فيلادلفيا نيوز
رفع مجلس الأمة، اليوم الأحد، رده على خطاب العرش السامي، الذي تفضل جلالة الملك عبدالله الثاني بإلقائه في الخامس عشر من الشهر الجاري، في افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة التاسع عشر.
وأكد رئيس مجلس الأعيان، فيصل عاكف الفايز، في رد المجلس على خطاب العرش، الذي ألقاه في الديوان الملكي الهاشمي، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، أن الأردن على مشارف حقبة جديدة من التجربة السياسية، لافتا إلى مراحل التحديث والتطوير، التي دشنها جلالة الملك، على رأس مئوية الأردن الأولى، وفي منطلق مئويته الثانية، التي ستكون، بحكمة جلالته مئوية للنهضة الشاملة، سياسيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا، بخطوات ثابتة، تبني وتعزز المكاسب والتضحيات التي قدمها الأردنيون جميعا ضمن برامج واضحة، متدرجة ومدروسة.
من جهته، أكد رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي أن الطريق الآمن لتحقيق التحديث مع الحفاظ على المكتسبات وصون الاستقرار وحمايته يكون بالانتقال ضمن برامج واضحة الأهداف، معتبرا حزمة التعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب وتوجيهات جلالة الملك المستمرة لإحداث إصلاح إداري واقتصادي، مؤشرا فعليا لتجاوز مرحلة الأماني إلى مرحلة التنفيذ والإنجاز.
وفيما يلي نص ردي مجلسي الأعيان والنواب على خطاب العرش السامي:
رد مجلس الأعيان:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين،
محمد النبي العربي الهاشمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين
حضرة صاحب الجلالة الهاشمية …
الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم …
السلام عليكم أبا حانيا على أسرتكم الأردنية المحبة…
والسلام عليكم قائدا ملهما لأمتكم العربية والإسلامية…
والسلام عليكم مليكا معززا لأردن السؤدد والعز والكرامة….
سيدنا صاحب الجلالة،
نتشرف في هذا اليوم الأردني، وفي هذه الرحاب الطيبة، بيت الأردنيين وقبلة أفئدتهم، بالوقوف بين يدي جلالتكم الشريفتين، لنتقدم من مقامكم السامي، بأسمى آيات الولاء والوفاء، وأصدق الشكر والعرفان، لتفضل جلالتكم بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة التاسع عشر.
مولانا المعظم،
نحن على مشارف حقبة جديدة من تجربة الأردن السياسية، وقد دشنتم يا مولانا، بإرادتكم السامية، ونظرتكم المستقبلية الملهمة، مرحلة من مراحل التحديث والتطوير لوطننا، على رأس مئويته الأولى، وفي منطلق مئويته الثانية، التي ستكون بإذن الله، بحكمة جلالتكم مئوية للنهضة الشاملة، سياسيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا، بخطوات ثابتة، تبني وتعزز المكاسب والتضحيات التي قدمها الأردنيون جميعا ضمن برامج واضحة، متدرجة ومدروسة.
أولى بشائر هذه النهضة أمركم الملكي بتحديث المنظومة السياسية في مملكتنا الحبيبة، وضمانتكم الملكية السامية لنتائج عمل اللجنة التي أمرتم بتشكيلها، والتي ضمت جميع الأطياف السياسية والاجتماعية، وهذا دليل على ثقتكم بأن هذه الأطياف – وإن اختلفت وجهات نظرها وتباينت آراؤها- يجمعها حب الوطن والعرش، وهذا تأكيد من لدنكم بثقتكم بالأردنيين جميعا.
هذه الثقة، وهذا الإيمان، نابعان من ضمير جلالتكم المعبر عن ضمير كل أردني وأردنية، فأنتم يا مولانا الأب للأسرة الأردنية، ترعاها وتقف على حاجاتها، وتستشرف مواطن الخير لمستقبلها، وأنتم العباءة التي تجمع ولا تفرق، ونتـقـي في رحابها غوائل الزمن.
صاحب الجلالة،
أنتم قائد المسيرة وحامي الدستور، ورمز الدولة التي تنظر إلى جميع مواطنيها بالمنظور ذاته، ولأن معيارها المواطنة، والوقوف على مسافة واحدة من جميع أبنائها وبناتها، أساسها سيادة القانون، ولأننا – بإذن الله – مقبلون على حياة سياسية برامجية حزبية فاعلة، ستصل بنا إلى مرحلة البرلمانات البرامجية والحزبية، كان لا بد من صون مؤسسات الدولة وأفرادها من التجاذبات الحزبية، فجاءت منظومة التشريعات المقترحة، لصون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، والمؤسسات الدينية، والمؤسسات الرقابية، والسياسة الخارجية، والجهاز القضائي، وغيرها من مواقع المسؤولية ومواطنها، والخدمة العامة، التي يجب أن تخدم جميع الأردنيين والأردنيات بتجرد وحياد ، بما فيها المؤسسات التعليمية.
صاحب الجلالة،
إننا في مجلس الأعيان نعاهد جلالتكم أن ضمانتكم السامية أمام شعبكم الوفي لمنظومة التحديث السياسي ستكون النبراس الذي نهتدي به في مناقشاتنا التي ستكون مثالا للإيجابية والفاعلية.
