فيلادلفيا نيوز
لا يحظى المشروع الاثيوبي في ما يسمى “سد النهضة” بالاهتمام العربي او الدولي المناسبين. فاقامة السد بهذه الطريقة تشكل تهديدا استراتيجيا للسودان و مصر، و ما هو ابعد من ذلك. تصل المسألة الى حد تهديد للامن المائي العربي ككل. معلوم ان من اهم تحديات منطقتنا الاستراتيجية الوجودية هو الشح المائي.
بالامس اجتمع مجلس الامن الدولي بطلب من مصر و السودان لمناقشة الموضوع، و تم ترجيح العودة الى مفاوضات افريقية لحل الخلاف. و هو الامر الذي لم ينجح لغاية الان، و منذ اكثر من عقد من الزمان. اثيوبيا بدأت بعمل اكبر سد على نهر النيل في عام 2011 لانتاج الكهرباء للحاجة المحلية و للتصدير. المشكلة هي في الحجم الهائل للسد، و في رغبة اثيوبيا في تعبئته بسرعة، مما يؤثر على حصة السودان و مصر من نهر النيل بشكل مباشر، و يهدد التنمية الشاملة.
لم يتمركز الاهتمام العربي بهذا الموضوع الحيوي بشكل ملائم، و ماطلت اثيوبيا في التفاوض و كسبت الوقت و بنت السد. و الواقع هو ان الدراسات العلمية تشير الى ان المنطقة العربية ستعاني في المستقبل القريب من ازمة مياه حادة، خصوصا مع التغير المناخي السلبي، و ارتفاع درجة الحرارة و زيادة التصحر. و الحقيقة هي ان الشمال العربي يعاني ايضا، و بصمت، من سدود بنتها تركيا اثرت على الامن المائي العراقي و السوري. و قبل ذلك و اخطر منه، ما قامت و تقوم به اسرائيل، من الاستحواذ على مصادر المياه و حرمان الاردن و مناطق السلطة الفلسطينية منها، و بشكل ممنهج.
اخطار كثيرة قادمة على المنطقة العربية، منها ازمة مياه مرتقبة تحرمنا من موارد تنموية رئيسية. ان اوان اجماع عربي حيوي و حساس في موضوع المياه. لا بد من اعداد استراتيجية عربية موحدة للامن المائي يتم تنظيمها و تنسيقها اقليميا و دوليا. من غير اجندة و اهداف واضحة مبنية على وقائع و دراسات فنية و قانونية شاملة لمسألة المياه، لن نتمكن من ارساء العدالة او تأمين الاستدامة. المياه مسألة حيوية في صميم التنمية يجب معالجتها. هي اليوم من اعمدة التنمية، و اذا لم نتحرك بحكمة، فستتحول الى صراع للبقاء.