فيلادلفيا نيوز
بعد أن نهضت برشلونة وكامبريلس في إسبانيا صباح أمس من آثار الاعتداءات الإرهابية التي أسفرت عن مقتل 14 شخصا في عملية دهس استهدفت حشدا بوسط برشلونة، ومقتل خمسة إرهابيين في كامبريلس.
قتل شخصان وأصيب ثمانية بجروح في اعتداء بسكين في مدينة توركو الفنلندية أمس وفق ما افاد مدير مستشفى المدينة بعد أن أوقفت الشرطة مشتبها به وحذرت من مشتبه بهم آخرين طلقاء.
وقال مدير المستشفى بتري فيرولينين “يمكنني تأكيد أن المستشفى استقبل قتيلا و8 جرحى حالتهم مستقرة”.
وأطلقت الشرطة النار على مشتبه به أصابته في ساقيه واعتقلته. وقالت قوات الأمن على تويتر إنها تبحث عن “معتدين آخرين محتملين”.
وقالت الشرطة الفنلندية إنها تعزز إجراءات الأمن في أرجاء البلاد بنشر دوريات إضافية وزيادة عمليات المراقبة في أعقاب عملية الطعن التي وقعت بمدينة توركو.
وقالت الشرطة إنها عززت قواتها في مطار العاصمة هلسنكي ومحطات القطارات بعد عملية الطعن، لكن الشرطة لم تتأكد بعد فيما إذا كان الهجوم إرهابياً، بينما تبحث عن “مشتبهين آخرين محتملين.
وفي ألمانيا جدد الإرهاب حضوره حين هاجم شخص بسكين عددا من مرتادي أحد المتاجر في مدينة هامبورغ راح ضحيته رجل ألماني يبلغ من العمر 26 عاما، حيث ألقت الشرطة القبض على المهاجم.
وقالت شرطة هامبورغ، إنّ مرتكب الاعتداء، هو شاب في الـ26 من العمر، من مواليد الإمارات العربيّة المتحدة، فيما لم تعلن عن جنسيّته.
وقالت صحيفة “تاغ شبيغيل”، الصادرة في برلين، أنّ المعتدي من مواليد عام 1991، والشرطة تعرف أنه وصل إلى ألمانيا بصفة لاجئ.
وكان شاطئ كاتالونيا بمدينة كامبريلس، قد تعرض أمس الى إعتداء ارهابي ثان في أقل من 24 ساعة من اعتداء برشلونة.
وقال متحدث باسم شرطة كاتالونيا إن “الإرهابيين المفترضين كانوا يتنقلون في سيارة اودي ايه-3 ودهسوا على ما يبدو عددا من الأشخاص قبل ان يتواجهوا مع دورية لشرطة كاتالونيا الإقليمية لتبدأ عندها عملية إطلاق نار”.
وجرح ستة مدنيين وشرطي عندما دهست السيّارة عددًا من المشاة على شاطئ كامبريلس في هذا المنتجع السياحي.
وكتبت إدارة الاسعاف في تغريدة على “تويتر” أن أحد الجرحى في حالة حرجة. وأكدت الشرطة مقتل ركاب السيارة الخمسة فيما أعلنت في وقت سابق أن أربعة من بين “الإرهابيين المفترضين” قتلوا فورا أما الخامس فتوفي بعد دقائق متأثرا بجروحه.
وبعد ساعات على الاعتداء الأول في برشلونة والذي تبناه تنظيم داعش، شهدت كامبريلس حالة تأهب عندما كانت تبحث الشرطة عن سائق الشاحنة الذي قتل 13 شخصا وجرح أكثر من مئة آخرين في عملية دهس.
وشددت رئيسة بلدية كامبريلس كامي ميندوزا، خلال مؤتمر صحفي على “سرعة وكفاءة” شرطة كاتالونيا.
وقالت “نشعر بالانزعاج؟… إنها ليلة طويلة وصعبة” من دون أن تعطي مزيدا من التفاصيل عن الاعتداء للصحفيين الذين وقفوا خلف الطوق الأمني ومُنعوا من الاقتراب من الشاطئ حيث لم تظهر الى بعض أشجار النخيل.
إلى ذلك يجمع العديد من الخبراء والمسؤولين على أن الهجمات المماثلة لاعتداءي برشلونة وكامبريلس هي في الواقع عمليات يسهل تنظيمها ومن شبه المستحيل منعها، كما أن مدى فاعليتها هائل بنظر الإرهابيين نسبة إلى كلفتها.
ولا بد إزاء هذه الاستراتيجية الإرهابية التي تستهدف أوروبا بمجملها، من الاستعداد لمواجهة بعيدة المدى والمراهنة على صمود المجتمعات الديمقراطية، برأي هؤلاء الخبراء والمسؤولين.
وفي وقت تتخذ جميع العواصم والمدن السياحية الكبرى في القارة حاليا تدابير تهدف الى وقف أي سيارات قد تستخدم لدهس مارة بعد وقوع اعتداءات من هذا النوع في نيس وبرلين ولندن وستوكهولم، يبدو من السهل على المهاجمين الالتفاف على هذه التدابير.
