فيلادلفيا نيوز
هل يمكن القول إن مرحلة جديدة من التصعيد بدأت بين واشنطن وطهران قد تكون مفتوحة على أكثر من مسار، خاصة بعد أن وصلت الخلافات إلى الحرس الثوري، الذي تعول عليه إيران في دعم تمددها الإقليمي وطموحاتها النووية، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب امس “استراتيجية حيال إيران” ورفضه فيها الإقرار بالتزام إيران بالاتفاق النووي، معتبرا ان طهران “اكبر داعم للإرهاب في العالم”، ومهددا بإلغائه “في أي وقت”، ما يعني ان على إيران التراجع الى الخلف، في ظل القلق الاممي من نشوب مواجهة اميركية إيرانية.
وتوعدت إيران أمس بالانتقام من أي عمل يستهدف قواتها المسلحة، واتهمت الولايات المتحدة بانتهاك روح الاتفاق النووي.
ونقل التلفزيون الإيراني الرسمي عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي قوله “إيران سترد بقوة على أي عمل ضد قواتها المسلحة بما في ذلك قوات الحرس الثوري”.
وأضاف أن إيران ستواصل تعزيز قواتها الدفاعية، بما في ذلك برنامجها للصواريخ الباليستية في تحد للانتقادات الغربية حيث تقول واشنطن إن موقف طهران ينتهك الاتفاق النووي.
وأكد “برنامج الصواريخ الإيراني للأغراض الدفاعية فقط. نحن عازمون على توسيعه وجادون في ذلك”، محذرا أيضا من احتمال الانسحاب من الاتفاق.
وقال “تتصرف إيران دائما بناء على مصالحها وستظل تفعل ذلك. يمكن أيضا أن ننسحب من الاتفاق إذا لزم الأمر”.
وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ان لا سلطة لترامب لإلغاء الاتفاق، فيما أيدت السعودية وإسرائيل على الفور قرار الرئيس الاميركي. وكانت طهران توصلت الى هذا الاتفاق مع الدول الكبرى الست (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا) لضمان الطابع المدني الحصري للبرنامج النووي الإيراني في مقابل رفع العقوبات عنها. ومذ ذاك، اكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستمرار ان إيران تحترم التزاماتها.
وبعدم إقراره بالتزام طهران الاتفاق الموقع في تموز (يوليو) 2015، يضع ترامب الكونغرس في خط المواجهة لمعالجة “العديد من نقاط الضعف العميق في الاتفاق”، بحسب قوله.
وقال ترامب من البيت الابيض انه في ضوء الاتفاق “حصلنا على عمليات تفتيش محدودة مقابل إرجاء قصير المدى ومؤقت لتقدم إيران نحو (امتلاك) السلاح النووي”، متسائلا “ماذا يعني اتفاق يؤدي فقط الى تأخير القدرة النووية لمرحلة قصيرة؟ ان هذا الامر مرفوض بالنسبة الى رئيس الولايات المتحدة”.
وأضاف “لكن اذا لم نتمكن من ايجاد حل من خلال العمل مع الكونغرس وحلفائنا فإن الاتفاق سينتهي. انه يخضع للتدقيق الدائم ويمكنني كرئيس إلغاء مشاركتنا في أي وقت”.
وندد ترامب بسلوك “الديكتاتورية الإيرانية”، معتبرا انها “اكبر داعم للإرهاب في العالم”، معلنا عقوبات “قاسية” ضد الحرس الثوري الإيراني.
وقال إن طهران “تزرع الموت والدمار والفوضى في انحاء العالم” و”عدوان الديكتاتورية الإيرانية مستمر حتى اليوم”.
وتابع ان الحرس الثوري “يستحوذ على جزء كبير من الاقتصاد الإيراني (…) لتمويل الحرب والإرهاب في الخارج”.
ويفرض القانون الأميركي على الرئيس ان يبلغ الكونغرس كل 90 يوما ما اذا كانت إيران تحترم الاتفاق، وما إذا كان هذا النص متوافقا مع المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، الامر الذي اقدم عليه مرتين قبل الآن.
لكنه قال اليوم “أعلن أنني لن أقر بالتزام إيران بالاتفاق النووي، لن نواصل المسار الذي يؤدي الى مزيد من العنف والإرهاب وعودة خطر البرنامج النووي الإيراني”.
وسيكون أمام النواب مهلة 60 يوما لاتخاذ قرار في شأن الابقاء على رفع العقوبات او اعادة فرضها على طهران.
وتوالت ردود الفعل على قرار ترامب رفضه الإقرار بالتزام إيران الاتفاق النووي بين مؤيد ومعارض.
وقال وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي موغيريني “لا يمكن ان نسمح لأنفسنا بوصفنا مجتمعا دوليا، وأوروبا بالتأكيد، بتفكيك اتفاق يعمل ويؤتي ثماره”. وتابعت ان “رئيس الولايات المتحدة لديه سلطات عديدة، ولكن ليس هذه السلطة”.
وأعربت باريس وبرلين ولندن مساء أمس عن “قلقها حيال تداعيات” قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب رفض الاقرار بالتزام إيران الاتفاق النووي.
وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك “نحن رؤساء الدولة والحكومة في كل من فرنسا والمانيا والمملكة المتحدة، نأخذ علما بالقرار الذي اتخذه الرئيس ترامب بعدما الاقرار امام الكونغرس باحترام إيران” للاتفاق و”نحن قلقون حيال التداعيات التي يمكن ان تنجم عنه”.
وشددت الدول الثلاث على “تمسكها الحازم” بالاتفاق الموقع في 2015 والتي التزمت بموجبه إيران عدم تطوير سلاح نووي مقابل رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وتابعت في بيانها “نشجع الادارة والكونغرس الأميركيين على ان يأخذا في الاعتبار التداعيات المحتملة لقرارهما على أمن الولايات المتحدة وحلفائها قبل اتخاذ اي اجراء من شأنه التعرض للاتفاق” على غرار اعادة فرض عقوبات على إيران سبق ان رفعت.
في المقابل، أكدت الدول الثلاث انها “تشاطر الولايات المتحدة قلقها” حيال “برنامج الصواريخ البالستية لإيران وانشطتها في المنطقة” مبدية استعدادها لاتخاذ “اجراءات جديدة ملائمة للتعامل مع هذه القضايا بتعاون وثيق مع الولايات المتحدة وجميع الشركاء المعنيين”.
وخلص البيان “نتوقع من إيران ان تخوض حوارا بناء لوقف انشطة زعزعة الاستقرار والعمل من اجل حلول تفاوضية”
وانتقدت موسكو استراتيجية ترامب حيال إيران، وبخطاب ترامب “العدائي والمهدد”، في المقابل، اتخذت السعودية مواقف داعمة لقرار ترامب.
ويُشكّل التشكيك بهذا الاتفاق، باسم المصلحة القومية وشعار “اميركا اولا”، ضربة جديدة لشراكة الولايات المتحدة في منظمات او اتفاقات دولية، بعد انسحابها منذ تسلم ترامب السلطة قبل تسعة أشهر، من اتفاق باريس للمناخ ومن منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).
لكن رفض الاقرار بهذا الاتفاق مع إيران هو أكثر القرارات إثارة للجدل.