فيلادلفيا نيوز
برغم اعلان وزير الصحة فراس الهواري تسجيل 3 إصابات بـ”السلالة المتحورة الهندية لفيروس كورونا” في الأردن لأشخاص لم يسافروا خارجها، كشف خبراء وبائيون وصحيون ان الفيروس لا يتحور محليا، معتبرين ذلك ضربا من الخيال ولا يتفق مع اي أسس علمية.
وكان الهواري اشار في تصريحات صحفية الى أن المصابين بالسلالة الهندية حالتان سجلتا في عمّان وواحدة في الزرقاء لأشخاص لم يسافروا، ما يؤكد أن ظهور الحالات المتحورة لا يعني بالضرورة أن تكون قد جاءت من الخارج، وإنما نتيجة التكاثر النوعي.
خبير الفيروسات الدكتور عزمي محافظة، يرى ان اكتشاف حالات مصابة بالمتحور الهندي، تحورت في الأردن، “لا يستند على أساس علمي، ففحص التسلسل الوراثي للحالات الثلاث المكتشفة، بين انها تحمل طفرات موجودة في المتحور الهندي وعددها 17 طفرة 8 منها في البروتين الشوكي للفيروس.
وأضاف، من ناحية علمية وبناء على اسس الاحتمالات الرياضية، فمن المستحيل حدوث جميع الطفرات في البروتين الشوكي وأجزاء أخرى من جينوم الفيروس وبالترتيب نفسه في الأردن والهند.
ولفت الى ان الفيروسات المتحورة، تحمل عددا كبيرا من الطفرات، وقد تتشابه المتحورات التي تحورت في مناطق مختلفة من العالم، وتشترك في طفرة او عدة طفرات، كما هو الحال بالنسبة للمتحور الجنوب أفريقي والبرازيلي، وكلاهما مع المتحور البريطاني، اما ان تحدث الطفرات نفسها، وعددها يقرب من 20 طفرة في الوقت نفسه وفي مكانين مختلفين من العالم، فهذا ضرب من الخيال.
وأوضح محافظة ان هناك اكثر من متحور خاص في الأردن تطور السنة الماضية، وحدد التسلسل الجيني لها وحملت على موقع “GISAID” العالمي من مختبرات بيولاب الطبية الأردنية، وهو جهد كبير ومكلف يستحقون عليه الشكر والتقدير، ولكنها تختلف عن باقي المتحورات، وقد حل محلها، المتحور البريطاني الذي بدأ انتشاره في الأردن بداية العام الحالي واصبح الآن الفيروس السائد.
وبين المحافظة ان لدينا متحورا بريطانيا دخل الأردن من بريطانيا ودول أخرى وهو المسؤول عن الحالات التي حدثت في الموجة الثانية من الوباء تقريبا، والتي تقترب من نهايتها.
وأضاف، ان لدينا حالات سببها المتحوران الجنوب أفريقي والبرازيلي، وعددها محدود جدا دخلت إلى الأردن مع مصابين قادمين من الخارج، من دول انتشرت فيها تلك المتحورات، والآن لدينا هذه الحالات من المتحور الهندي الذي اكتشف منذ تشرين الأول (اكتوبر) العام الماضي، وهي من حيث المصدر ليست استثناء فمصدرها الهند أو دول أخرى، انتقل اليها المتحور الهندي، وبلغ عددها حتى الثاني من الشهر الحالي 34 دولة، ولم تقل اي منها انه تطور لديها.
واشار المحافظة الى أن أحد المصابين الثلاثة من التابعية الهندية، ويعمل في منشأة فيها عمال هنود، وقد يكون بعضهم حضر حديثا من الهند.
وأضاف، “كان الأولى أن تستقصي وزارة الصحة بدقة لمعرفة مصدر العدوى لتلك الحالات قبل الاستنتاج الذي ينقصة الدليل العلمي، بأن الفيروسات المسببة لها قد تحورت في الأردن، مؤكدا ان هناك طريقة علمية تمكن من تحديد الفترة التي دخل فيها المتحور الهندي للأردن، ويجري حاليا تحديدها.
