الإثنين , أبريل 7 2025 | 9:25 م
الرئيسية / stop / حسن معّدي يكتب : شتان ما بين الاضراب والعصيان

حسن معّدي يكتب : شتان ما بين الاضراب والعصيان

فيلادلفيا نيوز

في ظل الأحداث الجارية في غزة، وفي الوقت الذي يعاني فيه الأشقاء الفلسطينيون من ظروف إنسانية قاسية بسبب حرب الابادة المستمرة، بدأ يتصاعد الحديث عن طرق مختلفة للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين وقد ظهرت في الآونة الأخيرة دعوات للعصيان المدني تحت شعارات تدعي الدفاع عن غزة وقضية الفلسطينيين، لكن علينا أن نميز بين الإضراب والعصيان، خاصة في الوضع الراهن في المملكة الأردنية الهاشمية ، في حين يمكن أن يكون الإضراب وسيلة سلمية بسيطة للتعبير عن التضامن، فإن العصيان المدني قد يتسبب في اضطرابات تهدد الأمن والاستقرار ، ويمثل محاولة لزعزعة الاستقرار الداخلي في المملكة.
أولًا: الإضراب كوسيلة سلمية للتضامن مع غزة
الإضراب في السياق الذي نتحدث عنه، ليس بالضرورة مرتبطًا بالقضايا العمالية أو الاقتصادية بل هو أداة تعبيرية عن دعم القضايا الإنسانية، مثل التضامن مع الأشقاء في غزة ،هو مجرد وسيلة سلمية يقاطع فيها الأفراد أو الجماعات نشاطاتهم اليومية كطريقة رمزية لإظهار الاستنكار لما يحدث في غزة، وللتأكيد على دعمهم لحقوق الشعب الفلسطيني.
إن الإضراب هنا، الذي يتمثل في الامتناع عن الأنشطة العادية لبضع ساعات أو يوم واحد، هو تعبير بسيط عن وقوف الأردنيين مع غزة و هو إظهار لمشاعر التضامن مع الشعب الفلسطيني من خلال أقل الوسائل ضررًا وأكثرها سلمية والإضراب في هذا السياق لا يؤدي إلى تعطيل النظام أو الاقتصاد، بل يهدف إلى إرسال رسالة واضحة للعالم ولأشقائنا في فلسطين أن الشعب الأردني كان وما زال يقف إلى جانبهم في محنتهم.
ثانياً : العصيان المدني
على النقيض من الإضراب، العصيان المدني هو شكل من أشكال التمرد ضد القوانين أو السلطة القائمة، ويهدف إلى تعطيل الحياة العامة بشكل أكبر فالعصيان المدني لا يقتصر على الامتناع عن نشاط معين أو مشاركة في احتجاج سلمي، بل يتضمن أحيانًا تمردًا واسعًا ضد النظام قد يهدد الأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي .
وفي الوضع الراهن في المملكة، تشهد الدعوات للعصيان المدني من خلال وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعارات تتعلق بالقضية الفلسطينية، خاصة في ظل التصعيد العسكري في غزة واستمرار حرب الابادة فيها ، محاولة غير مبررة للتأثير على الوضع الداخلي للمملكة فبعض هذه الدعوات تستغل الألم الذي يعانيه الفلسطينيون في غزة، وتوظفه لترويج أجندات سياسية مشبوهة تهدف إلى نشر الفتن وزعزعة الأمن في الأردن.
العصيان في مثل هذه الظروف لا يمثل استجابة بناءة، بل هو تهديد حقيقي لاستقرار البلاد وأمنها، وينذر بمخاطر كبيرة على النسيج الاجتماعي والسياسي الأردني.
والأردن الذي لطالما كان حاميًا للقضية الفلسطينية واول الداعمين الرئيسيين للحقوق الفلسطينية في الساحة الدولية، يواجه خطرًا أن يتم استغلال هذه القضايا الإنسانية العادلة كأداة لزعزعة الاستقرار الداخلي وتهديد الوحدة الوطنية.
الفارق بين الإضراب والعصيان في الوضع الراهن
1. المشروعية القانونية:
– الإضراب، في هذا السياق، هو وسيلة قانونية وسلمية للتضامن مع غزة دون أي تهديد للأمن الوطني. يتم تنظيمه في إطار يسمح بالتعبير عن الرأي دون تعكير صفو الحياة العامة.
– العصيان المدني هو عمل متمرد يتجاوز إطار القانون، ويهدف إلى تعطيل النظام العام، مما قد يؤدي إلى اضطرابات تهدد السلم الاجتماعي والأمن الداخلي.
2. الأهداف:
– الإضراب يهدف إلى تحقيق التضامن السلمي مع فلسطين دون التأثير على الاستقرار الوطني. هو احتجاج رمزي لا يتجاوز حدود التعبير عن مشاعر الشعب الأردني.
– العصيان، خاصة في الوضع الحالي في الأردن، يهدف إلى إثارة الفوضى، وإضعاف موقف المملكة الثابت في دعم القضية الفلسطينية، من خلال زعزعة الاستقرار الداخلي تحت ظل شعارات زائفة .
التأثير على الأمن الوطني:
– الإضراب، رغم ما قد ينجم عنه من تعطيل جزئي لبعض الخدمات، لا يؤثر على الأمن الوطني بشكل مباشر.
– العصيان قد يؤدي إلى تعطيل الحياة العامة، وفتح الباب للفوضى والاحتجاجات العنيفة التي تهدد الأمن والسلام الاجتماعي، مما يضر بموقف المملكة العربي والدولي.
في ضوء الأحداث الراهنة، نجد أن الدعوات المتزايدة للعصيان المدني في الأردن ليست إلا محاولة لتأجيج الفتن وزعزعة الأمن ورغم أن الشعب الأردني يقف بجانب الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة، فإن استخدام شعار “حرب الإبادة في غزة” للتأثير على الوضع الداخلي في الأردن يُعد أمرًا غير مقبول، ويشوه الصورة الحقيقية للمواقف الأردنية الثابتة
الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، هو من أوائل الدول التي تدعم الحقوق الفلسطينية وتدافع عن الشعب الفلسطيني، ولذلك فإن أي محاولة للنيل من استقرار الأردن تحت أي مسمى من مسميات العصيان تعد تهديدًا مباشرًا لأمن الوطن واستقراره.
في النهاية ،، اللهم احفظ الأردن من كل مكروه، وبارك في أرضها وشعبها وادم على هذه المملكة أمنها وأمانها، واجعلها دومًا في طليعة المدافعين عن قضايا الأمة العربية والإسلامية اللهم احفظ راية الهاشميين من كل شر، ووفق قيادتنا الحكيمة لتحقيق الخير والازدهار لهذا الوطن الغالي.

* حسن معدّي ناشط حقوقي وباحث قانوني

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com