صاحب الجلالة،
صاحب الجلالة،
التحديث يا مولاي هو دأبكم الذي مارستموه، ودافعتم عنه طوال سنوات قيادتكم الحكيمة، وما الأوراق النقاشية الملكية إلا ترجمة حقيقية لرؤية جلالتكم في بناء الأنموذج الديمقراطي الأردني، وقد حرصت منظومة التحديث السياسي على أن تعكس مضمون هذه الأوراق، فيما يخص الانتقال إلى نهج البرلمانات الحزبية البرامجية، ووضعت التوصيات التي من شأنها إحداث تغيير ثقافي، عبر إرساء الحوار والتوافق كنهج وطني، والعمل على توسيع مشاركة الشباب والمرأة، والحرص على ممارسة المواطنة الفاعلة.
وانطلاقا من توجيهاتكم السامية المستمرة باتجاه التطوير والتحديث الشامل، تأتي ضرورة أن تكون البداية من التغيير في ثقافة الفرد والمجتمع، وصولا إلى التشريعات السياسية، والبيئة الاقتصادية، والبنية الإدارية للدولة، عبر برامج شمولية، متوازية، ومرتبطة بآليات ووسائل واضحة للمراقبة والمحاسبة، وفق مقتضيات الدستور والقانون، وجزء أصيل من هذه المراقبة، ستكون مرتبطة بالمواطن الأردني الواعي، ونابعة من علمه أن دوره في العملية السياسية ضروري وأساسي، وأن صوته في قضاياه الوطنية مسموع، عبر أحزاب تعمل وفق برامج واضحة، تعبر عن تطلعاته، وتكون لصيقة باحتياجاته، تتسم بالشفافية والصدق، لا هم لها إلا الهم الوطني، ومصلحة المواطنين.
وهنا تتجلى أهمية دور الشباب والشابات، الأردنيين والأردنيات، حاضر الوطن وعماده، ومناط الأمل بمستقبل مشرق، ومجتمع ديمقراطي منفتح. وليس بأقل منه دور المرأة الأردنية، نصف المجتمع، والمسؤول الأول عن غرس القيم الأصيلة والنبيلة في أبنائه وبناته، بالممارسة أولا، ثم بالتنشئة الواعية، لتكون النتيجة مجتمعا واعيا وفاعلا، وقادرا على محاكاة الواقع والمستقبل.
صاحب الجلالة،
إن مجلسكم يؤكد على توجيهاتكم السامية بضرورة وضع برامج واضحة متصلة بمساري التحديث الاقتصادي والإصلاح الإداري، لتجاوز نتائج وباء (كورونا) وتبعاته، وتجديد الثقة ببيئتنا الاستثمارية، وقطاعينا العام والخاص، وتوفير الفرص الواعدة للقوى العاملة الأردنية المؤهلة، وتكريس مبدأ أن كل من يعمل في الدولة هو خادم للأردنيين، وأن يكون التعاون المرن أساسا لعلاقتنا مع الحكومة في سعيها للتطوير الشامل، سياسيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا، فالتحديث المنشود، ليس مجرد تشريعات أو حزمة قرارات، بل هو خطة عمل وطنية، تحتاج إلى برنامج متكامل قابل للتطبيق الواقعي والقياس.
صاحب الجلالة،
سيبقى منتسبو قواتنا المسلحة الباسلة، الجيش العربي المصطفوي، وأجهزتنا الأمنية، العاملون فيها والمتقاعدون، الدرع الحامي، والحافظ الأمين، للأمن والأمان، فمنتسبوها هم العزوة والسند، للوطن وقيادته.
ولأن خطهم قد رسمته ثورة العرب الكبرى، وقادتها الهاشميون الأطهار، ستظل جميع القضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين الحبيبة، على سلم أولوياتهم، كما هي أولى أولويات جلالتكم، فأنت الحامي والوصي على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية كابرا عن كابر، وكلنا في ركبكم سائرون.
صاحب الجلالة،
نقبل على هذه المرحلة الجديدة من عمر وطننا في المئوية الثانية، ونحن نحمد الله أن من علينا بقيادة حكيمة، تقدم كل ما فيه مصلحة شعبها، وهذا نهج الهاشميين الأطهار الذي لم يحيدوا عنه يوما، أدامكم الله للأردن قادة، وللأردنيين مثالا وقدوة، وحفظكم وولي عهدكم، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني بخير حفظه، وسدد على دروب الخير خطاكم.
مولانا المعظم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
رد مجلس النواب:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبي الرحمة والسلام النبي العربي الهاشمي الأمين وعلى جميع المرسلين المصطفين.
مولاي حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله وأعز ملكه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يشرفني وأعضاء مجلس النواب وبكل معاني الفخر والاعتزاز أن نشكر جلالتكم لتفضلكم بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس النواب التاسع عشر، وأن نمثل أمامكم لنرفع إلى جلالتكم رد المجلس على خطبة العرش السامي.
