فيلادلفيا نيوز
امجد السنيد
عندما قادت إحتجاجات الدوار الرابع مدعومة بحراك المحافظات صانع القرار إلى خيارين لا ثالث لهما إما إحتراق البلد والفوضى أو التضحية بحكومة الدكتور هاني الملقي .
عندها آثر صانع القرار التضحية بالحكومة بل ونقدها وتعريتها واقتضت المصلحة الإنحياز إلى خيار الشارع للإطاحة بالحكومة وانهالت عليها سهام النقد في تراجع الإنجاز والترهل في مستوى الخدمة المقدمة للوطن والمواطن .
وقع الاختيار عندها على وزير التربية والتعليم في الحكومة المقالة الدكتور عمر الرزاز وتفاءل الشارع خيراً موقتاً لأن تاريخ الرجل ناصع البياض ولا يوجد عليه إنتقادات أو شبهات فيما يتعلق بالفساد .
انتظر الشارع بشغف تشكيلة الحكومة وبعد طول انتظار استغرق أسبوعاً في المشاورات خرجت إلينا حكومة الملقي ثانية ولكن مع تغيير طفيف في الوجوه التي لم تلق قبولا شعبياً فعادت سياسة الإحتقان والتأزيم والسخط للشارع فحاول الرزاز امتصاص ردة الفعل بقوله إن التغيير قادم وقريب وسيتم ترميم الأخطاء السابقة .
بدأت الحكومة بالعمل ولكن الإيقاع لم ينسجم وتطلعات الناس فاستمرت الحكومة في سياسة الجباية وفرض الضرائب بالإعتماد على حلب المواطن المتهالك والمثقل بالديون والهموم .
وبدلاً من الإصلاح المباشر والسريع تعرضت الحكومة لعدد من الانتكاسات تجلّت في الممارسات الظاهرة للعيان من تراجع أداء المؤسسات وممارسات البلطجة والاستقواء وخرق القانون وحالات القتل والنهب والسلب وجاءت قضية الدخان لتقصم ظهر الحكومة مما دق ناقوس الخطر على تغلل الفساد بشقيه المالي والإداري واكتفت الحكومة فقط بالتصريحات ولكن على أرض الواقع لم نشهد تغييراً ملموسا انعكس على حياة ومعيشة الأردنيين الضنكة.
وبخصوص المحروقات حاولت الحكومة وعلى استحياء تقديم شرح عن آلية التسعيرة بالعموم دون الدخول في تفاصيل المعادلة مما جعلها كمن فسر الماء بالماء .
وحول العقد الاجتماعي ومفهوم الإنتقال إلى ما يسمى الدولة المدنية كثف رئيس الوزراء حملته الإعلامية للترويج لهذا العقد ولكنه لم يلق استحساناً على الصعيدين المدني الحزبي والصعيد الشعبي .
أما بالنسبة للفساد الآفة التي التهمت الأخضر واليابس فالغاية كتابة هذه السطور لم يتجرأ الرئيس على فتح الملفات الراكدة والمتراكم عليها الأتربة على الرفوف ما يجعله يسير على نهج من سبقوه بالمكافحة في التنظير فقط .
وفي السياق ذاته طبقت الحكومة معايير انتقاء القيادات العليا شكلياً وجاءت كل ملء الشواغر للمقربين من الرئيس ولو تم تعيينهم مباشرة لكان افضل ووفر الوقت والعناء والتعب على الطامحين .
وأمام حالة العجز بل والشلل التام للأداء الحكومي ونتائج استطلاعات الرأي العام على الإخفاق في المنجزات جاء التعديل الحكومي الثاني لتصحيح الإعوجاج وتلافي الأخطاء إلا أن التعديل كان بمثابة رصاصة الرحمة الأخيرة التي دُقت في نعش الحكومة الخاوية على عروشها .
لذا أعتقد جازماً أن الرزاز وفريقه الوزاري لن يقدمون أي شيء يذكر في التهدئة من روع الشارع بل سيقتصر الأمر فقط على حسبة مشي أيام في ظل مؤشرات على الساحة لا تبشر بالخير المنشود وخاصة بعد أن استنفذت كل الخيارات المتاحة لمواصلة مسلسل اللعب على عواطف الناس وأن الوطن هو الحلقة الأهم بينما التناقضات المتتالية لسياسة الانفصام التام بين الأقوال والأفعال هي سيد المشهد وردم فجوة الثقة تتعمق يوماً بعد يوم .
ما يجري في البلد تبدل في الشخوص والمزايا والتنفيعات إستثماراً للوقت والرقص على جراح ونزيف الشعب المترنح وإصراراً على النهج المتهاوي وخاصة في وجود ممثلين للشعب صورياً فقط .