فيلادلفيا نيوز
بقلم المستشارة التربوية: بشرى عربيات
بدأت الفوضى في الشوارع مبكراً صباح اليوم بسبب إعلان نتائج الثانوية العامة فجراً،بحجة عدم الضغط على موقع النتائج الإلكتروني، وعدم ضرورة ذهاب الطلبة إلى مدارسهم للحصول على النتيجة، وبالتالي يتحقق مفهوم التباعد الجسدي أو الإجتماعي بسبب جائحة كورونا، ولكن هذا الإعلان المبكر نتجت عنه فوضى من نوع آخر، كان فيها تجمعات شباب وفتيات وأولياء أمور داخل وخارج السيارات بأسلوب غير حضاري، وربما كانت نتائج معظمهم لا تتجاوز علامة النجاح!
فوضى مجتمعية تتكرر في كل عام عند إعلان نتائج التوجيهي، هذه الفوضى ليست مؤشراً على مخرجات جيدة للتعليم، بل هي مؤشر على سوء تربية وانعدام لأدنى معايير الذوق والأخلاق، فهناك الكبير في السن، وهناك المريض الذي لا يحتمل سماع أبواق السيارات وصراخ الطلبة، إضافةً إلى الألعاب النارية وإطلاق الرصاص في بعض المناطق. هذه الفوضى منبعها أولياء الأمور قبل المدارس لأن ولي الأمر هو – أو هي – من يخرج بسيارته للإحتفال في الشوارع، سواءً كان الأب أو الأم. والأسوأ من ذلك أن يُعطى الطالب سيارة ليقودها في هذا اليوم وهو لا يملك رخصة قيادة.
ولكن،ليست هذه الفوضى الوحيدة التي كانت نتيجةً لذلك، بل الأسوأ هي النتائج التي أُعلنت، وذلك بأن يحصل واحد وسبعون طالباً على معدل مائة، ناهيك عن الأعداد الهائلة التي حصلت على معدل يفوق التسعين! إن هذا مؤشر خطير على التعليم وعلى المجتمع بأكمله. أولاً كيف حصل هذا العدد الكبير من الطلبة على هذه العلامات؟، ونحن كتربويين وكمجتمع لم يتسنى لنا الإطلاع على مستوى الأسئلة؟ ولماذا خيَّمَ الصمت طيلة هذه المدة، فلم تنشر وزارة التربية والتعليم أسئلة الثانوية العامة على مواقعها الرسمية؟ نعلمُ تماماً أن ضعف مستوى الأسئلة يؤدي حتماً إلى مثل هذه النتيجة، كما نعلم أيضاً بأن هناك معايير للأسئلة الموضوعية والتي لا يمكن – مهما كانت – أن تصل بهذا العدد إلى العلامة الكاملة، لذلك لا شك أن أسئلة هذا العام كانت دون المستوى المطلوب، ربما لإرضاء الطلبة وأولياء أمورهم، أو لإنجاح فكرة التعلُّم عن بعد ! ولكن في حقيقة الأمر لم ولن ننجح ضمن هذه المعطيات وضمن هذه المخرجات.
أضف إلى ذلك الفوضى التي سوف يواجهها أبناؤنا الطلبة عند التقدم بطلبات القبول للجامعات، وما هي معدلات القبول لهذا العام؟ وهل ستكون نسبة الطلبة المقبولين على البرنامج الموازي عالية نتيجة لهذه المعدلات؟ أسئلة كثيرة وتحديات أكبر سوف تكون صادمة لأولياء الأمور الذين كانوا يعتقدون أنه يمكنهم تدريس أبنائهم في الجامعات الحكومية ضمن معايير القبول الموحد.
وأخيراً يجب أن لا نغفل عن الفوضى التي ستواجه الطلبة والمعلمين عند العودة إلى مقاعد الدراسة بعد أسابيع، كيف يمكن للمعلم أن يقنع الطالب بالإنتباه وبذل الجهد وتنظيم الوقت وغيرها من الأمور التربوية، التي لم تعد مقنعة في خِضَم هذه المعدلات المرتفعة، إذ أنه لا شك في أن الحظ لعب دوراً كبيراً مع كثير من الطلبة هذا العام نتيجة نمط الأسئلة وضعفها !
في محصلة الأمر أقول أن هذه النتائج مصيبة كبيرة على المجتمع بأكمله وعلى التعليم، لأنها ستكون سبباً إضافياً في ارتفاع نسبة البِطالة، كما ستكون سبباً جوهرياً في عدم قبول أبنائنا للدراسة خارج الأردن، نتيجة لانخفاض مستوى المصداقية في شهادة الدراسة الثانوية.
فوضى نأمل أن لا تتكرر