فيلادلفيا نيوز
لم تعد الحالة اليوم تتوقف عند انتقاد أداء الحكومة أو التعليق على ردة فعل المواطن، فاليوم كل ما لدينا هو وطن وجب الحفاظ عليه.
منذ انتشار فايروس كورونا، وسرعة انتقاله المخيفة بين القارات و رافق ذلك إعلان حالة الطوارئ في معظم أقطار العالم للحد من انتشارة و محاولة حصاره لحين إيجاد اللقاح لحماية البشرية، وعلى ذلك أصبحنا نرى نمطين من التصرفات تجاه هذا الوباء العالمي: الأول متمثل بالتجربة الصينية الرائدة في عمليات الحجر، وقد أتت ثمار ها، إذ باشرت الدولة في الاستثمار بالإنسان الذي تؤمن بقدراته، وأنه قادر على إعادة ما أنفقته الحكومة عليه ؛ من خلال زيادة إنتاجية الفرد للوصول إلى الطاقة القصوى لرفد فترة الركود والكساد الاقتصادي الذي رافق فترة المرض و العلاج . ناهيك عن القوة الأقتصادية التي تتمتع بها الصين للانفاق على الشعب .
وأما النمط الثاني ما اتبعته أمريكا والدول الأوروبية ، فكان لديهم أسلوبهم المختلف لاحتواء الوباء، إذ لم يكن هناك أي من الاجراءات التي تدعو إلى الحجر، بل كان التعاطي مع الكورونا على أنه فايروس وسيتم إنتاج لقاح سريع له، وبعد الفشل في إنتاج اللقاح و تفشي الوباء في أوروبا وأمريكا ، يبدو أن السياسيين وأهل الاقتصاد قادوا القارتين إلى صراع مع الكورونا ، فالبقاء كامن لمن يستحق الحياة.
أما في الأردن ونحن لسنا بمعزل عن العالم ، قامت الحكومة بالعديد من الإجراءات التي تحد من انتشار الوباء وعلى ما يبدو أن الدولة قد اختارت تجربة الصين مع بعض التعديلات التي لا بد منها لاختلاف الظروف السكانية و الاقتصادية، إذا سلمنا أن القائمين على ملف الوباء ليس لهم أي أطماع سياسية واقتصادية من خلال العديد من القرارات التي تم إصدراها .
اليوم نحن ننظر إلى ما بعد الكارونا و ما هي الحالة النمطية الجديدة التي ستخلفها لنا كارونا على المستوى السياسي والاقتصادي و الاجتماعي ، وهل سيكون لدينا فرص حقيقة للنهوض بالبلد بعد هذه الإجراءات التي فرضتها الحكومة على نفسها .
الأردن ليس سوريا رغم اختلاف الظرفين؛ فسوريا التي تعاني من حرب منذ عشرة أعوام إلا أن البلد تعج بالخيرات على كافة الأصعدة وهي الدولة التي كانت وما زالت تعد وتعتد باكتفائها الذاتي ، هنا صاحب القرار يعلم أن الأردن لا يكاد يتوفر فيه مياه للشرب لأنه شحيح بالموارد ليس كجيرانه ، ولعل أحلام الأردنيين بوجود اليورانيوم قد تبخرت لما قام به طوقان إبان استلامه الملف الذي ألقي في جراب الفوسفات والبوتاس والشركات الوطنية التي بيعت ببخس دراهم لاستئناف مشروع عوض الله .
الأردن ليس الصين ، فالدولة ذات المديونية العالية والمستهلكة بامتياز تخلو من الصناعات التي تدر عليها العائد المنشود وتعتمد إلى جيب المواطن لسد عجزها الدائم بالموازنة العامة، وتنتظر المنح والمساعدات للتطوير ورفد ما يمكن رفده من اقتصادها المتهالك . ناهيك عن علاقة عدم الثقة بين الشعب والحكومات المعينة والتي يعتقد الشعب بأنها سبب فقره وتهميشه وأن أركان الحكومة تنخر بالفساد .
ولعل صندوق التبرعات الذي فتح مع بدء الإجراءات أثبت للشعب أن فئة المتكسبين من المقربين للحكومة والقصر لم يقدموا شيئًا، وأن أسماء يعد ذكرها من المحرمات نهلوا من خير الأردن وتدلت كروشهم من الملايين لم يقدموا شيئًا، بل إن رجال الدولة الأردنيين من حمل على كاهلهم امداد الصندوق بما يستطيعون رغم غياب أسماء كثيرة .
فقرارات الحكومة بهذة الكيفية لا بد أن تكون مبنية على شيء تعول عليه في المستقبل القريب أو فإننا مقبلون على انتحار اقتصادي سيعود بالبلاد لعصر ما قبل الظلمات .
هنا يتوجب على المواطن أن يتساءل ما هو الدور الذي يجب أن يقدمه للبلد بعد أن أصرت الحكومة على الاستثمار بالمواطن الأردني، رامية الكرة في ملعب الشعب؛ لكي يحدد ماهو الدور المنوط به في المستقبل، على اعتبار أن الإجراءات التي قامت بها الحكومة لها انعكاسات هامة على الدولة ككل .
حمى الله الأردن .