فيلادلفيا نيوز
باتت الجامعة الهاشمية بمحافظة الزرقاء على قائمة الجامعات الحكومية المكتفية ذاتيا، بموازاة عدم تلقيها أي دعم حكومي مباشر، يذهب لباقي الجامعات منذ 6 أعوام، ومع ذلك تتمتع بوضع مالي مريح وبموازنة مالية سنوية تبلغ 70 مليون دينار.
وفي ظل هذه المعطيات المالية الإيجابية، تعكف الجامعة على استكمال تنفيذ مشاريع ضخمة منذ أعوام بكلفة مالية تتجاوز 100 مليون دينار “ستسهم بنقلة نوعية في مسيرتها” بحسب رئيس الجامعة الدكتور كمال الدين بني هاني.
بني هاني لخص إجابته، في حوار مع أسرة “الغد” جرى الأسبوع الماضي، على سؤال حول “سر” الاكتفاء الذاتي للجامعة الهاشمية ماليا من بين كل الجامعات الرسمية والتي تعاني جميعها من ارتفاع العجز بموازناتها ومن المديونية رغم الدعم المالي الحكومي السنوي لها، بالقول إن “السر في حسن إدارة الموارد”، و”الاستغلال الأمثل للإمكانيات المتوفرة”.
لم يشك بني هاني، كما يتكرر على ألسنة رؤساء الجامعات الرسمية، من انخفاض حجم الدعم الحكومي ولا من انخفاض رسوم الجامعات على نظام التنافس، فالحل، برأيه، هو في الاستثمار المناسب وفي ضبط النفقات وإدارة الموارد بكفاءة. بل لم يتردد بني هاني، ردا على سؤال لـ”الغد” حول موقفه من الدعوات لمجانية التعليم الجامعي في الجامعات الرسمية للأردنيين، بالموافقة، وقال “نعم أؤيد مجانية التعليم الجامعي على أن يتم فرض ضريبة للتعليم الجامعي سيقدمها كل الأردنيين بطيب خاطر لضمان تعليم أبنائهم”.
ويشرح بني هاني في الحوار مع “الغد” كيف انتقلت الجامعة الهاشمية ماليا في ست سنوات إلى وضع لا عجز ماليا فيه، ولا حاجة لدعم مالي من الحكومة بل وتتوسع في مبانيها وكلياتها ومرافقها العلمية وابتعاثها لطلابها لاستكمال الدراسات العليا في الخارج.
يقول، في هذا السياق، إن البداية كانت في ضبط الإنفاق ووقف التعيينات الإدارية مقابل التوسع في الهيئة التدريسية، لافتا إلى أن رئاسة الجامعة ما تزال في مبنى عمادة شؤون الطلبة، دون مبنى مستقل، لعدم الحاجة لذلك، فيما “يتم الانفاق بتوسع على مشاريع تدر دخلا على الجامعة، إضافة إلى بناء مرافق وكليات”.
وأشار بني هاني إلى أن أبرز المشاريع الاستثمارية هو مشروع الطاقة الشمسية “شمس الهاشمية” ومشروع رابع أكبر مختبر إنشاءات بالعالم ومحطة لتحلية المياه.
ويؤكد بني هاني أن الجامعة “بدأت فعليا بتشغيل محطة لتحلية مياه الآبار بحرم الجامعة، والتي تعاني من ارتفاع نسبة الملوحة، بكلفة مليون دينار، ما يخفض فاتورة المياه المترتبة على الجامعة لأغراض الشرب والري من 600 ألف دينار سنويا إلى صفر، لافتا الى أن المياه المالحة المتبقية “تستخدم لري أشجار الهوبا وجب تروبا التي تعتمد على هذه النوعية من المياه، وتستثمر في صناعات مهمة”.
وبين بني هاني أن الجامعة تستثمر حاليا في إقامة وإنشاء مختبر متكامل وحديث للانشاءات بالتعاون مع جامعة تكساس الأميركية وبكلفة 6 ملايين دينار، ليصبح رابع أكبر مختبر من نوعه في العالم، والوحيد في المملكة، وهو ما يمكن الجامعة من الاستثمار وتحقيق مدخول كبير ببيع خدمات المختبر لقطاعات الإنشاءات.