صاحب الجلالة،
جاء افتتاح هذه الدورة متزامنا مع مناسبتين عزيزتين، لهما في قلوب الأردنيين ووجدانهم المكانة الأسمى، استقبال المئوية الثانية لتأسيس دولتنا الأبية، وذكرى ميلاد الفارس الهاشمي، باني الأردن الحديث، الحسين بن طلال – طيب الله ثراه- .
وإننا إذ ندخل المئوية الثانية بعزيمة أرسى الهاشميون قواعدها الراسخة على أساس الحق والعدل والحرية، فإننا نعي حجم التحديات التي تواجهنا لتحقيق طموحات الأردنيين وأمانيهم، التي تجسدونها جلالتكم في رؤاكم الاستشرافية وتوجيهاتكم السديدة.
فقد جاء خطابكم السامي إضاءة كاشفة، تحدد الأولويات التي ترسم ملامح الطريق الأوضح للارتقاء بالأردن دولة يفخر مواطنها بالانتماء إليها – كما أشرتم جلالتكم – ويعتز بنسبه إليها.
صاحب الجلالة،
إن مجلسنا يبارك رؤاكم الإصلاحية الحكيمة، فالطريق الآمن لتحقيق التحديث مع الحفاظ على المكتسبات وصون الاستقرار وحمايته يكون بالانتقال ضمن برامج واضحة الأهداف، وفي هذا السياق نثمن – سيدي – مشروعكم السياسي القائم على أساس مهام التحول الديمقراطي، وما حزمة التعديلات الدستورية وقانونا الانتخاب والأحزاب وتوجيهاتكم المستمرة لإحداث إصلاح إداري واقتصادي، إلا مؤشر فعلي لتجاوز مرحلة الأماني إلى مرحلة التنفيذ والإنجاز، لقد أكدتم – سيدي – على البيئة الحاضنة للحياة الحزبية، التشريعية منها، والرقابية التي تعد ركيزة أساسية لتشكيل برلمانات وحكومات قادرة على عبور المئوية الثانية بأمان.
صاحب الجلالة،
إن إدامة مؤسسات الدولة بمختلف مجالاتها، السيادية والدينية والتعليمية والرقابية ورفدها بما يعزز قواعد عملها ويرسخه، واجب وطني، ففي ذلك قوة للدولة وصون لمكتسباتها، وتعزيز لأمنها واستقرارها، نؤمن – يا سيدي- أن وطننا يحميه جيش عربي مصطفوي وترعاه أجهزة أمنية محترفة، ولهم منا ومن الأردنيين، تحية الاعتزاز والتقدير مؤكدين دعمهم عاملين ومتقاعدين.
صاحب الجلالة،
لقد أحيلت إلى مجلسنا مشاريع القوانين الناظمة للحياة السياسية وسنعمل بكل حرص وأمانة على دراستها واضعين نصب أعيننا معالجة مشكلتي الفقر والبطالة ورفع المستوى المعيشي لأبناء الوطن، ونعدكم يا سيدي أن نحقق كل معاني الارتقاء في الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي بشراكة فاعلة وتعاون مرن بين السلطات.
صاحب الجلالة،
إننا على قناعة مطلقة بأن الشباب والمرأة يشكلان على مر التاريخ رافعات جبارة قادرة على أن تكون ركائز حقيقية في التطوير والتحديث على كل المستويات.
ولذا سنسعى جاهدين لتمكين الشباب والمرأة ضمن إطار التكامل الوطني لبلوغ الإصلاح السياسي المنشود.
مولاي المعظم،
لقد استمع إليك شعبك الأبي مباركا ومؤيدا عندما قلت لاءاتك الثلاث: لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا للمساس بالقدس، إن ذلك ليس غريبا عليكم آل البيت، فها هو التاريخ ما زال يردد صدى كلمات جدكم الشريف الهاشمي الحسين بن علي – طيب الله ثراه- مخاطبا الوفود العربية عندما جاءت لمبايعته بالخلافة : (واقتبس هنا) “لا أتنازل عن حق واحد من حقوق البلاد، لا أقبل إلا أن تكون فلسطين لأهلها العرب، أقول لأهلها العرب لا أقبل التجزئة ولا أقبل الانتداب ولا أسكت وفي عروقي دم عربي عن مطالبة حكومة الانتداب بالوفاء بالعهود التي قطعتها للعرب” (انتهى الاقتباس).
وستظل القضية الفلسطينية والقدس هاجس الضمير وديدن النفس، فأنتم صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية التي تستمد قوتها ووجودها من خلال الحفاظ على عروبة القدس وهي حجر الأساس في الوقوف ضد مشروع التهويد، وإننا سنكون دوما مع حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني المناضل وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
صاحب الجلالة،
حفظكم الله نصيرا للحق والعدالة وحفظ الأردن حصنا منيعا يعربي الهوى والانتماء، وحفظ الله صاحب السمو الملكي الشبل الهاشمي الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد الأمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
وحضر تلاوة الرد على خطاب العرش السامي، رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، ورئيس المجلس القضائي محمد الغزو، ورئيس المحكمة الدستورية هشام التل، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي، ووزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة.