فيلادلفيا نيوز
– اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب الثلاثاء انه يقبل باستخلاصات اجهزة الاستخبارات الاميركية التي اكدت بالفعل حصول تدخل روسي في الحملة الانتخابية الرئاسية العام 2016، محاولا على ما يبدو تهدئة الجدل الحاد الذي اعقب تصريحاته خلال قمة هلسنكي مع فلاديمير بوتين.
وتراجع ترامب بذلك عن تصريحاته التي اعتبرت شديدة الليونة ازاء بوتين في هلسنكي، وقال انه اساء التعبير عندما اعتبر ان لا سبب لديه لعدم تصديق نفي بوتين تدخل موسكو في الانتخابات.
وقال ترامب ‘اوافق على استخلاصات اجهزة استخباراتنا لجهة ان روسيا تدخلت في انتخابات 2016’، مشددا على ‘احترامه’ لهذه الوكالات الفدرالية.
واضاف ان تدخل موسكو ‘لم يكن له اي تأثير’ على نتيجة الانتخابات التي فاز فيها.
واكد ترامب انه قال جملة اساسية خلال مؤتمره الصحافي نسي ان يستخدم فيها صيغة النفي، ما جعل المعنى يتخذ منحى معاكسا.
وقال ترامب في هلسنكي ‘لا ارى اي سبب يدفع الى القول بان روسيا (هي التي قامت بعملية التدخل)’، في حين اكد الثلاثاء انه كان عليه ان يقول العبارة الاتية ‘لا ارى اي سبب لان لا تكون روسيا (هي التي قامت بعملية التدخل)’.
وكان ترامب عاد الثلاثاء الى البيت الابيض ليجد نفسه معزولا حتى داخل معسكره الجمهوري، اثر جولة اوروبية كارثية ادار خلالها ظهره لحلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، وتقرب بشكل مذهل من زعيم الكرملين.
وارتفعت الاصوات من مختلف اطياف الطبقة السياسية الاميركية لتصفه بالضعف، وهي التهمة نفسها التي كان يستسيغ استخدامها بحق معارضيه.
ولا يبدو ان التعليق الايجابي الوحيد على ادائه في قمة هلسنكي الذي جاء من السناتور الجمهوري راند بول كان كافيا لفك العزلة عن ترامب. فقد عزا السناتور بول الهجوم على الرئيس الاميركي الى نوع من ‘الهوس المناهض لترامب’، مشيرا ايضا الى ان ترامب يتعرض لما وصفه بالمضايقات القضائية.
وغرد ترامب غداة اول قمة بين الرئيس الاميركي الخامس والاربعين وبوتين قائلا ‘شكرا راند بول، انت تفهم الامور بشكل جيد’.
وخلال الايام القليلة الماضية، اكان في بروكسل او لندن، فإن ترامب ضرب، بإجماع المحللين، عرض الحائط العلاقات بين ضفتي الاطلسي، وشن هجمات غير معهودة على المانيا والاتحاد الاوروبي والمملكة المتحدة.
– الانتقادات تتوالى-
تتعارض اشادة السناتور راند بول اليتيمة بشدة مع سيل من الانتقادات انهال على ترامب من كل حدب وصوب، اكان من اعضاء في الكونغرس او من محللين وصفوه ب’الخائن’ و’المتهور’ و’المعيب’، وغيرها من الاوصاف اللاذعة.
واثارت تصريحات ترامب صدمة كبيرة حتى في صفوف الجمهوريين من اعضاء الكونغرس الذين يتجنبون عادة توجيه الانتقادات العلنية اليه. والسبب ان ترامب استخدم لهجة تصالحية جدا مع نظيره الروسي، لا بل ذهب الى حد التشكيك بالقضاء الاميركي وبعمل اجهزة الاستخبارات الاميركية التي خلصت الى اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الاميركية عام 2016.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي اعقب اللقاء الثنائي مع بوتين الذي استغرق نحو ساعتين، بدا ترامب كأنه قبل سريعا نفي بوتين لاي تدخل روسي.
ووصل الضيق من كلام ترامب امام بوتين الى درجة جعلت شبكة فوكس نيوز الاخبارية الداعمة تقليديا لمواقفه، تفتح الهواء لاكثر من عشرة صحافيين ذائعي الصيت وجهوا انتقادات قاسية للرئيس الاميركي.
وقال المعلق الشهير في فوكس نيوز ابي هانتسمان في تغريدة ‘لا يمكن لاي مفاوضات ان تبرر التضحية بشعبك نفسه وبلدك نفسه’.
كما قال انطوني سكاراموتشي مدير الاتصالات السابق في البيت الابيض، ان من الضروري جدا ان يجلس حلفاء الرئيس معه، لكي يشرحوا له ان الطريق التي يسلكها خاطئة جدا.
وفي الاطار نفسه اعتبر نيوت غينغريتش، الرئيس السابق للكونغرس والمقرب من الرئيس، ان الاخير ‘ارتكب اسوأ خطأ خلال رئاسته، وعليه تصحيحه على الفور’.
كما قال السناتور الجمهوري لولاية نبراسكا بن ساس ‘لقد فاوضنا البارحة من موقع ضعف، وغادر فلاديمير بوتين هلسنكي بعد ان ربح الجولة. انها كارثة’.
وفي مؤتمر صحافي الثلاثاء في مبنى الكابيتول، اكد رئيس مجلس النواب الجمهوري بول راين ان ‘فلاديمير بوتين لا يقاسمنا قيمنا. لقد انهينا للتو تحقيقا استمرا عاما حول تدخل روسيا في انتخاباتنا. لقد تدخلوا بالفعل. هذا واضح ولا يجوز ابداء اي شكوك’.
ومن جنوب افريقيا التي يزورها اعرب الرئيس الديموقراطي السابق باراك اوباما عن الاسف ‘لان كل دورة جديدة من الاحداث تحمل معها حصتها من العناوين المقلقة’. (ا ف ب)