فيلادلفيا نيوز
يقف ارتفاع قيمة اشتراكات الضمان الاجتماعي في المملكة عائقا رئيسيا أمام التوظيف فيها خصوصا بين العمالة ذات المهارات المتدنية والنساء والشباب، وفقا لتقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي.
وأكد التقرير الذي صدر كورقة بحثية في حزيران (يونيو) الماضي، تحت عنوان “تحديات الأردن الحالية” إن خفض الاشتراكات في الضمان الاجتماعي سيساهم، ولو بشكل مؤقت، في تقليل تكاليف العمالة، وخلق فرص عمل، وانتقال العمالة غير الرسمية الى العمالة الرسمية.
واشار التقرير إلى أن تخفيض نسب الاشتراك يؤدي إلى زيادة في كلفة الأيدي العاملة بالنسبة لصاحب العمل، وبالتالي هناك حافز أقل لاستيعاب المزيد من العمالة، أما بالنسبة للعامل فإنها تقلل صافي دخله، وبالتالي، فإنّ هذا يؤثر على استهلاكه مما ينعكس على الطلب الكلي الذي يؤثر بدوره في النمو الاقتصادي.
ويشير التقرير إلى أنّ تخفيض الاقتطاعات على الرواتب يؤدي إلى زيادة “حصة الوظائف الرسمية” والأجور “بعد الضرائب”، وزيادة الطلب المحلي، والحد من البطالة خصوصا لدى الشباب والنساء والعمالة ذات المهارات المنخفضة.
وتشير الدلائل إلى أن تخفيض الاقتطاعات لها أكبر الأثر في بلدان مثل الأردن، حيث يكون الحد الأدنى للأجور ملزما لجزء كبير من القوة العاملة، وينبغي أن تقترن هذه التخفيضات بتدابير تحافظ على الثقة في ملاءة نظام الضمان الاجتماعي.
وفي هذا الصدد، ينظر على نطاق واسع إلى مستوى اشتراكات الضمان الاجتماعي (التي تسمى ضرائب المرتبات) وهي حاليا 21.75 % باعتبارها عائقا رئيسيا أمام العمالة الرسمية، لا سيما بالنسبة للباحثين عن عمل ذوي المهارات المتدنية، والشباب والنساء. ومن شأن خفض هذه المساهمات، حتى ولو مؤقتا، أن يخفض تكاليف العمالة غير المأجورة، وأن يشجع بالتالي خلق فرص العمل وإضفاء الطابع الرسمي عليها. وقد اتخذت بلدان أخرى تواجه تحديات مماثلة، مثل كولومبيا، هذا النهج وحققت نجاحا كبيرا في زيادة العمالة الرسمية.
ويرى التقرير أنه يمكن توفير دفعة قوية للتشغيل بالاعتماد على القوة المالية لمؤسسة الضمان الاجتماعي، حيث يشير الى أن رصيد الصندوق الاحتياطي للضمان يبلغ حوالي 8.3 مليار دينار، ويعمل الضمان بفائض كبير يصل إلى 550 مليون دينار عام 2016، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 600 مليون دينار في 2017. وتستثمر هذه الفوائض حاليا في صندوق استثمار أموال الضمان، ولكن يمكن تخصيصها نحو أهداف بديلة، مثل خفض تكلفة العمالة.
ويرى الصندوق أنه وعلى نحو فعال، سيتم إعادة الفوائض “التي يتم توفيرها واستثمارها” ولو بشكل مؤقت الى الأسر والشركات، مما سيساعد بعد ذلك على خفض تكاليف الوظائف الرسمية، وتحسين رأس المال العامل، وزيادة الدخل القابل للتصرف.
