فيلادلفيا نيوز
فجر انتحاريون أنفسهم أمس السبت، مستهدفين مقرين تابعين لقوات النظام في حمص في وسط سورية، ما تسبب بسقوط 42 قتيلا بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في المدينة، في عملية تبنتها “هيئة تحرير الشام” المؤلفة من جبهة النصرة سابقا وفصائل أخرى مقاتلة.
واعتبر المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا السبت أن هدف اعتداءات حمص “تخريب” مفاوضات جنيف في وقت حذر رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري من أن تفجيرات حمص “لن تمر مرور الكرام”.
وافاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل “42 من عناصر الامن على الاقل، بينهم رئيس فرع الامن العسكري في حمص، في هجمات استهدفت فرعي الامن العسكري وأمن الدولة”.
وأشار محافظ حمص طلال برازي لوكالة الأنباء السورية الرسمية إلى وقوع 32 قتيلا و24 جريحا.
وتحدث التلفزيون الرسمي عن “ارتقاء عدد من الشهداء بينهم اللواء شرف حسن دعبول رئيس فرع الأمن العسكري في التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا مقرين أمنيين في حمص”.
ويعد دعبول من المقربين من الرئيس بشار الأسد، وهو من أبرز الشخصيات في أوساط المخابرات السورية.
واستهدفت التفجيرات مقرين امنيين محصنين بشكل كبير في حيي الغوطة والمحطة بمدينة حمص، ثالث كبرى مدن سورية التي شهدت معارك عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة قبل ان يسيطر عليها النظام بشكل كامل في 2014.
وتحدثت هيئة تحرير الشام عن “خمسة انغماسيين (…) اقتحموا فرعي أمن الدولة والأمن العسكري بحمص”.
وصف مدير المرصد رامي عبد الرحمن الهجمات بأنها “الأكثر جرأة في حمص”، منذ استهداف مبنى الامن القومي في دمشق في تموز/يوليو 2012، والذي ادى الى مقتل اربعة من كبار المسؤولين الامنيين بينهم وزير الدفاع السوري العماد داود راجحة ونائبه العماد آصف شوكت، صهر الرئيس السوري بشار الاسد.
وبدأ الاعتداء مع “إطلاق النار على الحرس في مبنى المخابرات العسكرية. وعندما سارع الضباط لمعرفة ما كان يحدث، فجر أول انتحاري نفسه”. ومن ثم “سارع عناصر أمن آخرون إلى المكان حيث قام الثاني والثالث بتفجير نفسيهما واحدا تلو الآخر”، وفق عبد الرحمن الذي أوضح أن الاشتباكات استمرت لساعتين. وأكد التلفزيون الرسمي وقوع اشتباكات خلال الهجومين.
وتشكل تحالف “تحرير الشام” في 28 كانون الثاني/يناير من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) وأربعة فصائل مقاتلة اخرى. وادرج تشكيل هذا التحالف في حينه في اطار الرد على موافقة فصائل معارضة على المشاركة في محادثات أستانا برعاية روسية وتركية والتي هدفت الى تثبيت وقف لاطلاق النار اعلن في 30 كانون الاول/ديسمبر.
ولم تشمل الهدنة التنظيمات المتطرفة بما فيها تنظيم داعش وجبهة فتح الشام التي تتواجد في مناطق عدة من سوريا، لا سيما في محافظة ادلب (شمال غرب). كذلك استبعدت الجبهة من مفاوضات جنيف التي تتواصل لليوم الثالث على التوالي بين وفود من المعارضة والحكومة برعاية الامم المتحدة.
وتعرض حي الوعر، آخر حي تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حمص السبت، لغارات كثيفة نفذتها قوات النظام عقب الهجمات الانتحارية، وتسببت بمقتل ثلاثة مدنيين واصابة نحو خمسين آخرين بجروح وفق المرصد السوري.
كما قتل ستة مدنيين واصيب 14 بجروح جراء غارات لقوات النظام على مدينة دوما، ابرز معاقل الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق.
ويسيطر على المدينة بشكل اساسي جيش الاسلام، الفصيل الممثل في مفاوضات جنيف بالقيادي محمد علوش الذي ترأس وفد الفصائل الى محادثات استانا.
واعتبر مدير المرصد ان تبني هيئة تحرير الشام لتفجيرات حمص، “رسالة للمعارضة والنظام والمجتمع الدولي بأن فتح الشام موجودة ولا يمكن لأحد اقصاؤها”.
وفي جنيف، قال دي ميستورا للصحفيين ردا على سؤال عن اعتداءات حمص “في كل مرة نجري مفاوضات هناك دائما من يحاول تخريب العملية. كنا نتوقع ذلك”.
وجاءت مواقف دي ميستورا بعد رسالة وجهتها وزارة الخارجية السورية الى الامم المتحدة ومجلس الامن طالبت فيها بإدانة الاعتداءات.
واعتبرت في بيان ان هذا “التطور الخطير يحتم على المبعوث الخاص ايضا ادانة هذا العمل الارهابي كما يحتم على الفصائل المشاركة في مباحثات جنيف ومن دون استثناء ادانة مثل هذه الاعمال الارهابية”.
وقال رئيس وفد الحكومة الى محادثات جنيف بشار الجعفري قبل لقائه دي ميستورا السبت “التفجيرات الارهابية التي ضربت حمص اليوم هي رسالة من رعاة الارهاب إلى جنيف”، مضيفا “أقول للجميع أن الرسالة قد وصلت وهذه الجريمة لن تمر مرور الكرام”.
ورغم دخول محادثات جنيف يومها الثالث، لم يبدأ حتى الآن أي بحث في العمق بين الاطراف المعنية بالمفاوضات.
ومن المفترض ان يدرس وفدا الحكومة والمعارضة السوريتين ورقة قدمها لهما دي ميستورا تتضمن جدول الاعمال الذي يأمل تنفيذه.
وتتضمن الورقة، وفق ما قال مصدر في الوفد المعارض الاربعاء لفرانس برس “جدول الاعمال، بما يعني شكل الحكم السياسي والدستور والانتخابات والمواضيع الانسانية”، مشيرا الى انه “لم يتم التطرق الى الارهاب” الذي طالما وضعه وفد الحكومة اولوية في المحادثات.
وقالت عضو وفد المعارضة السورية الى جنيف بسمة قضماني لفرانس برس “نحن نعلم ان المفاوضات هي المرحلة التي تسبق المرحلة الانتقالية”، مضيفة “الانتقالية تعني الانتقال بالسلطات الى هيئة الحكم الانتقالي وفي تلك اللحظة ليس هناك دور لبشار الاسد”.
ويجري جزء كبير من الاتصالات في الكواليس في الفنادق التي تنزل فيها الوفود وخارج مقر الامم المتحدة. ويشارك فيها مبعوثون دوليون بينهم ممثلون لدول عدة داعمة للمعارضة بينها قطر وتركيا وفرنسا، بحسب مصادر في الوفد المعارض.-(ا ف ب)