فيلادلفيا نيوز
اقترح البعض تشكيل التيارات السياسية كبديل للاحزاب السياسية في الاردن مدعين ان معظم الاحزاب السياسية غير ناجحة بسبب سيطرة شخص او مجموعة من الاشخاص على تلك الاحزاب بالاضافة الى غياب برامجها الاصلاحية العملية و غيرها من الاسباب مما اضعف الاقبال عليها و همش دورها، و مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية تتجدد الدعوة الى تشكيل التيارات السياسية بهدف خلق التكتلات الانتخابية الحقيقية و تشجيع الناخبين للمشاركة في الانتخابات، حيث يقوم التيار السياسي بوضع برامجه السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تترجم مطالب جمهوره و يحملها مرشحيه الفائزين الى مجلس النواب. ان هذه الدعوة من الناحية النظرية جيدة و هي هدف نأمل ان يتحقق سواء كانت كتل المرشحين من الاحزاب او التيارات و لكنها من الناحية العملية تواجه عدة عقبات كما انها غير كافية وحدها ان تشجع الناخبين على الانتخاب حيث انه بالاضافة الى غياب التكتلات الحقيقية و البرامج العملية يوجد هناك اسباب اخرى لعزوف غالبية الناخبين عن المشاركة في الانتخابات النيابية و منها ضعف الثقة بنزاهة الانتخابات النيابية و عدم الرضى عن القوانين الناظمة للحياة السياسية و منها قانون الانتخاب لمجلس النواب و تدني سقف الحريات السياسية و سيطرة الدولة على معظم الصحافة و الاعلام و تفشي المال السياسي و الانتخاب على الاسس العائلية و المناطقية و تعزيز الحكومة لدور نواب الخدمات، و عليه يجب ان تترافق الدعوة الى تشكيل التيارات السياسية مع دعوة اخرى الى الحكومة لتبني نهج الاصلاح من خلال عقد مؤتمر وطني للاصلاح السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي قبل او بعد الانتخابات النيابية القادمة يؤسس لعهد جديد من الديمقراطية في الاردن و اهم عناوينه الحكومات البرلمانية و ينقذ الاقتصاد الوطني من الانهيار و يحقق العدالة الاجتماعية.
ان رمي الكرة في ملعب الشعب دون ملعب الحكومة يمنح الحكومات المتعاقبة صكوك الغفران و يحول المظلوم الى ظالم و يضع عبء فشل الديمقراطية في الاردن على كاهل الشعب الاردني وحده. انه ليس من العدالة ان نطلب من الشعب الاردني ان يخوض تجربة جديدة دون تحقيق شروط نجاحها حتى لا يقال بعد ذلك ان الشعب الاردني غير مؤهل للديمقراطية بعد حيث لم يستطع تشكيل تيارات سياسية كما لم يستطع تشكيل احزاب سياسية ناجحة. هل المشكلة في الاحزاب السياسية ام في البيئة التي تعمل بها تلك الاحزاب و في القوانين الناظمة للحياة السياسية في الاردن؟ هل ستكون تجربة التيارات السياسية انجح من تجربة الاحزاب السياسية في ظل بقاء نفس البيئة و نفس القوانين؟ كيف لشعب لم يتعلم الديمقراطية في المدارس و الجامعات و وسائل الاعلام و العمل و غيرها من مجالات الحياة ان يشكل تيارات سياسية او احزاب سياسية ناجحة؟ كيف لشعب يخاف مشاركة منشور او وضع اشارة اعجاب على منشور في وسائل التواصل الاجتماعي ان يشكل تيارات سياسية او احزاب سياسية ناجحة؟ كيف لشعب انصبغَ الكثير من ابنائه بلون التيار الاسلامي السياسي الذي انفرد بالساحة الاردنية منذ اعلان العمل بالاحكام العرفية عام 1957 الى ان تم تجميد العمل بها و استئناف الحياة البرلمانية و الحزبية في الاردن عام 1989 ان يؤلف تيارات او احزاب سياسية علمانية او قومية او أممية؟ كيف لشعب ان يفكر في السياسية اصلاً و هو يفكر في دعم الخبز؟ على الحكومة ان تعترف باخطائها و اخطاء الحكومات السابقة و تتوقف عن التأجيل و شراء الوقت و الاختباء وراء طروحات هولامية و دس السم بالعسل و العمل على ارباك المواطن بالقرارات المتناقضة و تعليق فشلها على شماعة وباء كورونا المستجد و احداث الاقليم الملتهب و ان تبادر الى الاصلاح و الا سيستمر معظم الشعب الاردني بعدم المشاركة في لعبة الديمقراطية الشكلية و اهم ادواتها انتخابات مجلس النواب.
بالرغم من كل ما تقدم فانني ادعو الى تشكيل التيارات السياسية ان امكن كما ادعو الاحزاب السياسية الى تشكيل التكتلات لخوض الانتخابات النيابية القادمة و ادعو الناخبين الى المشاركة بهذه الانتخابات مع تغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار باختيار الكتل الافضل في محاولة لتحسين اداء مجلس النواب القادم حيث ان الانتخابات ستجري بكل الاحوال و واجبنا ان نقلل الضرر قدر الامكان ان لم نستطع منعه حيث ان اضاءة شمعة خير من لعن الظلام، و بنفس الوقت ادعو الحكومة ايضاً الى عقد مؤتمر وطني للاصلاح لان واجب الحكومة ان تزرع الامل في نفوس الناخبين و تطلق عملية الاصلاح الحقيقي.