فيلادلفيانيوز
القوانين و الانظمة التي تحكم العمل العام مهمة و منها التي تركز على الاداء او النزاهة ، و كذلك الاجراءات و مدونات السلوك . كل هذه الادوات و غيرها تهدف الى ضبط ايقاع الادارة الحكومية و الحفاظ على المال العام . و قد يكون هناك شبه اجماع بين اهل القانون و المال و الادارة بان لدينا في الاردن ما يكفي من القوانين و السياسات و الاجراءات لتسيير الادارة العامة بكفاءة و فعالية ، و المفارقة اننا نعاني في نواح كثيرة من العمل العام .
من ركائز العمل الحكومي ، و لا تقل اهمية عن ما سبق ، هي الاعراف و التقاليد الحاكمة لسلوك الموظف العام .الأعراف و التقاليد هي كل ما هو غير مكتوب و لكنه يحترم و كانه قانون لانه يحظى بالاجماع و فيه يكون الوازع الداخلي و احترام الذات اكبر احيانا كثيرة من سطوة القانون الرادع . من علامة التقدم البشري هي الاقلال من القوانين و ليس الاكثار منها . الشعور الوطني العام بالسؤولية و الالتزام بقواعد النزاهة و النبل و الاعتماد على الضمير الانساني في الاداء من غير رقابة خارجية هو اساس التطور.
في مجتمعات كثيرة يطمح الناس في مزايا العمل العام على مستويات ادارية عليا على اختلاف انواعها و يعملون من اجلها ، و هذا حق مشروع . و لكن العمل لا يتوقف عند تولي المركز القيادي بل يزداد من اجل المحافظة على شرعية الاستحقاق . و مع ذلك ، فان الالتزام بالحدود الدنيا لكل ما هو مكتوب لا يحقق التميز . التميز تحققه اعراف و تقاليد راسخة تمنع المسؤول العام من التراخي او من الفساد ، سواء المالي او الاداري ، لان الالتزام الاخلاقي و نظرة المجتمع السلبية للموظف غير المسؤول اهم و اكبر بكثير من سطوة القانون مهما كان ناجزا .
هناك مؤشرات كثيرة على تغير الاعراف و التقاليد الادارية العامة الاردنية عبر الزمن و منذ بداية تأسيس الحكومات. و التغيير لا يبدو انه للافضل . بداية الحل تبدأ بالاعتراف بالمشكلة ، و علينا ان نعترف ان نظرتنا للمال العام تختلف عنها للمال الخاص . ان استباحة الموارد الحكومية او التنفع بها تحكمها قوانين و سياسات صارمة ، و لكنها ليست مدعمة بممارسات تحكمها اعراف اخلاقية ملزمة للجميع ، و الفجوة كبيرة .