرفية يتجسد في الأردن من خلال مجموعة من الانظمة والقوانین المتمثلة في تشريعات الجھات المُختصة مثل قانون الدفاع والأوامر الصادر بموجبه وأن الإطار المؤسسي الممثل بالمؤسسات الرسمية مثل مجلس السياسات الوطني و المركز الوطني للأمن وادارة الأزمات والمجلس الأعلى للدفاع المدني و العديد من المؤسسات و اللجان المُختصة الأخرى مثل: اللجنة الوطنية للأوبئة قادرة على مواجهة الازمات التي تھدد أمن وسلامة الدولة ونظامها السياسي على مستوى عالٍ من الجاهزية و الحرفية.
د. النسور: جلالة الملك شدد على ضرورة تعميق الديمقراطية لتصحيح مسار الإصلاح الاقتصادي
وأكد الدكتور النسور، أن جلالة الملك عبدالله الثاني ركز مرراً وتكراراً على ضرورة السير قُدما في مسار الإصلاح السياسي وهذا الاهتمام ينمّ عن إدراك جلالته بأن المنظومة السياسية القائمة تحتاج إلى إعادة نظر، ذلك لأن الحكومات المعينة تتعامل مع الوضع الراهن بمنطق “إذا أصبت لك أجران وإذا لم تصب فلك أجر واحد”، مما سبب وسيسبب بالمحصلة المزيد من التذبذبات في الأداء حيث إن أغلب الحكومات السابقة فشلت في ترك إرث سياسي.
وأضاف الدكتور النسور، يهدف نهج جلالة الملك في تعميق الديمقراطية إلى تصحيح مسار الإصلاح الاقتصادي، والذي يعني بالضرورة انعكاس عائدات النمو الاقتصادي على مختلف فئات المجتمع، بعيداً عن تقسيم المجتمع إلى طبقة صغيرة متضخمة بالمنافع، وأخرى تشكل الغالبية الساحقة، يتراجع مستواها المعيشي ودورها داخل المجتمع سنة بعد أخرى، مشيراً إلى أن تنويع وتعميق الممارسات الديمقراطية سيضع جميع المواطنين تحت القانون بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وسيضع حداً للامتيازات التي تتمتع بها فئة دون أخرى، وبالتالي سيتمكن جميع المواطنين من الحصول على حقوقهم. وستضع حدوداً لمختلف ممارسات الفساد الاداري والمالي التي تسلب المجتمع خيراته وانجازاته، وستمكن مؤسسات الدولة والمجتمع من ملاحقة الفاسدين بكفاءة وفاعلية عالية.
د. النسور: ” البوتاس العربية” دعمت الجهود الحكومية في حفظ الأمن القومي
وخلال المحاضرة، استعرض الدكتور النسور، دور شركة البوتاس العربية في دعم الجهود الحكومية في حفظ الأمن القومي، إذ قدمت الشركة المتمركزة في غور الصافي ما يزيد عن 42.9 مليون دينار كمدفوعات مباشرة لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية حتى نهاية الربع الثالث من عام 2020 ؛ منها (24,164,000) دينار كانت على شكل ضريبة دخل و(11,215,000) دينار بدل رسوم تعدين و (7,540,000) دينار بدل رسوم طريق و رسوم ميناء و إيجار أراضي الامتياز بالإضافة إلى مدفوعات المسؤولية المجتمعية للشركة من المنح والتبرعات التي بلغت في عام 2020 ما يقارب (30 مليون دينار أردني) وذلك بسبب الدور الرائد التي لعبته الشركة في إغاثة القطاع الصحي والقطاعات المتعثرة بسبب جائحة كورونا من خلال صندوق “همة وطن” دون التوانِ عن خدمة القطاعات الأخرى مثل دعم (التعليم و الخدمة الاجتماعية وجهات رسمية والمياه والبيئة و الرياضات و بيوت العبادة و النقابات المهنية).
وعلى الصعيد الخارجي، أوضح الدكتور النسور، أن مبيعات “البوتاس العربية” شكلت ما نسبته 9.6 % من مجمل الصادرات الوطنية في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي وعلى مدار السنوات العشر الماضية شكلت مبيعات البوتاس ما يقارب 10.1% من مجمل قيمة الصادرات الأردنية والذي أسهم بدوره بترجيح كفة الصادرات الوطنية في الميزان التجاري الأردني الذي عانى من عجز دائم، كما وتعتبر شركة البوتاس العربية من أكبر داعمي احتياطي العملات الأجنبية. فقد بلغت مساهمة الشركة نتاجًا لمبيعاتها فقط ما مجموعه 497,3 مليون دولار أمريكي.