فيلادلفيا نيوز
اصبح دور السلطة القلسطينية اكثر حساسية بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، و الانتقال الى عملية سياسية و ادارية حرجة. و يمثل هذا الدور محور الجدل الأبرز في خطط “اليوم التالي”، مع ما يواجهها من تحديات امنية و سياسية و اقتصادية هائلة.
تتمحور الفرص المتاحة للسلطة الفلسطينية حول اكتساب شرعية دولية وإقليمية جديدة لقيادة المرحلة الانتقالية وربط غزة بمسار سياسي أوسع. و هنا فان الاردن و الدول العربية، ترى انه من الضروري ان تقوم السلطة بدور اساسي في غزة و في القضية الفلسطينية بشكل شامل، لان ذلك من شأنه ان يبقي حل الدولتين مطروحا و حيا. ان ابقاء السلطة الفلسطينية في محور الحل، يضمن للدولة الفلسطينية وجدود حاضنة عربية فعالة، و يعزز فرص الانتقال الى عصر الدولة. و من الملفت هنا ان اعلان السلطة التزامها بإجراء اصلاحات سياسية و هيكلية، ساعد على إقناع بعض الدول الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية مؤخراً، مما يعزز موقفها التفاوضي دولياً نحو إقامة الدولة المستقلة الموحدة.
و تعتبر إعادة إعمار غزة مهمة استراتيجية حيوية ستتيح للسلطة فرصة للعودة الشرعية عبر بوابة الخدمات بدلاً من البوابة الأمنية. اذا بادرت السلطة بقيادة خطة اعادة الاعمار فان ذلك سيحقق لها وجودا ميدانيا يمنحها شرعية متجددة و شراكة فعالة مع الجهات المانحة، وخاصة الاتحاد الأوروبي مبنية على القبول الشعبي و الشفافية و الحوكمة السليمة.
و من المهم ادراك ان السلطة تواجه تحديات جمة في الضفة اصلا، اضافة الى غزة، و الخارج. اكبر تحديات السلطة هي العداء الاسرائيلي الرسمي و العملي لها كنواة لدولة فلسطينية، و بالتالي اعاقتها عن القيام باي دور ايجابي في موضوع غزة. ان اصرار إسرائيل على ان تحتفظ بالسيطرة الأمنية في غزة يهدد اي بارقة امل لتحقيق و لو نوع بسيط من انواع السيادة. و تصر اسرائيل على موافقة دولية على بدائل للسلطة الفلسطينية في غزة مما يقلص الفرص في حلول سياسية واقعية و مستدامة.
و في خضم كل ما سبق، يبقى الإصلاح والوحدة الوطنية هما عوامل نجاح المراحل المقبلة على طريق حل الدولتين. ان غياب التوافق الداخلي يعد العقبة الكبرى في امتلاك شرعية العمل على الارض. و يتطلب ذلك تجديد القيادات لاعادة اكتساب المصداقية من الشعب الفلسطيني اولا، و من العالم ثانيا. يلي ذلك قيام السلطة بإجراءات إصلاحية شاملة و عميقة لاحقاق الحوكمة الرشيدة تعزيز الشفافية. و بشمل ذلك اعادة هيكلة الاجهزة الامنية و توحيدها تحت سلطات واضحة تستطيع تطبيق القانون.
لدى للسلطة الفلسطينية فرصة تاريخية، تكمن في الاهتمام العربي والدولي الهائلين، و اذا تم اقتناصها سيتم توحيد الضفة وغزة مرة اخرى تحت قيادة فلسطينية تمثل نواة حقيقية للدولة. شرط هذه الفرصة هو تطبيق إصلاحات جذرية واستعادة ثقة الشارع من خلال مصالحات وطنية شاملة.
