فيلادلفيا نيوز
يختلط الحابل بالنابل عند الحديث عن المعارضه في الاردن ما بين معارضه للحكومه و اخرى للدوله . نرى ذلك يظهر عند جلسات الثقه للحكومات و جلسات مناقشه الموازنه في مجلس النواب او عند مناقشه سياسات الحكومه الاقتصاديه و غيرها من مناسبات . يدعي معظم الذين يتصدرون المعارضه بانهم معارضو حكومات لا معارضو دوله ، بينما يلجأ الطرف الاخر الى وصفهم بانهم يعارضون الدوله ككل و بشكل مستمر ، و بأنهم يتخذون من المعارضه مهنه و غايه في حد ذاتها لا كوسيله للاصلاح .
ان مفهوم المعارضه في الاردن تائه و بحاجه الى كثير من المراجعه و اعاده التقييم و الاجراءات الحكوميه الاخيره و ما تبعها من معارضه دليل على ذلك .
يعلم الجميع بان هناك اختلافآ كبيرآ بين الحكومه و الدوله كمفاهيم و لا يصح استخدامهما بشكل تبادلي ليعني احدهما الاخر. مع وجوب القول ان سبب الخلط بينهما كان في كثير من الاحيان هو الحكومات ذاتها التي تحاول تجنب المسؤوليه المباشره لافعالها او هفواتها بالاختباء خلف عباءة الدوله و التصرف و كأنهما طرف واحد و يصبح معها انتقاد الحكومه هو انتقاص للدوله و هيبتها .
ان الدوله اكبر و اعظم من ايه حكومه ،انها القياده التاريخيه الشرعيه و النظام المتكامل بشعبه الذي هو مصدر السلطات .
و ما الحكومه الا احد اذرع الدوله تتغير و تتبدل حسب الظروف باشخاصها و سياستها. اما الدوله فهي راسخه و ثابته ثبات القياده و الشعب يجمعهما تاريخ حافل و مستقبل واحد . أن الخلط بين المفهومين لا بد له من توضيح اذ ان الدولة ليست ملكا خاصا للحكومة فالحكومات تتغير و تتبدل لكن الدولة لا ترحل برحيل الحكومة و هذا الامر يحتم علينا جميعآ ان نتفق على الاهداف العليا و من حقنا ان نختلف على الوسائل .
لا بد لأيه جهه تدعي المعارضه ان تحدد انها تعارض الحكومه في سياسات بعينها و ان تكف عن الاتهام المسبق و بشكل مستمر . اننا نجد ان الحكومات في الاردن تتغير بشكل مستمر و المعارضه هي المعارضه . ايعقل ان تبقى جهه ما معارضه لعده سنوات و لعدد من الحكومات و في جميع المواقف !! ان ذلك اعتراض على الدوله ووجودها و بالتالي تشكيك لشرعيه المعارضه ذاتها لانه خروج عن نطاق الكيان الواحد و المظله التي تحوينا جميعآ .
و في ذات الوقت فانه لا ينبغي لأيه حكومه ان تستمد من رصيد الوطن و قيادته لمواجهه معارضيها و دفعهم نحو التطرف و ذلك بان تدعي احتكار الحكمه و الحقيقه . بل عليها العمل على تكريس مبدأ سيادة القانون و هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وحكومه ، لحكم القانون في الافعال قبل الاقوال و هذا ما ذهب اليه جلاله سيدنا بالورقه النقاشيه السادسه ، فمبدأ سياده القانون هو أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها. وعليها ايضآ تفعيل المشاركه الحقيقيه لمؤسسات المجتمع المحلي في الشأن العام .
الحكومه و المعارضه يتحملان مسؤوليه كبيره و لكل وظيفته و دوره ، و ان التاكيد على معرفه طبيعه عمل الحكومات و مكانها السليم في ظل دوله سياده القانون يشكل ركيزه اساسيه على طريق ارساء علاقه صحيه و منتجه بين التأييد و المعارضه للبرامج الوطنيه .