فيلادلفيا نيوز
يُعد غصب العقار من الظواهر الجرمية التي تشكل تهديدًا مباشرًا لحقوق الأفراد واستقرار المجتمع، حيث يتمثل في استيلاء شخص على عقار لا يملكه دون وجه حق، سواء بالقوة أو بالتحايل مستغلًا ثغرات قانونية تحول دون ردع هذه الممارسات بفعالية.
ورغم أن القانون يمنح المالك الحق في استعادة عقاره من خلال القضاء، إلا أن إجراءات التقاضي لحين صدور قرار قضائي تمنح المعتدي فرصة لاستغلال العقار طوال فترة النزاع، مما يفرض تساؤلًا جادًا:
لماذا لا يتم منح الحاكم الإداري صلاحية التدخل الفوري لإخلاء العقار المغصوب؟
إن الحلول القانونية الراهنة لم تثبت فاعليتها في معالجة هذه الظاهرة، مما يتطلب إعادة تصنيف غصب العقار كجريمة جنائية يُعاقب عليها بالسجن والغرامة، بدلًا من اعتباره مجرد نزاع مدني. كما يستوجب الأمر منح الحاكم الإداري أو الجهات الأمنية صلاحية الإخلاء الفوري في حالات غصب العقار، دون الحاجة لانتظار الأحكام القضائية.
بالإضافة إلى ذلك، لا بد من وضع ضوابط صارمة لاعتبار أي شخص لا يملك عقد إيجار مغتصبًا للعقار، مع عدم الاعتداد بالعقود الشفهية.
إن تبني هذه الإصلاحات سيعمل على حماية حقوق المالكين وردع المعتدين ، وتقليل النزاعات العقارية التي قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماة ، بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار القانوني والاقتصادي من خلال فرض سلطة القانون على الممتلكات الخاصة.
تنص المادة 11 من الدستور الأردني على:
“لا يُنزع ملكية أحد أفراد الأردنيين إلا للمنفعة العامة وفي مقابل تعويض عادل وفقًا للقانون.”
ما يعني أن الملكية الخاصة مصونة دستوريًا، ولا يجوز المساس بها إلا وفق ضوابط قانونية واضحة. ومع ذلك، فإن الواقع يكشف عن ثغرة قانونية خطيرة تتعلق بحماية الملكية العقارية، حيث لم يُعالج قانون العقوبات مسألة غصب العقار كجريمة جزائية، مما يترك الملاك الشرعيين في مواجهة اعتداءات صارخة دون حماية قانونية فعالة.
في الوقت الذي جرم فيه المشرّع السرقة بجميع صورها غافلًا الأثر المدمر لوضع اليد غير المشروع على العقار، وحرمان المالك من الانتفاع بممتلكاته.
فما الفائدة من أن يكون الشخص مالكًا للعقار، بينما هو محروم من حقه في استخدامه بسبب غاصب استولى عليه دون وجه حق؟ إن من يملك العقار يملك حق المنفعة عليه، وأي استيلاء غير قانوني يجب أن يُعامل كجريمة جنائية وليس مجرد نزاع مدني.
تكررت حالات الاستيلاء على العقارات دون سند قانوني، بسبب غياب نصوص جزائية تردع المعتدين، وإنني على اطلاع أن هناك العديد من القضايا التي قيدت في أروقة القضاء ،وطالت مدة فصلها لعدة سنوات وتم نظرها كنزاع مدني بحت ، ولكن في واقع الأمر هي ليست الا اعتداء واضح على ملكية الغير، ما كان يستوجب إزالة اليد الغاصبة لطالما ان وضع يده كان باطلا وبطرق احتيالية ذكية لتضفي على تصرفه انه نزاع مدني أساسه عقد إيجار او ضمان لذات العقار المغصوب واحدى هذه القضايا حاليًا هي:
• لشخص يمتلك “روف” في أحد المباني، لكنه تفاجأ بأن أحد أصحاب السوابق قام بسكن العقار دون عقد ايجار من المالك فقط ، ولم يدفع الأجرة طوال ثلاث سنوات! إلى الآن ورغم الشكاوى المتكررة، لم تتمكن الشرطة ولا الحاكم الإداري ولا القضاء من حل القضية إلى الآن، بسبب غياب نص قانوني واضح يجرّم الفعل كجريمة جنائية.
• الاستيلاء على العقارات بحجة عقود إيجار شفهية، حيث يلجأ الغاصبون إلى التحايل والادعاء بأنهم مستأجرون، رغم عدم وجود أي عقد موثق، مما يعطل إجراءات استرداد العقار.
لقد أصبح من المعروف لدى أصحاب السوابق أن غصب العقار لا يشكل جريمة جزائية بمجرد الادعاء بوجود عقد إيجار أو اتفاق غير موثق، مما جعل هذه الظاهرة تنتشر كأسلوب احتيالي للاستيلاء على ممتلكات الغير.
لذلك،أصبح من الضرورة :
*تصنيف غصب العقار كجريمة جنائية مستقلة، تُعاقب بالسجن والغرامة، دون الحاجة لانتظار دعاوى مدنية.
* منح الحاكم الإداري والجهات الأمنية صلاحية الإخلاء الفوري في حالات غصب العقار.
*عدم الاعتداد بالعقود الشفهية ، بحيث يكون عبء الإثبات على من يدعي وجود علاقة تعاقدية.
* مع تشديد العقوبات على المعتدين، لمنع استغلال الثغرات القانونية .
إن غياب نص قانوني واضح يجرّم غصب العقار كجريمة جزائية أدى إلى استغلال هذه الثغرة من قبل المعتدين، مما يهدد حقوق الأفراد والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
إن حماية الملكية الخاصة هي ضرورة لحماية النظام القانوني والعدالة في المجتمع.
آن الأوان لسد هذه الثغرة القانونية، وإقرار تعديلات تشريعية تمنح المالك حقه في استعادة عقاره بسرعة وعدالة، وتجعل من غصب العقار جريمة لا يفلت مرتكبها من العقاب.