ويستطرد بني هاني في تعداد مشاريع الجامعة قائلا: إنه تم تنفيذ مشروعين للقاعات الصفية لاستيعاب العدد المتزايد من الطلبة، حيث قامت ببناء مجمعين صفيين بمساحة 25 ألف متر مربع لكل منهما، كما أنشأت ملعبا بمواصفات أولمبية بكلفة عشرة ملايين دينار ومن موازنة الجامعة الخاصة، أما على مستوى التخصصات فتم إنشاء كلية للصيدلة تضم تخصصات جديدة مثل الصيدلة الصناعية والإدارية.
وفي تفسيره للعلاقة بين كلفة هذه المشاريع ومدى تأثيرها على موازنة الجامعة قال: إن “حسن إدارة الموارد مكن الجامعة من تنفيذ هذه المشاريع، موضحا أن الجامعة عملت على تخفيض النفقات وترشيد الاستهلاك وإدارة مواردها بطريقة مناسبة، وإلغاء المصاريف غير الضرورية مثل عدم تجديد المركبات، بما فيها سيارة رئيس الجامعة التي تعود للعام 2008، رغم موافقة رئاسة الوزراء على شراء سيارة جديدة.
كما أشار إلى أنه وفي بحث إدارة الجامعة على تنويع مصادر دخل الجامعة وتحسينها تم تغيير عقود إيجارات الكافتيريات والمطاعم المؤجرة داخل الحرم الجامعي بما يزيد على مليوني دينار، كما رفعت الجامعة قيمة عطاء استغلال أحد مجمعاتها من 9 آلاف إلى 197 ألف دينار سنويا.
وعن فكرة مشروع شمس الهاشمية وأسباب توجه الجامعة لتنفيذه وأثره الإيجابي، أوضح بني هاني، أنه تبين بعد المراجعة أن قيمة فواتير الكهرباء لمرافق الجامعة تقدر بحوالي 2.5 مليون دينار سنويا، ولذلك تم إعداد دراسة جدوى لإنشاء وحدات شمسية تولد ضعف حاجة الجامعة من الطاقة لثلاثين عاما، وبكلفة 5.6 مليون دينار، مشيرا إلى أن الوفر المتمثل بتحويل فاتورة الكهرباء إلى صفر دينار من شأنه استعادة كلفة المشروع خلال فترة زمنية قصيرة.
ويعد “شمس الهاشمية”، بحسب بني هاني من المشاريع الريادية الاولى في الأردن والمنطقة بقدرة 5 ميغاواط، بتمويل ذاتي ويساهم بجزء من الحمل الكهربائي الوطني، وله بعد استثماري ويرفد الجامعة بمردود مالي من خلال بيع فائض الطاقة، وهو ما يساهم في تحقيق استقلال مالي للجامعة.
وفيما يتعلق بكيفية محافظة الجامعة على مواردها، ضرب رئيسها مثالا لذلك حيث تفرض الجامعة غرامات مالية على العاملين في حال هدر الكهرباء من باب المسؤولية والحفاظ على مواردها، موضحا أن مجلس العمداء فرض ثلاثة دنانير غرامة على أي موظف لا يطفئ الإضاءة في الجامعة بعد انتهاء دوامه، إضافة الى تركيب 30 ألف وحدة إنارة “ليد” لتوفير استهلاك الكهرباء حتى في حالة إنتاجها من الطاقة الشمسية.
وأشار بني هاني أيضا إلى توجه الجامعة من باب تخضير الحرم الجامعي إلى زراعة اكثر من ستة آلاف شجرة زيتون سنويا، حيث وصل عدد أشجار الزيتون في الجامعة الى 60 الف شجرة مثمرة، ما يوفر استثمارا مجزيا للجامعة باستغلال مواردها المتوفرة ويخدم تخضيرها أيضا.
ويؤكد بني هاني أن الجامعة لا تتوانى عن استغلال أبسط مواردها مثل بيع الأعشاب الخاصة بالرعي التي بلغت إيراداتها حوالي سبعة آلاف دينار.
إلا أن بني هاني يشير، من جانب آخر، إلى حاجة الجامعة الهاشمية لمستشفى جامعي، معبرا عن أمله بتحويل مستشفى الأمير حمزة أو الزرقاء الحكومي إلى جامعي، “بسبب وجود عدد من الأطباء والتخصصات المساندة في الجامعة، الأمر الذي يحسن بالتالي من الخدمات الطبية المقدمة في المستشفى”.
وتطرق رئيس “الهاشمية” في حديثه لـ “الغد” الى مسألة العنف الجامعي وكيفية التصدي له، معتبرا أن أسس القبول “أحد أسباب هذه الظاهرة”، إضافة الى شعور الطلبة بعدم العدالة والمساواة، وكذلك البيئة المنزلية، إلا أنه يرى أن ضبط العنف الجامعي ممكن من خلال الحزم في التعامل مع تنفيذ القانون.
