فيلادلفيا نيوز
لا بد من الاعتراف وانت تقرأ صفحات كتاب ” القرار ” لرئيس الوزراء الاردني الأسبق مضر بدران بحجم المعلومات الكبيرة والدقيقة التي احتواها هذا الكتاب والذي صدر قبل شهرين وتحدث فيه عن الحياة السياسيه والاقتصادية في البلاد في الفترة الممتده من منتصف السبعينيات ولغاية الربع الاول لعقدالتنسعينيات من القرن الماضي.
وحقيقة أُخرى يجب ان تُذكر وهي ان الرجل كان صانع قرار ، سواء على الصعيد السياسي والأمني او الاقتصادي ، وقد انجز الكثير وهذا ثابت بالحقائق والمعلومات وكان رجل دولة بكل ما تحمل هذه الكلمة من خصائص وسمات رجل الدوله ، ولا يمكن مقارنته برؤساء الوزراء والذين تسلموا المسؤوليه خلال العقدين المنصرمين لا من حيث شجاعته في اتخاذ القرار او حجم المسؤوليات التي تحملها بحكمة وثبات ،
والفرق الشاسع بينهم وبينه حيث لا وجه مقارنة أبداً.
.
وكنت كلما أقرأ صفحةً من كتابه ، احمد الله على ان الرجل أباح بما في جعبته من معلومات ، لأهمية هذه المعلومات ، للسياسيين ، والمؤخرين للأجيال التي لم تعاصر تلك الأحداث ، وان كان حقيقة بقي لديه الكثير الكثير الذي لا يستطيع البوح به ، ربما لأقرب الناس اليه .
كنت قبل ان اقرأ له كتابه ، امتلك بعض المعلومات البسيطه عن شخصيته، الا انني وبعدما سبرت أغوار ما قاله تبين لي انني وكأنني لا اعلم عنه شيئا، وقد تيقنت تماما وانا استعرض بشخصيته ان العمل السياسي هو موهبه وطبع في ذات الشخصيه ، وكأن هذا الرجل قد خلقه الله ليكون صانع قرار ، بما امتلك من مقدرة عاليه جداً على التحليل ، والتنبؤ ، والشجاعه .
وكل ذلك يستطيع القارىء ان يتلمسه بوضوح. وهو يقرأ الأحداث التاريخيه التي تشكلت به ومن حوله .
كان له دور كبير في بناء البنيه التحتيه ، وإنشاء المؤسسات والمرافق العامه، والسدود ، وقناة الغور الشرقيه وصوامع الحبوب ، والمخابز الاليه والطرق وشبكة الكهرباء والتعليم وتطويره ، وكل هذه الإنجازات كان الرجل يذهب بنفسه الى دول الخليج والعراق ليطلب المساعدات الماليه دون غيره كما هو معروف لدى الاردنيين .
اكثر ما استوقفني وأحزنني في كتابه ماورد في الصفحه ٢٦٥ من الكتاب. وهو الاتفاق الذي تم بينه وبين الملك. فهد ووافق عليه عدد من اعضاء البرلمان الاردني الحادي عشر والذي أنتخب في عام ١٩٨٩ ضمن انتخابات حرة ونزيهه ، حيث تم الاتفاق على حل هذا البرلمان مقابل ان تسدد السعوديه ديون الاردن والبالغه ٧ مليارات آنذاك الا ان ان احتلال العراق للكويت في صيف ١٩٩٠م قد عطل هذا الاتفاق وألغاه .
حيث كانت التجربه البرلمانيه الاردنيه الوليدة مرعبة لدول الجوار .
مما يفسر لنا مساعدة دول الخليج للإطاحة بالتجربة المصريه قبل سنوات ودعمها لعبد الفتاح السيسي.
ما قاله مضر بدران في كتابه الذي عاصر فيه الملك حسين لأكثر من ربع قرن وشكل ما مجموع ٣٠٪ من سنوات حكم الملك ، هو في الحقيقيه أجوبه لكثير من الغموض الذي اكتنف احداث في تاريخ الاردن في تلك العقود الماضيه .
——
المحامي
حسين توفيق العجارمه
٦ تشرين الثاني ٢٠٢٠