فيلادلفيا نيوز
لوم الضحية ، من اساليب القوى المحتلة عبر التاريخ ، و كانت تعمل بسبل كثيرة على زرعه و تغذيته بشكل مستمر في نفسية الشعوب التي ترزخ تحت الظلم و اقناعها بانها مسوؤلة عن ما يلحق بها من اذى . فالمعتدي يكون دائما على وشك تهدئة موجة عدوانه ، و لكن المحاولات “الخاطئة” للضحية في الدفاع عن نفسها تؤدي الى التصعيد و الى المزيد من الالم !
استطاعت الصهيونية ان ترسخ هكذا منطق حتى ان بعض العرب قد تبناه قولا و فعلا. لقد اصبح لوم الفلسطينيين “موضة” العصر و مدعاة للتخلي عنهم ليواجهوا مصيرهم بانفسهم. و المأساة الكبرى هنا اننا لم نفهم طبيعة الحركة الصهيونية و فلسفتها القائمة على الفرز الديني و العنصري و الثقافي مع سيطرة على الارض . النموذج الصهيوني هو نقيض لكل ما يجب ان تكون عليه الاوطان ، و قد برهن التاريخ العربي الحديث كيف ان اتباع اشكال من هكذا نموذج يكون مدمرا و بشكل حتمي و ان طال الزمن .
فلسفتنا العربية يجب ان تكون نقيضا مباشرا لمبادىء الصهيونية ، و ان لا نقبل ان ننجر خلفها بانبهار او رهبة . لقد نجحت اسرائيل في اضاعة اولوياتنا من فلسفة وجود ، و ارض و تشريد شعب ، الى ان اصبحنا نحتفل بما نعتقد انه تنازلات مهمة كسلطة شكلية و سيادة وهمية و مفهوم نظري لحق العودة . ضاعت البوصلة و لم يبق لدينا الا لوم الفلسطينين ، و كأن ذلك يعفينا من المسؤولية التاريخية . من دلائل الانهزام ، المعنوي قبل المادي ، هو التشبث بنظريات المؤامرة و العمالة على حساب الوقائع و التي تفرض الاعتراف بالتقصير و تحمل نتيجة الخسائر بشجاعة و احتساب الدروس المستفادة .
ان صلب القضية عربي ، و ما حل بنا منذ مئة عام شاهد على ذلك . يجب ان نقاوم الصهيونية لانها تشكل خطرا استراتيجيا علينا كعرب اولا ، و ليس فقط لان من واجبنا دعم اشقائنا الفلسطينيين ، و الفارق جوهري بين المرتكزين . اذا استطعنا ان نعيد البوصلة الى التحدي الحقيقي فاننا سننجح في وضع منهجياتنا على الطريق الصحيح ، و سنحل عقدة الهويات المركبة من وطنية و دينية و مذهبية و عرقية و مناطقية ، حيث ستتكامل هذه الهويات بدلا من ان تتناقض .