وبالنسبة للنشاطات التي تقدمها الجامعة للطلبة، قال إنه تمت مضاعفة النشاطات اللامركزية من خلال تصميم 18 حقلا ثقافيا إبداعيا للطلبة، وتشجيع التنافسية، حيث خصصت الجامعة جائزة بقيمة 500 دينار للفائز بأحد هذه النشاطات، وقال “مثل هذه الأنشطة اللامنهجية تحد ايضا من العنف الطلابي الذي تراجع بصورة شبه كاملة في الجامعة الهاشمية”.
وردا على سؤال أوضح بني هاني أن البرنامج الموازي يعد من مصادر دخل الجامعة، مشيرا الى أنه يتم توزيع 43 % من هذا الدخل على العاملين، والباقي لموازنتها، فيما قامت الجامعة برفع رواتب العاملين بنسبة 70 % خلال 6 أعوام الماضية.
وفيما يخص التخصصات التي استحدثتها الجامعة بين الرئيس ان “الهاشمية” اول جامعة في الأردن تنشئ قسم صيدلة إدارية، وتخصص صيدلة صناعية بناء على حاجة السوق المحلي، وبكلفة 16 مليون دينار، إضافة الى استحداث تخصص تنمية الأراضي الجافة والذي يعد الأول من نوعه في المنطقة.
وأجاب عن سؤال حول أسباب الغاء نظام الفصلين الصيفيين، بالقول: إن اول جامعة في الأردن استحدثت نظام الفصلين الصيفيين في العام الواحد هي الهاشمية، كونه يتيح الفرصة للطالب المتميز أن يتخرج مبكراً، ويساعد في الالتحاق بسوق العمل المحلي والعربي، أو إكمال دراساته العليا في الجامعات للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في وقت أقصر، كما يخدم الجامعة بتشغيل مرافقها وإمكانتها وعدم تعطيها لمدة طويلة بالعطلة”، لكن أشار إلى أن إلغاء هذا النظام “كان بقرار من قبل وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي بعد تقييم تجربة الجامعة الأردنية باعتماد نظام الفصلين”.
ولأن من أهم أدوار الجامعة نشر المعرفة بين الطلبة، أشار بني هاني الى ان الجامعة عمدت الى تسمية قاعاتها الصفية بأسماء شهداء الوطن وأعلام تاريخيين، حيث تم اطلاق اسم الملك النبطي الحارث الرابع على مبنى قاعات صفية بمساحة 25 ألف متر مربع، وتسمية مبنى قاعات آخر باسم الملك المؤابي ميشع، بهدف التعريف بتاريخ الأردن.
وكانت أزمة المواصلات حاضرة في حوار رئيس الجامعة مع “الغد” الذي أكد ان الجامعة تجاوزت اليوم هذه المشكلة حيث وفرت حلولا للطلبة لتخفيف التزاحم من خلال إنشاء ثلاثة مجمعات للباصات، وقيام هيئة تنظيم النقل بزيادة الباصات العاملة على خطوط النقل للجامعة وغيرها من حلول.
وتحدث بني هاني عن جانب “مهم” من ادارة موارد الجامعة ما حقق لها اكتفاء وعدم تحقيق عجز مالي، وقال “لقد أوقفت الجامعة التعيينات الادارية فيها نهائيا لضبط الإنفاق دون التأثير على مستوى الخدمات، حيث كان عدد الموظفين الاداريين فيها مرتفعا قبل أربعة أعوام، حيث انخفض عدد الإداريين منذ أربعة أعوام من 1163 موظفا الى 947، الا ان تعيينات الهيئة التدريسية مستمرة دون توقف، ليتناسب عدد المدرسين مع عدد الطلاب الذين تجاوز عددهم 25 ألف طالب وطالبة.
كما أشار الى اعتماد الجامعة لنظام الابتعاث الى الجامعات العالمية، مؤكدا أن “الهاشمية” من أكثر الجامعات ابتعاثا حيث ابتعثت 278 طالبا لإكمال دراساتهم العليا قي أرقى الجامعات العالمية.
كما تولي الجامعة البحث العلمي أهمية خاصة، موضحا ان الجامعة خصصت 6 % للبحث العلمي، كما تدعم الأبحاث العلمية بمبالغ مالية قد تصل الى ربع مليون دينار، وتتحمل تكاليف براءات الاختراع بهدف تشجيع الطلبة والهيئة التدريسية على الإبداع.