وقال الرئيس السابق لقوة التدخل في الحرس الوطني الفرنسي فريديريك غالوا “إنه مبدأ الأهداف السهلة” مضيفا أن “اي تجمع مدنيين هو هدف سهل. والتجمعات الحاشدة كثيرة، تعد بالآلاف”.
وتابع “سيسعى الإرهابيون قدر المستطاع لمهاجمة أهداف سهلة لها أكبر قدر ممكن من المغزى الرمزي، مثل الشانزليزيه ولا رامبلا، لكن إذا فرضت تدابير حماية على هذه المواقع مثلما بدأ يحصل، فسيبقى بإمكانهم إيجاد شارع مؤد إليها يهاجمونه”.
وتابع “في روما، إذا لم تتمكنوا من الاقتراب من ساحة القديس بطرس، غير أنكم تنجحون في قتل عشرة أشخاص في شارع قريب، عندها يمكن القول إنكم هاجمتم روما والفاتيكان. والبعد الرمزي سيكون هو نفسه”.
وتقوم الشبكات المتطرفة منذ وقت طويل بالتنظير والترويج لهذه الهجمات التي توصف بأنها “إرهاب منخفض الكلفة”، فوردت في بادئ الأمر في دعاية تنظيم القاعدة منذ 2004-2005، ثم تحدث عنها تنظيم داعش، ولا سيما مسؤول الدعاية في التنظيم ابو محمد العدناني قبل مقتله العام 2016.
وهذه الاستراتيجية التي يطلق عليها اسم استراتيجية الـ”ألف طعنة” والرامية إلى استنزاف العدو لتعذر مجابهته بصورة مباشرة، يضع العمل الإرهابي في متناول الجميع، من خلايا نائمة أو متغلغلة، ومقاتلين عائدين من سورية والعراق وقد اكتسبوا خبرة عسكرية، ومناصرين تبنوا الفكر المتطرف من تلقاء أنفسهم على الإنترنت أو حتى مختلين عقليا تدفعهم هذه الظروف أحيانا إلى التحرك والقيام بعملية.
وأوضح فريديريك غالوا “يقول (تنظيم) داعش لهؤلاء: “استخدموا كل ما تيسر لكم، سيارة، سكين، حجر”” مشيرا إلى أن هذا يضاعف قدراتهم على التحرك. ليس هناك حاجة إلى أي تدريب، مجرد أهداف محلية متاحة، وتكون المسالة محسومة. من وجهة نظر إرهابية، فإن التكلفة مقارنة بالنتيجة من أعلى ما يكون”.
وقال “لم يعودوا يبحثون عن عملية ذات زخم واستخدام وسائل ملفتة، بل يراهنون على التواتر لمحاولة زعزعة القوة المستهدفة. وهذا التكرار المنتظم هو الذي يؤلم. تقول التعليمات: “راهنوا على الوقت وتوخوا الانتظام”. هناك حاليا فارق أربعة إلى ستة أسابيع يفصل ما بين اعتداءين في أوروبا. وبعد انقضاء هذه المهلة، نقول لأنفسنا جميعا: سوف يحصل شيء جديد”.
وقال الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس الباحث جان بيار فيليو إن تنظيم داعش الذي سارع مساء الخميس إلى تبني اعتداء لا رامبلا في إسبانيا، له منطقه الخاص وأهدافه البعيدة المدى.
وأكد أمس متحدثا لإذاعة “فرانس إنتير” “إنها مسألة القيام بما هو مناسب ضمن تخطيطهم الإرهابي. يريدون أن يثبتوا أنهم ما زالوا يتمتعون بالقدرة ذاتها بالرغم من تراجعهم الميداني. لكنهم لا يسددون ضربات لمجرد أنهم يتراجعون في العراق وسورية”.
إزاء هذه المخاطر التي لن يكون من الممكن تبديدها بصورة تامة في مستقبل قريب، والتي تتزايد مع عودة مئات الجهاديين المتمرسين من سوريا والعراق، يعود للمسؤولين السياسيين أن يهيئوا الديموقراطيات الأوروبية الى ضرورة الصمود والمقاومة.
وقالت السناتورة الفرنسية ناتالي غوليه مؤخرا “يجب تجنب الديماغوجية” محذرة بأن “كل استخبارات العالم برمتها لن تتمكن من منع هذا النوع من الهجمات”.
وتابعت “يجب أن نواجه الواقع. من الكذب أن نوهم الناس بأننا سنحل المشكلة إذا ما فرضنا حظرا على المسلمين (…) أو أغلقنا المساجد. بل على العكس، هذا سيصب لصالح حجج داعش”.
وختمت “شخص يقود سيارته ويدهس بها مارة… علينا للأسف أن نتعايش مع ذلك وأن يتوخى كل مواطن الحيطة والحذر”.-(وكالات)