فيلادلفيا نيوز
تم تنصيب الرئيس الأميركي بايدن أمس، بعد انتخابات غير مسبوقة يرفض الرئيس السابق ترامب الاعتراف بها، بل لم يكتف بذلك، إذ رفض المشاركة في حفل التنصيب. ترامب وخلال سنواته الأربع في البيت الأبيض يسجل له أن غير ملامح الكثير من الدول، ناهيك عن الأزمات الداخلية التي خلقها في بلده. ومن هذه الملامح، وأبرزها، منطقة الشرق الأوسط، التي طالما كان الصراع بها واضح المعالم والهوية، عنوانه القضية الفلسطينية، وسلام عادل وشامل، وانهاء الصراع على أساس حل الدولتين، والتي لم يلق لها ترامب بالا واصطف بشكل واضح وجلي مع الاحتلال، فيما عانى الأردن من الإدارة الأميركية في هذه الحقبة الزمنية، للقبول بما عرف بـ “صفقة القرن”، حيث مورست كل أصناف الضغوط عليه للقبول بها تحت تهديد المساعدات والأونروا والوصاية الهاشمية على المقدسات. في هذه الفترة لا يخفى على أحد تراجع الدور الأردني في المنطقة، وابتعدت الأولوية عن القضية الفلسطينية نحو إيران، ومع هزيمة ترامب ووصول بايدن إلى الرئاسة، شهدنا تحركات غير مسبوقة، عنوانها الأردن، حيث زار جلالة الملك البحرين والامارات، وزيارة الرئيس المصري إلى المملكة والمبيت يوما فيها، ومباحثات وزير الخارجية ايمن الصفدي في السعودية، ولقاءات شارك بها الأردن عقدت في رام الله. كل هذه التحركات تشي بأن شيئا ما يحدث في الأجواء، وأن المنطقة مقبلة على تحولات مركزية، والأردن جزء أساسي منها، لا يتجزأ منها، وكأننا أمام الدور الأردني ما قبل عهد ترامب. ربما لن يشهد العام 2021 تحولا تاما في منطقة الشرق الأوسط، وربما لن يشهد عودة الزخم إلى القضية الفلسطينية حيث أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون منغمسة كليا في ملفاتها الداخلية، في محاولة منها لترميم ما دمره ترامب وتحديدا في ملف الصحة وكورونا، والاتفاقيات التي انسحبت منها واشنطن وعلى رأسها اتفاقية التغيير المناخي، لكن ما هو مهم في ذلك هو أن هناك راحة أردنية تامة بشأن المرحلة المقبلة. لا أحد يتوقع اختراقات كبيرة في تركيبة المنطقة، وهنا يجب أن لا نبالغ في الآمال والأماني، لكن ما نحن في صدد التأكيد عليه أنه لن يكون هناك مزيد من الارباك والخسائر، حيث يحظى جلالة الملك الذي يقود السياسة الخارجية الأردنية باحترام كبير داخل المؤسسات الأميركية، خصوصا مع الديمقراطيين الذين يحكمون اليوم الولايات المتحدة. قد يحتاج الأمر لبعض الوقت، لكن المصالحة الخليجية، واللقاءات التي تعيشها المنطقة، تعني أن ما أحدثه ترامب من دمار اخذه معه عند مغاردته البيت الأبيض، وأن ما في جعبة بايدن يختلف كثيرا، وهذا الاختلاف حتما سيكون في مصلحة الأردن، وكل ما علينا هو الاستفادة منه والبناء عليه، فالمملكة لا يمكن إلا أن تكون لاعبا أساسيا لما تتمتع به من حكمة وأمن وآمان واستقرار.