بدوره قال الخبير الوبائي اختصاصي الجهاز التنتفسي والصدرية محمد الطراونة ان المتحور الهندي ظهر في كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، وبسبب المهرجانات الدينية والتجمعات المزدحمة انتشر الوباء، الذي سمي عليما بـB.1.617، ويحمل في الواقع 13 طفرة، 7 منها في البروتين الشوكي “S protein”، وهناك متحور آخر ذو ثلاث طفرات يسمى “B.1.618” اكتشف في ولاية البنغال الغربية.
واشار الطراونة الى ان الطفرتين البارزتين في المتحور الهندي موجودتان في متحورات أخرى، لكنهما ظهرتا معا لأول مرة في هذا الفيروس الهندي: طفرة L452R وطفرة E484Q.
وأضاف، إن طفرة L452R أصلاً موجودة في البروتين الشوكي لفيروس كورونا المتحور المكتشف في كاليفورنيا B.1.427. ووَجدتْ إحدى الدراسات أن متحور كاليفورنيا الذي يحمل هذه الطفرة، قد يكون أكثر قابلية للانتقال بنسبة 20 % من فيروس ووهان.
اما طفرة E484Q فتبدو مشابهة جدًا لطفرة E484K الموجودة في الفيروس المتحور B.1.351 المكتشف في جنوب إفريقيا وفيروس P.1 المكتشف في البرازيل.
وتعتبر طفرة E484K في هذه المتحورات “طفرة هروب”، لأنها تمكن فيروس كورونا من الهروب من الأجسام المضادة المُكوَّنة من المناعة أو اللقاحات، وحتى الآن، تشير البراهين إلى أن اللقاحات الحالية صامدة أمام هذه المتحورات.
واوضح الطراونة في تصريح لـ”الغد” بان الهند اكبر مصنع للقاحات في العالم، ولها الريادة بتصنيع لقاحين لمرض كوفيد- 19 والمساهم بشكل كبير لحملة (كُوفاكس) بتوفير اللقاحات لدول العالم بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، إذ تصنع لقاحات لشركات عالمية مثل استرازينكا وجوسون اند جونسون واللقاح الروسي.
وبين انه وخلال العام الماضي كانت الهند تحت تاثير الموجة الاولى للفيروس، وقد سيطرت على موجة تفشيه الاولى باجراءات حازمة للحد من انتشاره، ومع بداية السنة الحالية أعلنت الهند انتصارها على الفيروس، وبدأت بتخفيف حدة الاجراءات مع السماح بالتجمعات الكبيرة (السياسية والدينية).
ولفت الى ان هذا هو السبب الرئيس لارتفاع عدد الإصابات، إذ وصل لاكثر من 400 ألف في يوم واحد، وهذا اعلى عدد اصابات يسجل عالميا، فهذا الانتشار السريع قد يؤدي لظهور سلالة جديدة، علما بانه لا توجد تقارير حاليا تؤكد ان سبب الانتشار بسبب ظهور سلالة جديدة.
وأوضح ان الوضع الحالي في الهند، اثر على إنتاج اللقاحات، اذ أوقف تصدير اللقاحات للعالم، واستنزفت المواد الاولية اللازمة لانتاجها، الى جانب صعوبة الحُصول على أسّرة او أكسجين في المستشفيات، علما بان الهند (حكومة فيدرالية او ولاية) تتنافس مع المستشفيات الخاصة في شراء اللقاحات من الشركات المصنعة، ما يؤدي لارتفاع سعر اللقاح في هذه الظروف الصعبة، وقد يؤثر سلبا على إيصال اللقاحات للدول المعتمدة على منظمة الصحة العالمية ائتلاف كوفكس.الغد