فيلادلفيا نيوز
بلال طوالبة
لم يعد لدى حكومة التأزيم ما تقوم به؛ فالإفلاس الحقيقي بات واضحا وجليا بعد أزمة اضراب المعلمين، ولم يعد المواطن الأردني بمأمن على نفسه وأهلة وأرضه، ولم يكن الخوف هذه المرة من خطر خارجي يهدد أمنه، وإنما من حكومة الرزاز التي فقدت البوصلة وتكشفت عيوبها.
وسبق أن نصحنا الرجل بالاعتذار عن منصبه والانسحاب بكل هدوء معللين ذلك أن النهج المتبع لتشكيل الحكومات لن يلبي طموح الشارع الأردني، رغم تعدد الأسماء التي تناوبت على رأس الحكومة، إلا أن الفشل في إدارة الدولة كان حليفا لها، ويعود ذلك للنهج والتوغل على الدستور .
إلا أن حكومة الرزاز أفصحت عن أن النهج هو شيء ثانوي فتوغل الحكومة بأشخاصها، ونادي المصالح الذي يجمعهما كأشخاص، هو الذي يحدد السياسات المتبعة وآلية العمل الحكومي، وهل يتوافق مع المصالح الشخصية أو لا، غير آبهين بمصلحة الشعب و الأرض، ولعل استمرارية حكومة الرزاز والتي تعرضت لمواقف عدة، وتم منحها الثقة المرة تلو الأخرى ، لتثبت لنا أن الرجل والنادي الذي ينتمي إليه قوي جدا؛ فحكومة تتعرض لأزمات كفيلة بإطاحة أقوى الأنظمة ما زالت مستمرة غير آبهة بأحد.
فكشفت أزمة الإضراب عن مدى الفجوة بين الحكومة والشعب ، وبات جليا الحس الطبقي بين طبقة حاكمة ومتنفذة لا يمكن لأحد كبح جماحها أو التأثير على قرارتها ، وبين البقية التي لا تملك أبسط أدوات العيش ، وتسير حسب أوامر وتعليمات الطبقة الأولى ، فلم تعد الثروات المالية هي التي تمايز بين الطبقات، كما لم يعد لها تأثير على التقسيم الطبقي في الأردن . فنادي المتنفذين هو الذي يحكم .
صحوة شعبية بعد قرار الإضراب والذي أعطته الحكومة من بدايته طابع كسر العظم ، رغم مرونة طرح نقابة المعلمين والذي لا يتماشى مع مصالح نادي المتنفذين والفاسدين المتشبثين في السلطة ، فحاولت الحكومة شيطنة المعلم واتبعت العديد من الخطط والتدابير للإطاحة بالمعلم ونقابته ، وراهنت على تظليل الرأي العام واستخدام أدواتها المفضوحة لدى الشعب من قنوات إعلامية وصفحات إعلام صفراء وإعلاميين يشتروا ويباعوا بثمن بخس ، واستخدام أنواع من البلطجة المقننة لثني المعلمين عن مطالبهم المشروعة .
وبعد إفلاس الحكومة في مواجهة المعلمين ونقابتهم بدى التخبط واضحا ، فعمدت الحكومة الى زج الأهالي والطلاب في الصراع القائم بينهم ، وراهنت على ذاكرة الأردنيين القصيرة التي تعمد إليها دائما، في أن الشعب ينسى الويلات التي جرتها إليه هذه الحكومة من خلال قراراتها غير المدروسة ، وأن الزمن الجميل قادم بعد كسر المعلمين ونقابتهم ، إلا أن الشعب كان على يقظة من أن يكون طرفاً في كسر الوطن وتدميره . وأظهر تحيزه الكامل للمعلم .
فاليوم تلجأ الحكومة إلى الزج بجهاز مقدس لدى الأردنيين ، لتشويهه وإخراجه من قدسيته فالزج بالقضاء لمحاولة كسر الشارع والوطن ، هي أخر مراحل الإفلاس الحكومي ، ولعل الانصياع وراء رغبة الرزاز ومن حوله لتدمير قدسية القضاء عند الأردنيين يحتاج إلى وقفة شعبية ، فالشعب كما نص الدستور هو مصدر السلطات ، و هو الضامن الوحيد لها فلا صوت يعلو فوق صوت الشعب ، ولعل الانحياز لقضية المعلم العادلة هي انحياز وانتصار للوطن ، فشعار المعلمين ” نجوع معاً أو نشبع معاً ” شعار قد لامس شريحة كبيرة من الأردنيين ، فالتفاف الشعب حول المعلم الذي ما زال له الهيبة بين المجتمع هو مؤشر لتعطش الشعب عن قائد ميداني يكسر سطوة الفساد و الفاسدين .
عاش الشعب وعاش الأردن حراً