وأشار التقرير إلى أن مؤسسة الضمان الاجتماعي تواجه احتياجات كبيرة في المستقبل، حيث أن عدد المتقاعدين ينمو بوتيرة أسرع بكثير من عدد المشتركين النشطين، ونحو ثلاثة أرباع المتقاعدين الجدد هم من التقاعد المبكر. وفي الوقت الراهن، لا يتم ضمان مالئ الصندوق الاحتياطي إلى العام 2051، مما يشير إلى ضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات لضمان أن تفي مؤسسة الضمان بالتزاماتها. ولضمان استمرار الملاءة المالية والمصداقية للمؤسسة فإنّ “أي تخفيض في الاقتطاعات (الاشتراكات) يجب أن يتم كجزء من حزمة واسعة من الاصلاحات التي تهدف الى تحسين الوضع الاكتواري للمؤسسة”.
ويشير صندوق النقد الى تجربة بلدان أخرى خفضت نسبة الاقتطاع على الراتب أدت الى زيادة كبيرة في التوظيف وتقليص العمالة غير الرسمية، كما قد تسهم في زيادة الاجور المنزلية (العمالة غير الرسمية) وزيادة انضمام العمالة غير الرسمية الى العمالة الرسمية مع تأثير ايجابي عام على الطلب والنمو.
ويؤكد أهمية أن يترافق أي إصلاح لنظام الضمان الاجتماعي من خلال تخفيض الاشتراكات مع ضمان قدرة الصندوق على الوفاء بالتزاماته.
ولذلك ينبغي إدراج أي تدبير ضريبي – ضريبي ضمن مجموعة أوسع من الإصلاحات التي تضمن بشكل موثوق مصداقية صندوق الضمان الاجتماعي الأردني في المستقبل.
وتنطلق نظرية تخفيض الاقتطاعات على الرواتب من أنّها تؤدي الى ارتفاع تكاليف اليد العاملة بالنسبة للشركات وتخفيض أجور العاملين في المنازل.
وفي سوق العمل، تفرض هذه الاقتطاعات “فجوة بين المبلغ الإجمالي الذي يجب على أرباب العمل دفعه لاستئجار عامل، والمبلغ الذي يتلقاه العامل فعليا ووجود هذه الفجوة يعني لصاحب العمل زيادة في تكلفة الأيدي العاملة وبالتالي هناك حافز أقل لاستيعاب المزيد من العمال”. وبالنسبة للعامل، تميل الأجور المنزلية إلى أن تكون أقل.
ومن الناحية النظرية، يرى التقرير أنه لا يهم ما إذا كانت الاقتطاعات تفرض على أصحاب العمل أو الموظفين، فإذا فرضت على صاحب العمل، فإن تكاليف العمالة ترتفع مباشرة، مما يؤدي إلى خفض العمالة ويترتب على ذلك انخفاض في أجور المنزلية.
وإذا ما فرضت على الموظف، فسوف يطالب بأجور أعلى للتعويض، ويزيد من تكاليف العمالة بشكل غير مباشر، ويؤدي إلى نفس الانخفاض في العمالة والأجور المنزلية. وفي كلتا الحالتين، تكون النتيجة واحدة، ويتم تقاسم عبء الاقتطاعات بين الشركات والعمال.
وقال التقرير إنه “نظرا لبيئة الأردن الصعبة والخيارات المحدودة نسبيا، هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لتعزيز فرص العمل ولتكملة الإصلاحات المقررة لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز مرونة سوق العمل”.
وقال التقرير إنه ومع محدودية خيارات السياسة التقليدية، ينبغي النظر بجدية في تدابير العمالة النشطة. وبالنظر إلى أن البيئة الإقليمية الصعبة من المرجح أن تستمر، مع محدودية الحيز المالي والسياسة النقدية التي تركز على دعم ربط سعر الصرف، هناك عدد قليل من أدوات الاقتصاد الكلي التقليدية المتاحة لتعزيز النشاط ونمو الوظائف. ومع ذلك، قد يكون هناك مجال لرفع العمالة عن طريق معالجة بعض العقبات الرئيسية التي تعيق خلق فرص العمل.